art130317

منذ انطلاقة ثورة الأمة في الشام عام 2011م والدول الغربية الاستعمارية وفي مقدمتها أمريكا رأس الكفر تعمل بكل قوة على إجهاضها أو حرف مسارها ولا غرابة في ذلك؛ فالكفار هم أعداء المسلمين ويحملون عليهم مخزوناً هائلاً من الحقد الدفين. فلم تخطر فكرة شيطانية في أذهان ساستهم إلا ونفذوها ولا أسلوب خبيث يرون فيه بصيص أمل لإفشالها إلا وفعلوه؛ فمؤامراتهم لم تتوقف بل تزداد سنوياً فتشتد فصولها وتتسع حلقاتها حتى غدت مؤامرة إفشالها إحدى القضايا المصيرية لديهم. فقد سلطت أمريكا أوباشها وعملاءها وحلفاءها عليها فكان بطش النظام المجرم المسنود بمليشيات إيران وأوباشها ثم بالعدوان الروسي الغاشم فكانت جرائمهم تقشعر لها الأبدان، ولما أصبحوا في مأزق نتيجة لصمود أهل الشام الأسطوري جاء دور المنافقين (السعودية وتركيا) فكانت طعنتهم الأليمة في ظهر الثورة فسقطت حلب قلعتها الشامخة في الشمال السوري، والمخطط الخبيث لا زال سائرا؛ فمفاوضات تسليم سوريا لنظام الطاغية تجري على قدم وساق من قبل المعارضة الخائنة التي تبرزها وسائل الإعلام المسمومة أنهم هم قيادة الثورة والممثلين الحقيقيين عن أهل الشام! فالمشكلة تكمن في قيادة الثورة التي صنعها الغرب على عين بصيرة وليست في أهل الشام الذين قال فيهم رسول الله ﷺ: «إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم» سنن الترمذي، وقال رسول الله ﷺ: «عقر دار الإسلام الشام» أخرجه أحمد والنسائي. فأهل الشام لا زالوا على العهد يريدونها خلافة راشدة على منهاج النبوة، إلا الذين أفسدهم المال السياسي القذر بتضليل المنافقين الذين تسلقوا على الثورة لحرف مسارها كالسعودية وتركيا، فعلى أهل الشام أن يتمسكوا بثوابت الثورة التي رددوها طوال السنوات الماضية وأن يضعوا ثقتهم في القيادة السياسية المخلصة والواعية والمبدعة التي تستطيع أن تفشل كل مؤامرات الأعداء وتقود سفينة الثورة إلى بر الأمان فتسقط نظام الطاغية وتقيم الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة فتهزم أعداءها وتوحد بلاد المسلمين تحت راية العقاب وتطبق الإسلام في الداخل وتحمله رسالة نور وهدى للعالم كله بالدعوة والجهاد. وهذه القيادة السياسية لها مواصفات محددة تميزها الأمة بها عن غيرها من القيادات السياسية التي توردها المهالك وتفرط فيها وتسلمها للجزار يسلخها كيف يشاء. ومن هذة المواصفات التي تتمتع بها القيادة السياسية القادرة على إنجاح ثورة الشام وإفشال كل مخططات أعدائها ما يلي:

1- أن يكون ولاؤها للإسلام والمسلمين

إن الولاء الصحيح الذي يجعل القيادة السياسية تنجح في إفشال مخططات أعداء الإسلام يكمن في ولائها لله ورسوله والمؤمنين، قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ﴾ [البقرة: 165]

فأي ولاء غير ولائها للإسلام والمسلمين سيورد الأمة المهالك كالولاء الوطني أو الولاء القومي أو الولاء الطائفي أو غيرها من الولاءات الفاسدة والمحرمة شرعاً، فعلى الأمة وقيادتها السياسية أن يكون ولاؤها للإسلام وأن ترفض جميع الولاءات الأخرى.

2- أن تمتلك المشروع السياسي المنبثق من عقيدة الأمة (الخلافة)

أي قيادة سياسية، لا تمتلك مشروعا سياسيا فإنها تبحث عن الحلول من أعدائها ولو نجحت في إسقاط النظام فإنها ستحكم بقوانينه الوضعية الفاسدة التي كانت سببا في انحطاط الأمة الإسلامية وضعفها. فالقيادة السياسية الناجحة هي التي تمتلك المشروع السياسي الصحيح القادر على حل كل مشاكل الأمة المتمثل في الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي تنبثق جميع أحكامها من عقيدة الأمة وأن يكون تصور هذا المشروع لديها واضحا ومبلوراً وأن يكون لديها دستور جاهز للتطبيق بعد إسقاط نظام الطاغية.

