alraiah141216

لا يزال التآمر الأمريكي على ثورة الشام لإنهائها قائماً بشتى الوسائل والأساليب، من الإجرام الظاهر الصادر عن أدوات أمريكا الثلاث، النظام و روسيا وإيران ومرتزقتهم، إلى الإجرام الخفيّ الصادر عن أدوات أمريكا الأخرى، حكام تركيا و السعودية وغيرهما... فالأدوات الأولى وظيفتها القصف والتقتيل و التدمير والتشريد، بهدف إرهاب الثائرين ودفعهم إلى الركوع و الاستسلام، والأدوات الأخرى وظيفتها الترويض والخداع، والإقناع بضرورة القبول بما تمليه سيدتهم أمريكا.
ولا يخرج اجتماع السبت 10/12/2016م بين الروس و الأمريكان في جنيف عن كونه إحدى حلقات التآمر الأمريكي على ثورة الشام، عقدته أمريكا مع روسيا إحدى أدواتها في سوريا، بغية تبادل المعلومات العسكرية والأمنية عمّا تمّ إنجازه على الأرض، وما يجب أن يكون عليه الوضع في المستقبل القريب، وكيفية وضع الترتيبات اللازمة للوصول إليه.
وعلى الرغم من أنه لم يصدر شيء عما تم التباحث حوله في هذا الاجتماع حتى كتابة هذه الكلمات عصر الأحد إلا أن ما سبقه ورافقه من أحداث وتصريحات مختلفة توحي بما يجب أن يكون التباحث قد تم حوله فيه.
فاجتماع جنيف هذا يأتي في أعقاب هجمة شرسة تشنها روسيا ومرتزقة النظام وإيران على أحياء مدينة حلب الشرقية المحررة، حيث استطاعوا، بعد عدة انسحابات من قبل الفصائل المرابطة في هذه الأحياء منذ بضع سنين، استطاعوا إعادة احتلال نحو ثلاثة أرباع الجزء المحرر من المدينة.
ويلحظ المراقب أن الهدف النهائي من هذه العملية اليوم ليس هو إخراج الثوار من مدينة حلب فحسب وإنهاء القتال على جبهتها، كما حدث في عدة أماكن قبلها، وصرح به وزير الخارجية الروسي قائلاً: "إن الضربات ستستمر طالما بقيت هناك عصابات في شرق حلب"، مضيفاً: "إن العالم يتفهم ذلك ويتفهمه شركاؤنا الأمريكيون". وإنما الهدف منها هو الوصول مع فصائل الثوار إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، تعقبه عودة سريعة إلى طاولة المفاوضات.
حيث حثّ عراب المشروع الأمريكي في سوريا، المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا، في مقابلة له مع البي بي سي، حث بشار الأسد على بدء مناقشات جادة بشأن مستقبل سوريا السياسي، وعبر عن اعتقاده بأن مصير مدينة حلب السورية في خطر. واعتبر في المقابلة أن "إبرام اتفاق يسمح بإجلاء المدنيين والمقاتلين من مناطق وجودهم شرقي حلب سيكون إنجازاً كبيراً من شأنه تجنب المزيد من الدمار وإراقة الدماء". وقال أيضاً: "إنه من المرجح أن تسيطر قوات الجيش السوري على مدينة حلب قريباً". ونبه إلى أن "مباحثات السلام وحدها يمكنها إنهاء الحرب في سوريا".
أما وزير الخارجية الأمريكي جون كيري فقد قال في وقت سابق على الاجتماع: "إن الاتفاق المحتمل حول حلب ينتظر حسم قضايا عدة مع موسكو، وأكد أن هناك أملاً في التوصل مع موسكو لاتفاق وقف نار في حلب".
وعن اجتماع جنيف نفسه فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن "هناك تقارباً جديداً مع واشنطن حول حلب، وأنه اتفق مع نظيره الأمريكي جون كيري على إجراء مشاورات على مستوى خبراء البلدين بشأن تسوية أزمة حلب السبت في جنيف". روسيا اليوم.
