lectures

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

khabar261115

الخبر:


 أوردت وكالات الأنباء خبر رسوّ البارجة الأمريكية آرلنجتون في ميناء العقبة في لأردن يوم الخميس 2015/11/19.

التعليق:


 تأتي زيارة البارجة الأمريكية آرلنجتون للأردن بعد تزايد الحديث عن ضرورة استعمال قوات برية في الحرب ضد تنظيم الدولة وذلك في أقل من أسبوع من أحداث باريس. وقالت السفيرة الأمريكية "ليس لدى الولايات المتحدة الأمريكية شريك عربي أقوى من الأردن وأن الشراكة بين الأردن و الولايات المتحدة متينة، والأردن واحد من أكثر حلفائنا قدرة وصمودا، وأود أن أؤكد مجددا التزام الولايات المتحدة باستقرار الأردن وتنميته وازدهاره".

وكان ديفيد أوين وزير الخارجية البريطانية الأسبق قد نوه في مقال له في أيلول إلى ضرورة تفويض الأردن إلى تحقيق الاستقرار في الصراع داخل وحول دمشق والدفاع عن هذه المدينة كعاصمة متعددة الأديان. ويضيف أوين "أنه لا أحد يمكن أن يقوم بهذا التفويض سوى بلد واحد في المنطقة فقط وهو الأردن بما تتمتع به من قدرة عسكرية وإدارية ذات مصداقية يمكن أن تكون معتمدة ومدعومة من قبل دول المنطقة. وتكون بدعم وتفويض كامل من السلطة الدولية ممثلة في مجلس الأمن الدولي لذلك سيكون لديه فرصة مناسبة للنجاح"' وكان هولاند رئيس فرنسا قد أكد أن الانتصار على تنظيم الدولة يقتضي حربا برية إلا أن باريس لن ترسل قوات برية. ما يعني أن الدول الغربية مجمعة على أن أي عمل عسكري على الأرض ضد تنظيم الدولة لا بد أن يأتي من قوات عربية بالدرجة الأولى كالعراق والأكراد وبعض الفصائل السورية والتي يتواجد جزء منها على الأراضي الأردنية وجزء آخر على الأراضي التركية.

من هنا فإن زيارة البارجة الأمريكية للأردن جاءت لتؤكد على دور أساسي يلعبه الأردن في الأيام والأسابيع القادمة في إنهاء الأزمة السورية على النهج الذي تريده أمريكا والمتمثل بالقضاء على الثورة في سوريا من جهة ونقل السلطة في سوريا إلى جهة ترضى عنها أمريكا والحفاظ على علمانية سوريا. ولا شك أن أي دور يلعبه الأردن في هذا الصدد سيجعل أمن الأردن وحدوده عرضة لعدم الاستقرار، سواء أكان هذا الدور متمثلا بتوفير قاعدة لانطلاق قوات برية جرى تدريبها على الأراضي الأردنية من المنشقين عن الجيش السوري، أو قوات من الجيش الأردني، أو انطلاق طائرات حربية من المطارات الأردنية، أو الاضطلاع بدور تصنيف الجماعات المقاتلة في سوريا إلى إرهابية أو غير إرهابية. أم كان هذا الدور هو ما صرح به ديفيد أوين من عمل منظم للسيطرة على دمشق بعيد سقوط أو اسقاط بشار.

كل ذلك يعني أن الأردن سيتعرض إلى ضغوطات شديدة قد تؤدي إلى زعزعة استقراره وتعرضه لهجمات شديدة، وهو الأمر الذي يستدعي وجود دعم عسكري وتطمين دولي للأردن ودعم استقراره، وهو ما أكده ديفيد أوين في تصريحه الذي أكد فيه على ضرورة إعطاء الأردن تفويضاً ودعماً من قبل السلطة الدولية والتي تعني حقيقة أمريكا وأوروبا. وهو كذلك ما تعنيه زيارة البارجة الأمريكية للأردن وتصريح السفيرة الأمريكية بقولها "وأود أن أؤكد مجددا التزام الولايات المتحدة باستقرار الأردن". كل ذلك يدلل على أن الأردن منوط به أعمال تقتضي وجود دعم دولي وحماية من قبل أرباب الحرب في سوريا و العراق.

ومما لا شك فيه أن للأردن دورا رئيسا وبارزا لا بد أن يلعبه ويقوم به. ولكن هذا الدور ليس هو الدور الذي تفرضه أمريكا أو يقترحه ديفيد أوين أو تحدده له أوروبا وبريطانيا. بل هو الدور الذي يفرضه الإسلام عقيدة أهل الأردن ودين المسلمين فيها. وهو عين ما جاء في قوله تعالى ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا﴾. فالله تعالى يفرض على الأردن وتركيا وغيرها من بلاد المسلمين أن تحرك جيوشها لإنقاذ المستضعفين من الرجال والنساء والولدان في سوريا. ورسول الله عليه الصلاة والسلام يقول «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله» ويقول: «المسلمون كالجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد»، فما بالك إذا اشتكى ملايين المسلمين في الشام من القتل والتشريد والجوع والقهر. فكل ذلك يفرض على الأردن وغيرها من بلدان المسلمين ليس دورا تريده أمريكا، بل واجبا شرعيا يحتمه الإيمان بالله ورسوله. ثم إن هذا الدور يجب أن يكون ذاتيا، ولا يجوز أن يكون من قبل أمريكا وبريطانيا ولا بحمايتها. فحماية أمريكا ببوارجها أو بريطانيا بتعهداتها من شأنها أن تجعل الأردن وشعبه تحت الحماية الأجنبية وهي عودة للاستعمار الذي طالما تغنى الشعب بالاستقلال عنه والخروج من حماية الكافر المستعمر. فها نحن نعيد البلد وشعبه إلى الحماية والسيطرة والاستعمار بشكل مباشر. والله تعالى حرم على المسلمين أن يجعلوا للكافر سبيلا وسلطانا عليهم، وأي سلطان وسبيل أكبر من تحويل البلد إلى أداة طيعة لتحقيق أهداف وغايات الكافر المستعمر بغض النظر عن المسميات!

وأخيرا لا بد من التأكيد أن مشكلة سوريا وأزمتها ابتداء ليست مشكلة إرهاب كما تصورها أمريكا، بل هي مشكلة نظام جائر وطاغوت مستكبر وقهر مستمر للشعب بكافة فصائله من قبل حكام ظلمة عملاء أعلنوا عداءهم للأمة وشنوا على الأمة حرب إبادة. فالإرهاب في سوريا هو إرهاب الدولة أولا وآخرا، وما الثورات التي تحركت ضد هذا النظام إلا رد فعل بسيط وغيض من فيض إذا ما قورن بالقهر الذي مارسه هذا الحكم الجائر على شعبه. لذا فإن قبول الأردن أن يكون أداة للحرب على ما سمته أمريكا إرهابا لا ينسجم مع حقيقة المعركة والواقع السياسي في سوريا، بل هو انسياق لتنفيذ مخططات أمريكا في المنطقة.

وكان ينبغي على الأردن حكومة وشعبا وجيشا أن يكونوا رواد عز وكرامة في سبيل إعلاء كلمة الله ليس في سوريا فحسب بل ومن قبلها في الأردن ومن بعدها في سائر بلاد المسلمين.  ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد ملكاوي

14 من صـفر 1437
الموافق 2015/11/26م
المصدر: http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/index.php/contents/entry_53444