3- أن تمتاز بالوعي السياسي

إن من صفات القيادة السياسية الناجحة أن تنظر إلى الأحداث و المفاوضات و المؤامرات التي تحوكها وتنسج خيوطها دول الكفر من زاوية العقيدة، إنها مؤامرات ليست ضد أهل الشام وثورتهم فحسب بل ضد الأمة الإسلامية قاطبة لأن ثورة الشام هي ثورة الأمة كلها وأهل الشام هم طليعتها وهم صدرها الذي يتلقى سهام الأعداء دفاعاً عنها، فالصراع في أرض الشام هو صراع حضاري بين الإسلام وأهل الشام من جهة وبين الرأسمالية والكفار وعملائهم من جهة أخرى. والقيادة السياسية القادرة على إنجاح ثورة الشام لا بد أن تفضح جميع مخططات الأعداء ومؤامراتهم ومنها المفاوضات وأن تكشف العملاء الذين ينفذون هذه المخططات خدمة لأسيادهم الكفار وفي مقدمتهم أردوغان الذي أصبح صنماً يعبد من دون الله! فيجب عليها أن تحطم هذا الصنم الذي كان له الدور الأكبر في تسليم حلب لنظام الطاغية.

4- أن ترفض أنظمة الكفر وتتخذ الكفار أعداءً لها

إن الكفار وكذلك عملاءهم جميعا هم أعداء للإسلام والمسلمين يجب على الأمة وقيادتها السياسية أن تتخذهم أعداء وأن ترفض مبادئهم ومناهجهم وقوانينهم الوضعية كالرأسمالية و العلمانية وغيرها وكذلك أنظمتهم الجمهورية والملكية وأن تكفر بها جميعها لأنها مبادئ وأنظمة كفر يحرم الحكم بها والاحتكام إليها مطلقاً قال تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ [يوسف: 40]

فالقيادة السياسية الناجحة هي التي تحارب جميع أنظمة الكفر وقوانينه ومفاهيمه وحلوله السياسية وغيرها وتتخذ الكفار أعداء بشكل دائم، فقد حرم الله على المسلمين أن يجعلوا للكفار عليهم سبيلا، ومن ذلك قبول حلولهم السياسية ومشاريعهم الاستعمارية قال تعالى: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾ [النساء: 141]

والقيادة السياسية المخلصة الواعية هي التي تمنع ذلك وترفض جميع مناهج الكفار وحلولهم وتتخذهم أعداء بشكل دائم.

5- أن ترفض التبعية للكفار وعملائهم بكل صورها وأشكالها

من صفات القيادة السياسية الناجحة القادرة على إفشال مخططات أعداء ثورة الأمة أن ترفض التبعية للكفار وعملائهم بكل صورها وأشكالها المختلفة، ومن ذلك الدعم المقدم من الحكام عملاء الكفار ورأس حربتهم وخنجره المسموم الذي يسعى الكفار إلى غرسة في ظهر الثورة فيجهضها أو يحرف مسارها. فالقيادة السياسية الناجحة يجب أن ترفض التبعية للكفار وترفض كل حلولهم السياسية والمفاوضات التي يحققون من خلالها ما لم يستطيعوا تحقيقه في الحرب.

6- أن ترفض أخذ المال السياسي من أعدائها

لقد كان للمال السياسي القذر دور في إفساد بعض الكتائب وقيادتها وحرف مسارها والتنازل عن مشروعها (الخلافة على منهاج النبوة). كما كان له دور في سقوط حلب وغيرها التي كانت عصية على النظام وإيران ومليشياتها وروسيا. فمن صفات القيادة السياسية القادرة على إفشال مخططات الأعداء أن ترفض رفضاً قاطعاً أخذ المال السياسي القذر حتى لا يستطيع أحد من الكفار أو عملائهم أن يملي عليهم الحلول والمشاريع السياسية التي تتناقض مع أحكام الإسلام أو أن يستخدموها أو يوجهوا إليها أمراً أو نهياً ناهيك أن يجعلها تنفذ مخططاً واحداً من مخططاته الإجرامية.

والخلاصة

إن القيادة السياسية المخلصة الواعية القادرة على إنجاح ثورة الشام وإفشال مخططات الكفار وعملائهم هي التي يكون ولاؤها للإسلام والمسلمين وتتميز بالإخلاص لله والصدق مع رسول الله وتحمل مشروع الخلافة كمنقذ للبشرية من ظلمات المبادئ الوضعية كالرأسمالية، وتسعى إلى إقامتها بعد سقوط نظام الطاغية أو غيره من أنظمة الكفر المطبقة على المسلمين، وتتميز عن غيرها بالوعي السياسي الذي تكشف به كل المؤامرات التي تحاك ضد ثورة الشام ولديها القدرة على إفشالها إذا التف أهل الشام حولها والأمة من خلفهم وتتخذ الكفار أعداء لها بشكل دائم وترفض كل مبادئهم وقوانينهم وأنظمتهم وحلولهم والتبعية لهم وأخذ المال السياسي القذر منهم أو من عملائهم، وهذه الصفات لا توجد إلا في قيادة سياسية واحدة فقط هي حزب التحرير، ولذلك نقول لأهل الشام: لن تنجح ثورتكم ما دام العملاء من يحاولون قيادتها. فضعوا ثقتكم في قيادة حزب التحرير فهي القيادة المؤهلة والقادرة على قيادة سفينة الثورة إلى بر الأمان وإنجاحها وإفشال كل مخططات الأعداء بإذن الله تعالى فهو من يحمل مشروعكم (الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة) المنبثق من عقيدتكم وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
شايف صالح – اليمن

المصدر: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/42730.html