press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

alraiah290616

لم تكن انطلاقة الثورات يوما إلا من رحم المعاناة وعلى أيدي الجياع وضعاف الناس. وما كان جل أتباع الرسل والمصلحين إلا من الفقراء والمظلومين. وإن الأنبياء لم يملكوا من القوى سوى قوة إيمانهم بالحق الذي يحملون. وإن خصوم الثورات وأعداء الأنبياء لم يتركوا وسيلة لإخماد الثورات ومحاربة الدعوات إلا واستخدموها، وفي كل مرة تنتهي محاولاتهم بالفشل ما دام الثائرون متمسكين بما آمنوا به من حق. وعند تيقن أعداء الدعوات والثورات من عجزهم عن احتواء الثورات وحرفها عن مسارها يعمدون إلى الدخول في مفاوضات ومساومات لعلهم يحققون ما عجزوا عنه بالحرب والبطش والتنكيل.

فهذه قريش يقول مفاوضها لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا ابن أخي لقد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت أحلامهم وعبت آلهتهم وكفرت من مضى من آبائهم، يا ابن أخي إن كنت تريد بهذا الذي جئت به ملكا ملكناك علينا، وإن كنت تريد مالا جمعنا لك من الأموال حتى تصبح أكثرنا مالا، وإن كنت تريد سيادة سودناك علينا فلا نقطع أمرا دونك.

عرض سخي، ولكن الرد جاء سريعا وحاسما دون تردد «والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه» فعلم رسول الله أن عرضهم ثمنه ترك الرسالة التي جاء بها والتخلي عن دعوته حتما. فجاء الرد من الله محذرا، قال تعالى: ﴿وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً * إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾، وقال سبحانه: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾.

ولقد خرجت علينا أحزاب وحركات إسلامية لسان حالها وكأنها تفهم ما لم يفهمه رسول الله صلى الله عليه وسلم من فقه المصالح! فأعرضت عن أمر الله واتهمت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فهمه، فدخلت في لعبة التذاكي مع الدول الكافرة والدول التابعة، ففاوضت وشاركت في الحياة السياسية وفق قواعد اللعبة التي وضعها الكافر المستعمر والعميل الخائن، فانتهى بهم الأمر علمانيين عملاء خدما لمصالح الكفار وحربا على الإسلام.

كما خرجت علينا كتائب مقاتلة تمد يدها لعدو صنع كل مآسينا وارتكب ولا يزال أبشع الجرائم فينا، فتعاونت مع عدو حاقد وعميل خائن مبررة ذلك بأوهى الحجج ولم تعتبر من الماضي القريب الذي رأينا فيه المخابرات الدولية تدرب مجاهدين في بيشاور وتزودهم بالسلاح والعتاد ليخوضوا حربا بالوكالة عن الغرب فكانت النهاية المؤلمة، وتكرر الأمر مع طالبان والدعم الباكستاني فكانت النهاية كرزاي، ومن قبل ذلك ثورات آل سعود والشريف حسين التي انتهت باستعمار البلاد وتقسيمها مستعمرات ومزارع لعملاء ساموا الناس سوء العذاب، وكذلك ما جاء بعدها من ثورات في العراق والشام وفلسطين ومصر والجزائر وغيرها وما جرت على المنطقة من ويلات.

وجاءت ثورة الشام وصرخت هي لله هي لله، ولغير الله لن نركع ولغير محمد لن نتبع، فتآمر عليها القاصي والداني، ولم تعتبر بعض الكتائب من السابقين وسارت على طريق الهالكين ومدت يدها للداعمين.

وهنا نضع بين يدي قادة الكتائب حقائق وتساؤلات:

* إن الجهاد لا يكون إلا ذاتيا بأموال المجاهدين وليس بأموال الداعمين، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ﴾.

* لقد سايرنا الداعمين ودخلنا في لعبة التذاكي!

* بماذا نخاطب شعوبنا؟ وما هي الغاية التي نريد أن نقنع بها الناس بأنها تستحق هذه التضحيات الجسيمة؟

* إن مما لا شك فيه هو أن الدول الداعمة عدو لدود للإسلام وأهله، وإن العمل لعدم عودة الإسلام في دولته قضية مصيرية عندهم، قضية حياة أو موت، وإن الذي أسقط الخلافة لا يرحب بعودتها. فكيف تقدم هذه الدول الدعم لمن يعمل لعودتها؟ أهو دعم بلا مقابل؟ وماذا لديكم تقدمونه للداعمين؟ وما هو الثمن الذي يجب على هذه الكتائب أن تقدمه مقابل هذا الدعم؟ وهل ستسمح هذه الدول أن تتجاوز قوتكم الحد المرسوم؟

إن لعبة التذاكي إن صدقناكم تفرض عليكم أن تخاطبوا هذه الدول بلسان والأمة بلسان آخر. فكيف سيكون خطابكم للثائرين ومن خلفهم لقبول الثمن الباهظ؟ هل سيكون خطابكم للناس سرا ولن يبلغ الداعمين أم هو سيناريو متفق عليه؟ وهل هذه الدول وأجهزتها وخبراؤها مغفلون؟ أليس هذا سبيل الكذابين والمخادعين والمنافقين؟!

لا تقولوا بأنكم تخدعون أمريكا وكل دول العالم وأجهزتها الاستخباراتية وتريدون أن تسرقوا نصرا من أعداء يتربصون بكم الدوائر ليل نهار. كلا والله إنه الكذب والخداع للمسلمين الذين منحوكم ثقتهم وأحسنوا الظن بقتالكم، فقدموا دماءهم وأبناءهم بسخاء نصرة لدينهم، وانتهكت أعراضهم وهم صابرون محتسبون.

وأخيرا، ما تقولون في قول الله تعالى: ﴿وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾، وقوله سبحانه: ﴿وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ﴾، وقوله: ﴿وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ﴾، وقوله: ﴿وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ﴾؟

إنه والله رد لكلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. إنه والله ارتهان للكافر ولقراره السياسي. إنه والله الانتحار السياسي والمتاجرة بالدماء والتضحيات...

نقول لكم ما يقوله الله تعالى: ﴿وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ﴾

اللهم هل بلغنا اللهم فاشهد .


كتبه لجريدة الراية: سعيد رضوان أبو عواد، بتاريخ الأربعاء 29 حزيران\يونيو 2016م
المصدر: http://bit.ly/293gs17