lectures

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

naser111113

pdf

"حقوق الإنسان!!"، تلك الكذبة الكبرى، والشعار البراق، والمصطلح الفضفاض الذي تلوكه ألسنة ساسة الغرب بعامة والأمريكيين بخاصة، والذي تتخذه الدول الاستعمارية ذريعة للتدخل في شؤون البلاد ونهب ثرواتها واستعباد شعوبها، مصطلحٌ تسوقه قنواتُ إعلامٍ مجرمٍ مضلّلٍ مسيَّسٍ مزيِّفٍ للحقائق، يجعل القاتل مسكيناً والمقتول إرهابياً متطرفاً معتدياً على "حقوق الإنسان" كما هو الحال على أرض الشام التي تراق عليها دماء المسلمين الزكية، لا ذنب لهم إلا أنهم وقفوا في وجه الظالم وقالوا له أنت ظالم ومجرم وفاجر، وأخذوا على عاتقهم تخليص البلاد والعباد من جوره وظلمه. وكم من منظماتٍ وهيئات دولية ومستقلة تدعي الذود عن حقوق الإنسان تنادت واجتمعت وقررت وأعلنت، دون طائل، تمييعاً لقضايا مصيرية يذبح فيها البشر والمسلمون خاصة، بأسلوب خبيث ومكر دولٍ لا دهاء أفراد.

فعلى أرض الشام سفكت دماء ما يقارب مائتي ألف شهيد، ومئات الآلاف من الجرحى والمعتقلين، وملايين النازحين والمهجرين في مشارق الأرض ومغاربها، دون أن يحرك العالم الذي يتشدق بـ "حقوق الإنسان" ساكناً، ولا غرابة في ذلك، لأن من يُقْتَلُ ويتألم هم المسلمون، ولأن القاتل خادمٌ للغرب وحافظٌ لمصالحه ومحاربٌ لدين الله ولمن يريد إعادة تحكيم شرع الله عبر دولةٍ يأبى أهل الشام إلا أن تكون خلافةً على منهاج النبوة، شاء من شاء وأبى من أبى. واقعٌ يصفه قول القائل:

قتل امرئ في غابةٍ جريمةٌ لا تغتفر ... وقَتْلُ شعبٍ آمنٍ مسألةٌ فيها نظرْ

وقول آخر في وصفٍ يدمي القلوب ويستصرخ أمة الإسلام أن يا أمتي عودي:

شعبٌ يُبادُ وأمةٌ تتمزقُ ............... ومآذنٌ بدمِ الضحايا تغرقُ
والغربُ يهدمُ ما بَنَتْهُ يدُ الهدى .... والهيئةُ السفلى هناك تصفّقُ
والعالَمُ المأفونُ يرقبُ صامتاً ......... ورئيسُ هيئتهِ غرابٌ ينعقُ
يدعو إلى سلمٍ ولكَن فعلُهُ ........... حَقٌّ على دينِ الحنيفةِ ينطقُ
ما رقَّ للطفلِ الرضيعِ دماؤه سالتْ .......... ودمعةُ حزنٍ تترقرقُ
ما رقَّ للثكلى وقدْ سَقَطَتْ ....... على شلوِ الرضيعِ وقلبُها يتمزَّقُ

كما أنه، ومنذ انطلاق ثورة الشام المباركة، والساسة الأمريكان يتباكون على من يقتل على يد عميلهم المجرم، ويعبّرون عن "قلقهم المتزايد" من انتهاكات "حقوق الإنسان" في سوريا! وهم الذين داسوا على حقوق الإنسان الذي يعيش في بلادهم بعد أن تلظى بنار الرأسمالية الحارقة وظلمها، فتحدثت بعض الإحصائيات الحديثة عندهم بأن أكثر من خمسة وأربعين مليون إنسان يعيشون تحت خط الفقر، يقتلهم الجوع، ويلفحهم قارس البرد، وتخنقهم لوعات الألم وأنّات البؤس والشقاء، في الوقت الذي تتنعم حفنةٌ من المتنفذين بمقدرات البلاد وثرواتها. كل ذلك بسبب جور النظام الرأسمالي وجشع أهله وغياب دولة الخلافة التي تخلّص العالم من شروره. وإن حديث أوباما وجوقته عن حقوق الإنسان يفضحه دعمُه لطاغية الشام جهاراً نهاراً ومن وراء غطاء، تارة بالمال وتارة بالرجال وتارة بالغطاء الدولي للتستر على جرائمه وعلى رأسها الكيماوي، وتارة بالسلاح الذي يفتك بمسلمي الشام، أطفالاً وشيوخاً ونساء، وتارة بالمهل الدموية التي تتخطى كل خطوط أوباما الحمراء، عبر تسخير الأزلام والأدوات والعملاء، الذين لم يجمعهم إلا العداء للإسلام والكيد للمسلمين.

