press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

2252019raya

 

 من أساليب التعمية والتضليل السياسي شد الأنظار باتجاه القشور والابتعاد كل البعد عن جوهر الأمور ومكنوناتها، وهذا غالبا ما نلحظه في تعامل الدول الكبرى وأذنابها مع الأعمال التي تؤثر، فيما لو استمرت على منحاها، أن تضرب مفاصل أو تغير واقعا أو تقلب طاولة أو ما شابه، فتجدهم أحيانا كمبضع الجراح يضحون بعضو ليسلم (لهم) باقي الجسد.

وقد بدا ذلك واضحا في ثورات ما يسمى بالربيع العربي فقد ركبوا موجاتها وصوروا للشعوب المنتفضة أن مشكلتها فقط مع حكامها فإذا ما تم التخلص من هؤلاء الحكام تنحل جميع المشاكل. وقد أسهم ذلك إلى حد معين وفي بعض البلدان بخداع الناس وتبريد اندفاعتهم - ولو مؤقتا - ريثما تُحكم الدول قبضتها على المفاصل التي اهتزت والتي أخذ بناؤها بأيدي أعدائنا عشرات السنين فتعود ثورات مضادة تسهم في تثبيت أركان تلك الأنظمة المجرمة (كما حصل في مصر حين استدرجت أمريكا المسلمين هناك ريثما ثبتت أركانها ورأبت صدعهم ثم أطلقت كلابها المسعورة ليعيدوا سيرة فرعون).

وأقول مؤقتا لأن حركة الوعي تزداد صعودا على مستوى الأمة بكاملها وليس فقط في مراكز الاهتزازات، وليس أدل على ذلك من حركة الناس في السودان والجزائر مع محاولات مستميتة من الدول لخداعهم وإطفاء جذوتهم.

وفي ثورة الشام على سبيل المثال أيضا: صورت أمريكا مشكلة الناس أنها مع رأس النظام دون جسده المتمثل بدولته العميقة، وقد سارع أذنابها وعلى رأسهم أردوغان ليسلطوا الضوء على بشار ويتكلموا عن مرحلة انتقالية دون بشار أو برئاسته مدة سنتين أو ستة أشهر بالتزامن مع عقد مؤامرة فينَّا، فيمررون بذلك الهدف الأساسي والذي وضع في أول بنودها ألا وهو: الحفاظ على النظام بمؤسستيه الأمنية والعسكرية.

وكمثال آخر على التضليل السياسي ما فعله ويفعله النظام التركي العلماني في مؤامرة سوتشي والتي تنفذ بسياسة خطوة خطوة على حد تعبير لافروف المجرم، هذه الخطوات هي على التوالي تسيير دوريات تركية يعقبها بعد فترة من القصف والقتل والتهجير تسيير دوريات روسية، طبعا على الطرقات الدولية، تمهيدا لفتحها أمام النظام المجرم؛ إنعاشا له وتقطيعا لأوصال المحرر، تمهيدا لحصاره وفرض الحل السياسي الأمريكي، ولكن عندما أدرك النظام العلماني التركي رفض أهل الشام دخول دوريات روسيا الصليبية، وخوفا على فشل مؤامرة سوتشي أرسل رسائل لأتباعه يحضهم على رفض دخول الدوريات الروسية فيمرر بذلك دخول الدوريات التركية ريثما يقومون بتجهيز مؤامرة جديدة كسحب المقاتلين لمحرقة شرقي الفرات مثلا.

ومهما عقد من مؤتمرات بل مؤامرات لاحقة فإنها لن تتجاوز الهدف الذي انطلقت منه منذ جنيف ١ ألا وهو حل سياسي يعيد إنتاج النظام.

هذه المؤامرات التي أسهمت بخطوات تراتبية مدروسة أفضت لتسليم مناطق، مترافقا ذلك مع مجازر وضغط على الناس للقبول بأي حل تفرضه هذه الدول بالتعاون مع قادات فصائل صُنعوا بدعم مسموم لتنفيذ هذا المخطط الخبيث.

ولا تزال محاولات الإيهام على أهل الشام أن المشكلة تكمن في رأس النظام الذي غدا ألعوبة وتقصد أسياده إظهاره بهذا المنظر القبيح مع ضغط معيشي غير مسبوق، كل ذلك لتهتز صورته أمام مؤيديه ويتخلوا عنه وتصبح الطبخة السياسية جاهزة دون أسد فيقبل الناس بالحل الذي (بظنهم) يخلصهم من رأس الإجرام والقصف ويصلون إلى حياة مستقرة، فتسير حينئذ مزاوجة بين حكومة للمعارضة تحت جناح الائتلاف وحكومة النظام ودمج جيشي النظام والمعارضة في جيش واحد.

وبهذا يكون أعداء الله قد قطعوا الطريق (كما يظنون) على مشروع الأمة العظيم، المشروع الإسلامي الذي تتوق له القلوب وتنتظره النفوس وتتطلع إليه الأعين، فتضيع عندها التضحيات في مهب ريح المشروع العلماني الديمقراطي الكافر.

ولكن هذا مكر الذين كفروا وأدواتهم وإن كان لتزول منه الجبال ولكن مكر الله أكبر ﴿فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ﴾ وقد وعدنا بالاستخلاف والتمكين إذ قال شبحانه: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، وما علينا لتحقيق ذلك الوعد إلا أن نجدد العهد مع الله ونسير واثقي الخطا بنصره، متوكلين عليه وحده راجين منه عونه، ملتفين حول مشروع الإسلام العظيم، مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي بشر بها الصادق المصدوق إذ قال صلى الله عليه وسلم: «...ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ» رواه أحمد.

فلنبادر قبل أن نغادر ولْنَسِرْ على درب خير الخلق وصحبه الأطهار لنصل إلى ما وصلوا إليه من عز وسؤدد ونفوز في الدارين ونقيم صرح الأمة المتين بإذن الله. ﴿لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا﴾.

ويسألونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا.

 

بقلم: الأستاذ عامر السالم

جريدة الراية: https://bit.ly/2HuFtkb