lectures

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

الدعوة لتدويل قضايا المسلمين انتحار سياسي

 

 


إن الحالة الفريدة التي تمر بالمسلمين من كسرهم لحاجز الخوف والمهابة من حكامهم رغم شدة
 بأسهم بهم وإراقة دمائهم والاعتداء على كل محرماتهم وحرمات دينهم لهي حالة جديرة أن لا نمر عليها مرور الكرام، فهي حالة حياة بعد طول سبات، وسكوت على الضيم والذل والظلم بل هي حالة حياة بعد موات، وشتان ما بين الموت والحياة ... قال تعالى: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (122) 

إن هذا التحول العظيم في حالة المسلمين لم يرق الكفار الغربيين، ولا عملائهم الفكريين في بلاد المسلمين، ولا جمهرة من الوسط السياسي وبعض الحركات التي تقتات على عمالة الغرب... وقد مكروا مكر الليل والنهار كي لا ينفك ارتهان الأمة الثائرة التي تريد الانفلات من عقال الغرب الكافر وترفع ذل نيره عن رقبتها، فبدؤوا بالظهور كعناوين للمرحلة المقبلة ودعاة تغير وإصلاح بظاهر من القول؛ ولكن هذا سرعان ما كشفت النية فيه وهي العودة إلى الارتماء في أحضان الغرب الكافر؛ وذلك عندما تحبط الأمة ويلفها اليأس فيتسلط عليها الغرب وعملاؤه من جديد.
ولو ذكرنا الدعوات للدولة المدنية العلمانية وإشاعة الديمقراطية واعتبار أن الدعوة للعود الحميد للإسلام والحكم به كاملاً دعوة مستحيلة، وأنها تنطوي على مذهبية وعودة للعصور القديمة وغير ذلك فإنها دعاوى كاذبة خاطئة تمكر بالأمة لتحول دون نهضتها النهضة الصحيحة بالإسلام التي تعيدها إلى سيرتها الأولى.
ومن هذه الدعوات الخطيرة الدعوة للحماية الدولية، والدعوة لتدويل قضايا الأمة الإسلامية باستجداء الغرب ليطعمها من جوع ويؤمنها من خوف كمن يستجير من الرمضاء بالنار.
ليعلم الدعاة إلى التسول والوصاية الدولية أننا أمة زاخرة بكل الخيرات والطاقات، خيرات فوق الأرض وفي باطنها، وتمتاز بموقعها في القلب من العالم، وتتمتع بطاقات فكرية متجسدة من مبدأ الإسلام عقيدة وأنظمة تعالج جميع شؤون الحياة، وتحمل رسالة للبشرية جمعاء يتعدى نفعه للعالم إذا ما أحسنا تطبيقه وأداؤه وظهوره على الدين كله ..ولدينا طاقة بشرية وعسكرية وروحية ومعنوية إذا ما جمعت في كنانة واحدة فلن تجد لها نظيراً في العالم أجمع، وهذا هو عين ما يخشاه المتربصون وعملاؤهم في بلاد المسلمين...
إن الدعوة للحماية الدولية ورهن قضايانا لمجلس الأمن لهي منكر عظيم وفتنة مهلكة وضياع لقضايا المسلمين وتشتيت لجهودهم بعد أن شارفت على الخير العميم, وهي دعوات لقطع الطريق على المخلصين الواعين أصحاب المشروع الريادي النهضوي الحقيقي.
وكأن دعاة الفتنة المهلكة هذه لم يدرسوا تاريخ هيئة الأمم وسبب إنشائها وأنها إنما قامت لضرب دولة الخلافة الإسلامية بتمزيقها وتقسيمها، وهذا عين ما حصل. فبيننا وبين مجلس الأمن ثأر لم يندرس مع تاريخ من العداء على أساس حضاري، فكيف نستجدي به؟!
أليس مجلس الأمن هو الذي تآمر على فلسطين؟ أليست دول مجلس الأمن الكبرى التي تستخدم الفيتو لمصالحها فقط هي المتآمرة على المسلمين منذ وعد بلفور، مروراً بقرار التقسيم وتشريد لاجئي فلسطين ودعم يهود، وتدمير العراق، وتقسيم السودان، والتآمر على الشيشان، وتدمير أفغانستان وغيرها من مجموع مصائبه التي لا تنسى... لقد كان مجلس الأمن هو الأداة الفعالة في تحقيق الغرب لأهدافه... فكيف يلجأ إليه وأمسه ويومه على هذا السوء، فكيف يكونون هم الخصم والحكم ؟!
إن التحاكم لمجلس الأمن وتسليمه لقضايانا انتحار سياسي وتنازل سيادي وتسليم الرقاب للأعداء وهو تحاكم للطاغوت وترك للتحاكم لكتاب الله وسنة نبيه، والله عز وجل يحذر قائلاً: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60)  كما وإن التدويل فيه تبري،ر للوجود العسكري والسياسي في بلاد المسلمين وذلك يجعل سلطانهم هو المتحكم في البلاد والعباد، وهذا منكر عظيم وجريمة كبرى تغضب الله رب العالمين حيث يقول: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا وهذه الدعوة تجعل الدول الكبرى هي صاحبة الوصاية على بلاد المسلمين ومقدراتهم، يخططون ويرسمون مصائر شعوبها في كافة القضايا والمجالات، وفي ذلك رهن لمقدرات الأمة بيد الكافر المستعمر.

إن حماية المسلمين المظلومين ورد الظلم عنهم من حكامهم هو حكم شرعي لا يجوز فيه أن نستعين بالمشركين عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَسْتَضِيئُوا بِنَارِ الْمُشْرِكِينَ» فكيف إذا كان من يتم الاستعانة بهم الآن وهم دول الغرب هم أنفسهم وراء هؤلاء الحكام، وهؤلاء الحكام هم عملاء لهم؟!

إن المطلوب في مقابل ذلك أن يستعين المسلمون بالمسلمين وعلى أساس الإسلام، وما يحدث في بلاد المسلمين من ثورات واضح فيها أنها ثورات تريد تغيير أنظمة الحكم. والتغيير الشرعي له طريقته الشرعية التي تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح. وهي تقوم على أن يقوم المسلمون برفع الظلم عنهم بإسقاط النظام وإحقاق الحق والعدل فيهم بإقامة حكم الله. وتقوم على نصرة أهل القوة لهذه الدعوة وذلك بالإسقاط الفعلي للنظام وتسليمه إلى من يستطيع أن يقيم حكم الله بين المسلمين. وتقوم على أن تقوم جماعة باستلام الحكم لكي يحكموا فعلاً بالإسلام. هذه هي الطريقة الشرعية النظيفة التي تعتمد على الإسلام والمسلمين دون غيرها قال تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)

 

 

مجلة الوعي

سعيد الأسعد – فلسطين