كما أن الذهن، حين نسمع بحديث الغرب عن حقوق الإنسان، يستحضر من فوره طائرات الموت الأمريكية بدون طيار، والتي تقصف المسلمين، دون حسيب أو رقيب، في اليمن وباكستان وأفغانستان والصومال ومن قبلها العراق الذي أدت ديمقراطية بوش ومناداة بلاده بـ "حقوق الإنسان" إلى قتل وجرح وتشريد وتهجير الملايين من أهلنا الأبرياء، ومما يثير السخرية ها هنا أن عدد موظفي السفارة الأمريكية في العراق بلغ 16000 موظف (جندي) كي لا تطالهم المسؤولية عن جرائمهم ومجازرهم، كما يذهب الذهن أيضاً إلى صواريخ سكود التي تنهال على أطفال الشام فتمزق الأشلاء وتنشر الدماء، وإلى الكيماوي الذي أمِنته يهود وانهال على أهلنا بغطاء أمريكي نتن مفضوح يكشف عقوداً من العمالة والخيانة، ويكشف الدجل والنفاق الأمريكي بعد أن أعيتهم ثورة الشام بثباتها وصدقها ووعي أهلها. أما معتقل غوانتانامو فهو صفعة خالدة لكل من يتشدق بحقوق الإنسان من الغرب الكافر المستعمر، والأنكى من ذلك أن أمريكا تعطي لنفسها، وبكل صلف وعنجهية وغرور، الحق في اعتقال المسلمين من عقر دارهم، وما اعتقال أبي أنس الليبي عنا ببعيد، في ظل حكام أنذال خونة يطأطئون رؤوسهم لأسيادهم الأمريكيين والأوربيين ويستأسدون على شعوبهم. وفي ميانمار، شاهد جديد على أن حديث أوباما عن حقوق الإنسان كذبة جوفاء، فالمسلمون هناك يقتلون ويذبحون ويحرقون ويهجّرون فراراً بحياتهم من قصص الموت اليومية التي تلاحقهم، بينما زعيم البيت الأبيض ذو القلب الأسود يمتدح سعي حكومة ميانمار المجرمة نحو "الديمقراطية وحقوق الإنسان"، وذلك في أول زيارة لرئيس أمريكي لميانمار يوم الاثنين 19/11/2012م، فسرها وعده بــ"مزيد من الاستثمارات الأمريكية فيها!". كما أن إجرام الأمريكيين في أفغانستان محفور على الشجر والحجر وقلوب البشر. ومؤخراً سارعت كثير من الدول، ومن بينها "الحلفاء" لاتهام الولايات المتحدة بــ"النفاق والغطرسة" على خلفية فضيحة تنصت إلكتروني، بعد قيام إدوارد سنودين الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكي بالكشف عن تفاصيل حول برامج للحكومة الأمريكية للمراقبة السرية. وقد جاء في تعليق لوكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" إن "ادعاء الولايات المتحدة بتطبيق الديمقراطية واعتناق الحرية وحقوق الإنسان ينهار".

أما المساجد التي تهدم في الشام فهي قصة مؤلمة من نوع آخر، بعد أن بلغ ما قُصِفَ ودُمِّرَ منها أكثر من 1450 مسجداً يستصرخ أمة الإسلام ويدعو على من خذل المسلمين. والعالم المأفون يرقب صامتاً، وإعلامه أشد جرماً وتواطؤًا، لأن من يُقْتَلُ هم المسلمون وما يهدم هي مساجدهم وبيوتهم! ولو أن كنيسة واحدة أوذيت لأقام الغرب الدنيا وأقعدها، حاشداً العالم لحماية "حقوق الأقليات" ودور عبادتهم حسب زعمهم! علماً أن الإسلام يحافظ على دور عبادة غير المسلمين، ليس قناعة بها، وإنما لأنه أمر الله وحكمه.

وحُقَّ لنا هنا أن نتساءل عمن يقف خلف منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية كلها، والتي تدعي حرصها على تحقيق العدالة والأمن والأمان لبني الإنسان، وتسلط الضوء وقتما تشاء وتغض الطرف وقتما تشاء. أليس كل ما تنادي به من شعارات براقة ذر للرماد في العيون لاستعباد البشر وسرقة أموالهم واستعمار بلادهم؟! أليست هذه المنظمات هي من يساوي بين الجلاد والضحية وتدعي انتهاك حقوق الإنسان من "طرفي النزاع" على أرض الشام؟!

وحُقَّ لنا أن نتساءل أيضاً، ألا يعتبر المسلم بنظر الغرب إنساناً، فيكون له حقوق حسب زعمهم؟!
أليس مسلمو باكستان الذين يقتلون بطائرات الدرون الأمريكية من بني الإنسان؟!
أليس مسلمو أفغانستان، وخاصة أطفالهم ونساؤهم والشيوخ، من بني الإنسان؟!
أليس مسلمو الصومال واليمن من بني الإنسان؟!
أليس مسلمو الشام الذين يدافعون عن الأرض والعرض والدين وكرامة الإنسان من بني الإنسان؟!
أم أنهم جميعاً لا بواكي لهم؟!

أما آن لأمة الإسلام لأن تنتفض جميعها وتقف وقفة رجل واحد لتعيد كرامة الإنسان، لتعيد للمسلمين دولتهم بقيادة خليفة عادل يقتص من كل من آذى عباد الله؟! بلى... لقد آن... لقد آن.

لقد آن الأوان لأن تعي الأمة أن لا خلاص لها مما تعانيه وتقاسيه إلا بدولة الخلافة التي ذبح المسلمون منذ أن هدمت قبل قرن من الزمن. بها تعود العزة والمنعة للمسلمين، يقودها خليفة يحكمنا بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. وإن حزب التحرير، الرائد الذي لا يكذب أهله، يدعو المسلمين جميعاً، في الشام وغير الشام، كي يعملوا معه لتحقيق بشرى حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث قال «ثم تكون خلافة على منهاج النبوة»، ونسأل الله أن تكون في الشام لتعود الشام "عقر دار الإسلام"، وما ذلك على الله بعزيز.

قال تعالى: ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون)).

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ناصر شيخ عبد الحي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
08 من محرم 1435
الموافق 2013/11/11م


 

المصدر: http://www.hizb-ut-tahrir.info/info/index.php/contents/entry_30742