press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

art030318

عندما يكبل الدعم والارتباط فصائلنا عن نصرة أهلنا في الغوطة وتكتفي بذرف دموع التماسيح على مجازر الغوطة دون أن تعلن الجهاد فقد آن للشام أن تستبدل جهاد الأمة بالمنظومة الفصائلية السائدة الآن.

ما صدَّق أهل الشام يوماً أن أمريكا تخلت عن عداوتها للإسلام والمسلمين. ولن ينسى أهل الشام أبدا جرائم أمريكا ودول الغرب الكافر المستعمر في حق الإسلام والمسلمين. وما غفل أهل الشام يوماً عن حقيقة الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين، و أنها أنظمة وظيفية صنيعة تابعة لدول الكافر المستعمر، تنفذ مشاريعه في بلادنا وتقتل في سبيل ذلك أبناءنا، وتنتهك حرماتنا، وتسخر كل ثرواتنا وإمكانياتنا له ليزداد شراسة في عداوته لنا.

نعم قد يكون الكثير من أهل الشام قد انخدع بنظام أردوغان، طيلة السنوات السابقة، لكن الغشاوة التي طالما سعى أردوغان لتبقى على أعين أهل الشام زالت في إدلب وحلب وعفرين والغوطة وحوران.

إننا لا نبالغ عندما نقول إنه برغم تلك الحقائق إلا أن الكثير من أهل الشام لما رأى أمريكا تضخ الدعم إلى فصائلنا في بداية الثورة، وتعمل على تكثير الفصائل وتسليحها عن طريق الأنظمة العميلة ظن في نفسه أنه يحتاج لمراجعة قناعاته عن أمريكا والغرب والأنظمة العميلة لها.. لم يستقم في نفسه عداوة أمريكا وأنظمتها للإسلام والمسلمين مع سعي أمريكا لتسليح فصائل المقاتلين.. ضد عميلها بشار ونظامه المجرم. نعم كانت مسألة تبعث الحيرة في النفوس ولعلها أوجدت انقساما في نفوس البعض أن يجمع بين الشيء وما يناقضه!!

ومما زاد الحيرة ودفع البعض للإقدام على قبول الدعم، ودفع آخرين للسعي لتشكيل فصائل تقوم على الدعم الخارجي، هو ما صدر عن الكثير من الشرعيين والمشايخ وبعض العلماء من فتاوى تجيز للقادة والفصائل قبول الدعم من أمريكا والغرب، وتجيز إقامة علاقات أو ارتباطات مع تلك الدول المحاربة للإسلام والمسلمين، بحجج المصلحة والحاجة الملحة وتقاطع المصالح وغيرها، وكذلك ما وقر في أذهان البعض من أننا لا نستطيع التغيير إلا إذا دعمتنا الدول الكبرى، فصاروا يخطبون ودها ويقدمون أوراق اعتماد كي تقبلهم أدوات في عملية التغيير.

ما صدر عن الشرعيين والمشايخ جعل الكثير من الناس يكذبون ظنهم، ويخالفون مشاعرهم، ويسكتون عن هذا الدعم رغم حقيقته الراسخة في أذهانهم المبنية على عقيدة الإسلام"(إنَّ الذين كَفَرُوا يُنفقون أمْوالَهم لِيَصدوا عنْ سبيلِ اللهِ).

لعله أمر يثير الاستغراب أن نرى من يقرأ هذه الحقيقة القرآنية ويؤمن بها يفكر بقبول الدعم من الدول الكافرة والعميلة، التي تسارع لتقديم الدعم لهم.

لقد مرت فترة على أهل الشام كان كل من يفكر بتشكيل فصيل، ما عليه إلا أن يجمع حوله مجموعة من المجاهدين ثم يُصدرُ بيانا بتشكيل فصيل، و يختار له اسما من الأسماء التي يرغب المسلمون بسماعها، وتظهر الرايات من حولهم، ولا تلبث أن تأتي موافقة الدول على هذا التشكيل، ويأتيه نصيبه من السلاح والذخيرة، وما يسميه الكتل المالية.....

ويعتمد على دعم الخارج ويرتبط بغرف العمليات وفي نفس الوقت يفقد سنده الطبيعي، وينفصل عن حاضنته، وبعدها ينحرف عن أهداف ثورته، ويتنكر لثوابتها.

