press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

24 3 2019 thwrat alch3ob

تقوم الثورات عادة لتغيير الواقع السيئ إلى واقع أفضل، من أجل ذلك تقدم الشعوبُ الكثيرَ من التضحيات، وفي حال التفاف أصحاب المصالح على هذه الثورات وإفشالها فإن روح الثورة تبقى موجودة لتعيد شحن الشارع بهدف التحرك من جديد. هذا ما حدث في أوروبا نهاية القرن الثامن عشر وخلال القرن التاسع عشر، فقد حصلت عدة ثورات متتالية أدت في النهاية لتحقيق مطالب الشعب بالتغيير، منطلقها كان الثورة الفرنسية عام 1789م، حيث قامت ضد الدكتاتورية الحاكمة المتمثلة بالملك وأتباعه من طرف، والكنيسة الكاثوليكية من طرف آخر. حيث عاش الشعب الفرنسي تحت نير الظلم و الفقر، ورغم فشل الثورة الأولى، فقد تحرك الشعب الفرنسي في ثورة عام 1830م التي أطاحت بالملك وعدّلت السلطة إلى سلطة ملكية دستورية. كانت هذه الثورة شرارة لعدة ثورات حدثت في أوربا: بلجيكا، وبولندا، وانتفاضة سلمية في سويسرا، ومجموعة من الانتفاضات في الدويلات الإيطالية. لم تتوقف حدود الثورات في أوروبا بل امتدت إلى البرازيل، ولكن قلة الوعي عند الجماهير ووجود ثورة مضادة بقيادة كل من بريطانيا والنمسا أدت لفشل هذه الثورات والانتفاضات.

إلا أن الثورات لا تموت؛ حيث كان عام 1848م عامَ الثورات التي سمّيت بربيع الشعوب، خلاله انتفضت غالبية شعوب أوروبا ضد حكامها، سواء عبر ثورات شاملة أو انتفاضات سلمية، ابتداء من فرنسا ثم الدويلات الألمانية والدويلات الإيطالية وهولندا وبلجيكا والدنمارك وإيرلندا والسويد وبولندا وأوكرانيا وسويسرا والثورات في الإمبراطورية المجرية وغيرها من الدول الأوروبية الصغيرة، ولم تقف حدود هذه الانتفاضة في أوربا بل وصلت أصداؤها إلى العديد من دول العالم. بعض هذه الثورات كان هدفها إسقاط النظام الملكي وتبديله بالمبدأ الرأسمالي، وبعضها كان بهدف الوحدة الوطنية، وأخرى من أجل الاستقلال عن الدول المستعمِرة. حققت بعض هذه الثورات أهدافها وبعضها الآخر فشل، لكن هذه الثورات كانت بريقَ أمل، مما جعل الشعوب تعيد الكرّة مرة بعد أخرى، الأمر الذي أدى في النهاية إلى الوصول إلى الدول الأوربية الحديثة التي يسودها المبدأ الرأسمالي، مع ما نشاهده من تطور تكنولوجي ورخاء اقتصادي.

لقد كان السبب في تأخر الشعوب الأوربية في التخلص من الأنظمة القديمة، أن الشعوب لم يكن لها مشروع واضح ومبلور تهدف لتحقيقه، بل كانت ثورات نابعة عن غضب من الحكام، وأحلام كبيرة في الحرية والعيش الرغيد. في كل ثورة كان وعي الشعوب يتقدم درجة نحو الأمام، حيث إن التضحيات الجسام أرغمتهم على التفكير في مخرج، الأمر الذي أدى إلى الوصول للمبدأ الرأسمالي الوضعي الذي لم يحقق لهم الرخاء الحقيقي إلا بعد أن خاضت شعوب أوروبا حربين عالميتين، تم بعد كل منهما تعديلات كبيرة على المبدأ حتى وصلوا إلى ما هم عليه اليوم.

تُعلّمنا ثورات الشعوب الأوربية أن الشعوب ستبقى منتفضةً حتى تحقق أهدافها، وأن القمع العسكري والمكر السياسي للأنظمة الحاكمة لن تنجيهم من غضب الشعوب، وإنما تؤخر سقوطهم قليلًا، كما أننا في بلاد المسلمين اليوم نرى إرهاصات موجة جديدة من الثورات بعد فشل ثورات عام 2011م، وهي ثورتا السودان والجزائر، والتي من المرجح أنها ستمتد قريبًا للكثير من البلدان الإسلامية بهدف إسقاط الأنظمة العميلة الحاكمة والتخلص من النفوذ الاستعماري. لكننا أيضًا يجب أن نأخذ العبرة من تجربة الأوروبيين بحيث نحمل مشروعًا كاملًا نهدف فيه لإسقاط النظام وبناء نظام جديد، وأن لا نعتمد فقط على كراهية النظام القديم. في ذات الوقت إننا لسنا بحاجة إلى استيراد نظام وضعي جاء كردّ فعل على ظروف معينة في زمان ومكان محددين، ولا يزال مشرّعوه يعدّلونه تَبَعًا للمتغيرات! ورغم أنه حقق لشعوب أوروبا الحرية والرخاء الاقتصادي، إلا أنه دمرهم اجتماعيًا وأخلاقيًا، وهو اليوم يهدد السلامة البيئية على مستوى العالم، إضافة إلى أن نظامه المالي على وشك الانهيار مما سيجلب الكوارث للبشرية جمعاء ما لم يتم تبني نظام جديد. وقد أكرمنا الله عز وجل خالق السماوات والأرض بنظام الإسلام، فلو سعينا لإسقاط هذه الأنظمة وتطبيقه في دولة واحدة على رأسها خليفة منتخب يحكمنا بكتاب الله وسنة رسوله، لوفرنا على أنفسنا عناءً طويلًا لسلاسل متتالية من الثورات لن توصلنا إلا إلى ذات النتيجة، ولحققنا أهدافنا بالعيش الكريم مع الفوز برضوان الله عز وجل في الدراين.

 

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير- ولاية سوريا
مصعب الرشيد الحراكي