وكان جون كيري قد أعلن مساء الجمعة في باريس عن اجتماع السبت في جنيف لخبراء روس وأمريكيين، لمحاولة "إنقاذ حلب من دمار تام"، عبر وقف لإطلاق النار وإجلاء المدنيين والمسلحين، وإدخال مساعدات إنسانية. فرنسا 24.
أما أن الهدف النهائي لهذه الأعمال العسكرية هو إعادة إحياء مسار المفاوضات التي يجب أن تفضي إلى الحل السياسي الأمريكي، فقد عبر عن ذلك بصراحة مارك تونر نائب المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية، حيث قال: "حتى لو استعاد النظام السوري حلب بدعم روسي فلن يضع هذا حداً للعنف. ولهذا ما يهمنا هو توفير المناخ الملائم للمفاوضات السياسية في جنيف".
وكانت أولى النتائج المباشرة لهذه العملية - حتى قبل معرفة نتائج اجتماع جنيف - هو تصريح وزير الخارجية الفرنسي بعد اجتماع من يسمون أنفسهم "أصدقاء سوريا" في باريس بأن المعارضة السورية مستعدة للعودة إلى المفاوضات بدون شروط مسبقة.
وكان دي ميستورا قد مهد الطريق لبحث إمكانية خروج "كل المقاتلين" من شرق حلب في اجتماع ثلاثي يجمعه مع ممثلين للولايات المتحدة وروسيا في جنيف اليوم (السبت)، مشيراً إلى ضرورة معالجة "خروجهم الطوعي إن هم أرادوا ذلك، إلى الوجهة التي يختارونها مع عائلاتهم". وأكد دي ميستورا "ضرورة الانفتاح على إمكانية" هذا السيناريو و"العودة إلى العملية السياسية"، وقال إن الوقت الآن هو الوقت المناسب للنظر بجدية في استئناف المحادثات السياسية لأن النصر العسكري لن يؤدي إلى السلام". صحيفة الحياة.
وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قد حث المعارضة السورية السبت 10 كانون الأول/ديسمبر على الجلوس إلى طاولة المفاوضات دون شروط، معلنا أن الحل يجب أن يكون سياسياً. ودعا كيري روسيا من جانب آخر، في مؤتمر صحفي بعد اجتماع باريس لـ"أصدقاء سوريا"، إلى توفير ضمانات للمقاتلين الفارين من شرق حلب، وأشار إلى أن المسلحين سيواصلون القتال حتى الموت لعدم ثقتهم بالقوات الحكومية". روسيا اليوم.
إذاً هذا هو ما تخطط له أمريكا: الضغط العسكري الإجرامي على مناطق سيطرة الثوار في حلب، ليس فقط لإخراج المقاتلين من المدينة، بل لتقديم المبررات الكافية لقادتهم لتقديم ما بقي في حوزتهم من تنازلات، وإعلان وقف لإطلاق النار، والعودة إلى طاولة المفاوضات مع النظام بدون شروط مسبقة، حيث يستعيد النظام بها ما لا يمكن أن يستعيده بالقتال. وما اجتماع جنيف بين الأمريكان والروس إلا حلقة جديدة من حلقات التآمر الغربي الاستعماري على ثورة أهلنا الصامدين في الشام، لبحث ما تم إنجازه، وما ينبغي الوصول إليه، وكيفية تحقيقه.
هذا ما يخططون له ويمكرون، أما ما الذي سيحدث، فحتماً مزيد من الدماء والأشلاء في شامنا المباركة حتى يدرك الناس عامةً والمجاهدون خاصةً مسؤولياتهم، ويصححوا مسار قادة فصائلهم، ويدفعوهم دفعاً إلى فك الارتباط بأعدائهم وأعداء ثورتهم، والاعتصام جميعاً بحبل الله، بالتوحد على مشروع الإنقاذ الرباني، والسير خلف قيادة حَمَلَته، مشروع الدولة التي ستكون بإذن الله خلافة على منهاج النبوة، المشروع الذي يحمله لهم إخوانهم في حزب التحرير.


كتبه لجريدة الراية: عبد الحميد عبد الحميد / رئيس لجنة الاتصالات المركزية لحزب التحرير في ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 14 كانون الأول\ديسمبر 2016م
المصدر: http://bit.ly/2hKMnCj