lectures

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

khabar2409151


الخبر:


 أوردت وكالة فرانس برس تصريح وزير الخارجية الأمريكي يوم الثلاثاء 2015/09/22 الذي قال فيه "إن روسيا قد زادت من تواجد طائراتها الحربية في سوريا إلا أنه يبدو أن هذا الإجراء هو من أجل حماية القاعدة الروسية وليس من أجل شن هجوم".

التعليق:


 ظهر كيري وكأنه يدافع عن وجود القوات الروسية في سوريا. ومن المؤكد أن روسيا ما كان لها أن تتدخل بشكل علني وسافر في سوريا دون تنسيق مسبق مع أمريكا صاحبة النفوذ الحقيقي في سوريا. وقد عملت روسيا منذ بداية الثورة في سوريا على دعم النظام والحيلولة دون سقوطه في وقت لا تملك أمريكا البديل المناسب لنظام الأسد. أما تصريح كيري ومثله تصريح آشتون كارتر وزير الدفاع الأمريكي بعد لقاء نظيره الروسي الذي قلل من أهمية الوجود العسكري الروسي في سوريا فيفهم على عدة جوانب. أما الجانب الأول فهو أن أمريكا لا تزال تعتمد على روسيا في المحافظة على نظام أسد من الانهيار قبل حلول الوقت المناسب.


وهذا يظهر جليا من التنسيق المستمر والمحادثات التي لم تنقطع بين أمريكا وروسيا وأخيرا تصريح كيري. أما الجانب الآخر فيتعلق بوجود ترتيب لإنهاء الأزمة في سوريا ما يستوجب وجود قوة عسكرية قوية غير قوة إيران وحزبها في لبنان، بحيث تستطيع هذه القوة العمل على حفظ أركان النظام ومنع الفوضى التي قد تمكن جهات غير مرغوب فيها من السيطرة على الحكم في سوريا. وروسيا بقوتها العسكرية تصلح لمثل هذا الأمر أكثر مما تصلح له قوة التحالف التي شكلتها أمريكا لضرب تنظيم الدولة. أما الجانب الثالث والذي لا يتعلق مباشرة في سوريا وثورتها، فهو إدخال روسيا في حلبة صراع ملتهبة ما يؤدي إلى استنزاف طاقتها وقوتها والتأثير على مكانتها، ويذكر هذا بدخول الاتحاد السوفياتي السابق لأفغانستان تحت مسميات مشابهة كاستدعاء الأسد للقوات الروسية للتدخل كما حصل أيام رئيس أفغانستان نور الدين تراقي سنة 1979. وبهذا تكون أمريكا قد حققت عدة أهداف في آن واحد. فهي تحافظ على عميلها في سوريا إلى أن تتمكن من إعداد البديل المناسب كما صرح بتريوس أيضا حين قال "علينا أن نكون حذرين فلا نعمل على إزاحة الأسد قبل أن نتأكد من البديل". وفي الوقت نفسه فهي تعمل على توريط روسيا في مستنقع لا يمكن أن تخرج منه إلا دامية الأنف فارغة الوعاء. والحقيقة أن روسيا اليوم ليست بأحسن حال ولا أقدر سياسيا من سابقها الاتحاد السوفياتي، ما يعني أن تورطها في مستنقع سوريا لا محالة حاصل.

أما إعداد البديل عن أسد، فالظاهر أن أمريكا حتى هذه اللحظة غير قادرة على تسويق بدائلها العلمانيين المعتدلين وإن كثروا. فكثرة السلاح وحملته، وتعدد الكتائب والألوية، وتنوع الأفكار والمفاهيم بين جماعات الثوار، كل ذلك يجعل من تسويق البديل صعبا إن لم يكن مستحيلا. ومن هنا فإنه لا يستبعد أن تفسح أمريكا المجال من خلال نفوذها في سوريا وجيشها، لتمكين واحدة من الحركات التي تنعتها بالإرهاب من السيطرة على سوريا وإزالة حكم الأسد وتصفية أكثر الحركات المسلحة في سوريا ثم تجد نفسها وجها لوجه مع القوات الروسية. ومن شأن مثل هذا السيناريو أن يستنزف الوجود الروسي في سوريا وأن يضعف الحركة المتنفذة في سوريا، ما يجعل عملية إزالتها واستبدال كرزاي سوريا بها أمرا سهلا.

والحاصل أن زيادة الوجود الروسي في سوريا يوحي بأن خطة إنهاء الأزمة في سوريا قد بدأت، وأن أمريكا تريد أن تكون روسيا هي الطاحونة التي تطحن بها أرض الثورة لتأكل أمريكا من ورائها الدقيق. إلا أن الذي يغيب عن ذهن العقلية الأمريكية ومنظريهم أن ثورة سوريا قد تغلغلت في أعماق الشعب في سوريا ولم تبق محصورة في ثنايا القوات الثورية المسلحة. وبالتالي فإن القضاء على الحركات المسلحة أو احتواءها لا يعني أبدا القضاء على أفكار وتوجهات وطموحات الشعب في سوريا أو احتواءها. فهذه الأفكار والتوجهات والطموحات قد جبلت ليس بدماء الشهداء فقط بل وبأفكار الإسلام ومفاهيمه عن الحياة الدنيا. وأنى لأمريكا وأداتها روسيا وعميلتها إيران أن تستأصل ما أصله الإسلام أو تحتوي نوره الذي ملأ فضاء سوريا وامتد إلى ما حولها وما جاورها من بلدان.

 

﴿يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد ملكاوي

10 من ذي الحجة 1436
الموافق 2015/09/24م
المصدر: http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/index.php/contents/entry_51467