لم تعِ الفصائل أن أمريكا هي صاحبة النفوذ في سوريا، وأنها لن تفرٍّط بعميلها نظام السفاح بشار.

ورغم أنها الدولة الأولى في العالم وقد استنفرت للمحافظة على عميلها كل أدواتها وعملائها، إلا أنه يجب أن ندرك أنها لا تستطيع التحكم بمسيرة ثورة شعب و جهاد أمة... وهذا ما يقض مضجعها ويهدد أدواتها. لذلك فكرت أمريكا بتغير المسيرة من جهاد شعب الى جهاد فصائل يسهل التحكم به. ومن ثورة شعب إلى ثورة فئات ونخب يسهل احتواؤها... فشرعت أمريكا في إحداث هذا التغير، وسخرت كل مكرها من اجل تحقيق هذا الهدف، فسعت إلى استقطاب المجاهدين في فصائل من خلال إغرائهم بالدعم، ومن ثم ربطت الفصائل بغرف العمليات الدولية وذلك بإغراء القادة فيها بالدعم والمنصب والقرار. فنجحت أمريكا عبر أدواتها من الأنظمة في بناء منظومات الفصائل على أساس الدعم والارتباط بالخارج، وأحكمت ربط الفصائل، وصارت غرف الدعم تلك أشبه بغرف العمليات التي تتحكم بعمل الفصائل.

نعم أصبحت غرف العمليات تلك هي من تحرك الفصائل لفتح المعارك الجانبية لاستنزاف المجاهدين، وهي التي تضع الخطوط الحمراء للفصائل مخافة أن تقوم بعمل حاسم يؤثر على نظام العمالة والإجرام ؛ وهي من تدفعهم لقبول الهدن المذلة، و هي من تدفع قادة الفصائل للمشاركة بالمؤتمرات الدولية التي تسعى لفرض الحل السياسي الأمريكي القاضي ببقاء نظام الإجرام ؛ حتى غدت الفصائل كأنها صاحبة القرار وهي المتحكمة بالأمن الداخلي والخارجي،وسلبت سلطان الأمة، وتسلطت عليها، وصادرت ثورتها بذريعة أنها من يقاتل ويملك السلاح.

نعم باتت الفصائل المرتبطة تتحكم بسير المعارك والهدن، ولكن تحركها غرف العمليات من ورائها، فقد غدت الفصائل مسلوبة الإرادة مكبلة بحبال الداعمين التي تلتف حول أعناق قادتها.

فبينما الفصائل في الجنوب حيث جبهات النظام ضعيفة منهارة تحافظ على الهدن، وخفض التصعيد، مما يشعر النظام المجرم بالأمان،فينقل قواته إلى الغوطة لإحكام حصارها وقتل من فيها... نجد فصائل الشمال تتقاتل فيما بينها بذريعة رد البغي والعدوان، وذلك بعد تقاعسها عن التصدي لميليشيات القتل التي سيطرت على مناطق واسعة جنوب حلب شرق السكة بعملية تشبه عملية التسليم والاستلام... وفصائل أخرى تمتنع عن دك معاقل النظام بالساحل حيث عقر داره، ونقطة ضعفه بحجة عدم وجود موافقة دولية على تلك المعارك. نجد في دمشق أيضا بعض الفصائل تسعى لتجميد القتال والسعي وراء مهادنة القتلة والمجرمين.

كل ذلك أدى إلى انحسار تأييد الحاضنة عن الفصائل، وفقدت الفصائل كلياً الحاضنة الشعبية، وتحركت مشاعر السخط على الفصائل وأعمالها المرتبطة بالداعمين، وهذا ما كانت تهدف اليه أمريكا من خلال مكرها الذي اشرنا إليه..

وفي هذه الظروف والمنزلقات التي أوصلتنا إليها المنظومة الفصائلية بارتهانها للداعمين ووقوعها في فخاخ المتآمرين، ظهر في ساحات الشام حراك شعبي وسعي حثيث، في البحث عن بديل لهذه المنظومة الفصائلية المرتبطة،يعيد مسيرة الجهاد الى رشدها ويعيد الثورة إلى ثوابتها.

ويعيد الحراك الثوري من جديد لمساره الصحيح، "إسقاط النظام المجرم بكل رموزه وأركانه" بعيداً عن الارتباطات والاتصالات مع دول الغرب المعادية للإسلام ومع الأنظمة العميلة والتابعة لها.

قد لا يكون قد تبلور عند أهل الشام البديل الصحيح للمنظومة الفصائلية المرتبطة.. ولكن صورة الجهاد الأولى للثورة.. جهاد الأمة واضحة في الأذهان ماثلة للعيان. ونحن نقدم للمخلصين من إخوتنا خطوات عملية، من أجل الوصول إلى إعادة الثورة شعبية، والقضاء على المنظومة الفصائلية، وتحويلها إلى جهاد شعبي وجهاد أمة:

1 - يقوم أهلنا في كل بلد من بلاد الشام المباركة بجمع المجاهدين الصادقين فيهم، ويختارون لهم قيادة عسكرية من الضباط الصادقين المخلصين، الذي ما عرفوا الدول ولا جربوا الارتباط والا تصال مع الأنظمة العميلة.

2- يقوم هؤلاء الضباط القادة بإعادة بناء هيكلية صحيحة لتشكيلات جديدة، تكون على شاكلة الجيش الشعبي، تنضوي كلها تحت قيادة عسكرية واحدة مخلصة.

3 – يجري العمل على تفعيل الثورة الشعبية من جديد لتعود ثورة شعب وليس مجموعات مناطقية.

4 – تتبنى الثورة ثوابت وأهداف تنبثق من عقيدتها ومشروعها وتحرص على التمسك بها، لأن نجاحها الحقيقي في تمسكها بثوابتها وتحقيق أهدافها.

5 – تتخذ الثورة بشقيها العسكري والشعبي قيادة سياسية، تتميز بأنها حاملة مشروع الإسلام بكل تفاصيله، بالإضافة إلى تمتعها بالوعي السياسي، والخبرة الواسعة بألاعيب الدول ومخططاتها.

6 – يتم قطع أيدي الدول العابثة بثورتنا وقطع العلاقة مع غرف الدعم، وتعتمد الثورة على إمكانياتها الذاتية، ففي كل منطقة تستجلب دعم أهلنا من الحاضنة لا من سواها، بنفس راضية، ودعاء إلى المولى بالنصر والفتح المبين، والجميع يعرف أن الثورة لديها من السلاح الكثير، فسلاح الفصائل هو سلاح للثورة ولأهل الشام، وليس للفصائل تستخدمه لمشاريعها الضيقة، وللتنازع والاقتتال فيما بينها.

7 – إن المشروع الذي يجب أن تتبناه ثورة الشام هو "مشروع الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة"، تحت رايته تتوحد جهودنا وتتآلف قلوبنا، ويحصل التلاحم بين حملة المشروع وأصحاب القوة والحاضنة الشعبية، ليكونوا صفا واحدا يواجه مشروع الغرب الكافر الذي يريد فرضه علينا من خلال الحل الأمريكي القاتل ودولته العلمانية ودستوره الوضعي الذي يريد أن يفرضه على أهل الشام، ليبعد عنه خطر المشروع الإسلامي الذي يُرعب الغربَ الكافر وعملاءه، الذين يدركون أنهم بسقوط نظام الإجرام في دمشق سيتساقطون كأحجار الدومينو.

 

ضاق الخناق ولكن درب الخلاص قد حدده لنا رب العباد، لنسير فيه على بصيرة وهدى، فلا خلاص لنا إلا به مهما طال الزمن، إنَّ حالة التيه التي تعاني منها ثورتنا أصبحت معروف الأسباب، ومعلوم أن العلاج الذي نقدمه هو علاج رباني مجرَّب، قد جرَّبه من هم قدوتنا ففازوا وأفلحوا، وما علينا إلا أن نسير على نهجهم، ونقتفى أثرهم، خلف قيادة مبصرة واعية، مخلصين لله وحده، ننصر الله حق نصره، لِيُنجزَ لنا وعده، ويمنّ علينا بالفرج والنصر والتمكين.

(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (سورة الروم 4 – 5).

 

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
المهندس كامل الحوراني