press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

1442021raya2

 

 

شـهدت سـوريا في الآونة الأخيرة حراكاً سياسياً كبيراً، وذلك مع وصول الثورة إلى ذكراها العاشرة، في محاولة من الدول المتدخلة في الشأن السوري كسر الجمود القائم منذ سنة تقريباً، طبعاً هذا الحراك ليس ذا شأن بالنسبة لتغيير المواقف من الثورة السورية وإنما تحريك للأجواء، وبيان الموقف الشعبي وبالون اختبار لنفسية أهل الثورة ومعنوياتهم.

حيث انطلقت بداية شهر آذار لقاءات سياسية عدة في عدة عواصم، فكانت زيارة وزير الخارجية التركي إلى قطر ولقاء المسؤولين القطريين، ترافقت مع تصريحات بتقديم دعم مادي لحكومات الأمر الواقع في الشمال المحرر، وفي الوقت نفسه زار وزير الخارجية الروسي المملكة السعودية، ورشح عنها محاولات روسية لدعم النظام السوري ورفع الحصار عنه وإعادته إلى الجامعة العربية، هذه الزيارات واللقاءات خرج الجميع فيها بتصريح وحيد أنهم جميعاً مع الحل السياسي وتنفيذ القرار الأممي 2254 وأنه هو الحل الوحيد لـ"الأزمة السورية".

في المقابل كان هناك حراك إعلامي وحديث عن مجلس عسكري ورياض حجاب ومرض الطاغية بشار وزوجته بوباء كورونا، وتسريبات إعلامية عن خروجه إلى روسيا، ونشاط أوروبي محموم يتحدث عن محاكمة طاغية الشام وأركان نظامه، جاء ذلك كله في وقت تعاني مناطق النظام من سوء المعيشة نتيجة ارتفاع صرف العملة السورية أمام الدولار ووصولها أرقاماً فلكية، وفقدان المواد الأساسية من الأسواق وازدياد طوابير الخبز والمازوت وانقطاع الكهرباء، وتوقف المواصلات العامة في مناطق عدة.

هذه المحاولات الدولية لاستغلال الذكرى العاشرة للثورة السورية لتمرير مؤامراتها على الشعب السوري، اصطدمت برياح الثورة القوية التي عبّر عنها الشعب بخروجه بمظاهرات حاشدة أكدت مرة أخرى على مطلب إسقاط النظام، هذا المطلب الذي يبدو أنه تجذر في نفوس أهل الشام ولم يعد بالإمكان اقتلاعه رغم المكر الدولي الكبير الذي يعصف بالثورة وأهلها، مما حدا بأعداء الثورة إلى العودة للحل العسكري ودفع الروس لتشغيل آلة الإجرام مرة أخرى للرد على الروح الثورية التي انبعثت في الذكرى العاشرة للثورة، فارتكبت المليشيات الروسية مجزرة دموية باستهداف مشفى في مدينة الأتارب بريف حلب الغربي، كما قصفت القوات الروسية منطقة المخيمات في بلدة قاح بصاروخ باليستي، بالإضافة لشن غارات جوية على معبر باب الهوى في عمق الشمال المحرر بريف إدلب الشمالي، رافقه حديث عن فتح معابر بين مناطق النظام والمناطق المحررة لاقت هي الأخرى رداً شديداً ورفضاً كبيراً من الثوار والحاضنة الشعبية، وكل ذلك للتغطية على الأسباب الحقيقية لهذا الحراك العسكري، الذي كان رداً على تأكيد الثورة على هدفها بإسقاط النظام.

لقد شكلت الذكرى العاشرة صدمة في الدوائر السياسية والمخابرات الدولية، التي تحضّر الأجواء لإنزال الحل السياسي والقضاء على الثورة، من حيث الحشود الهائلة التي خرجت ونوعية مطالبها، ليس ذلك فحسب فرغم محاولات فتح قضية علم الثورة وجعله قضية وخلق بلبلة في أوساط الثورة والثوار إلا أنها لم تؤت أكلها، فمطالب الناس لم تذهب في الاتجاه الذي أريد لها بل كانت تأكيداً على مطالب الثورة وتحقيق أهدافها وعلى رأسها إسقاط النظام، والذي تبين أنه ما زال هدفاً يوحّد الجميع لا بديل عنه، فقد جاءت المظاهرات الحاشدة تأكيداً على التمسك به، بينما كانت الدول تتربص الدوائر بالثورة وثوارها تريد دفعهم للموافقة على القرارات الدولية وعلى رأسها القرار 2254 الذي تبين أن الناس كشفت حقيقته وأنه لا يحقق أهداف الثورة وإنما هو هدية ومكافأة للنظام على جرائمه، وإعفاء له من المحاسبة بل وتكريس وجوده ومشاركته في السلطة.

إن حيوية الثورة رغم كل ما تواجهه في الداخل من فصائل وحكومات وظيفية مرتبطة بأعدائها، في مقابل وضع النظام المتهالك دفع وزير الخارجية الأمريكي لترؤس جلسة مجلس الأمن الدولي لبحث ما يسمونه الأوضاع الإنسانية في سوريا، والذي يسبق انعقاد مؤتمر بروكسل لما يسمى هو الآخر دعم الشعب السوري، هذه الجلسات والمؤتمرات وإن أخذت الشكل الإنساني إلا أنها في الحقيقة ذات بعد سياسي، ودليل ذلك ما صرح به قبل أيام بيتر ماريرو رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر خلال لقائه محافظ مدينة الحسكة شرق سوريا، بأن لجنته ستطالب مؤتمر بروكسل برفع الحصار عن سوريا، وهو ما يعتبر حبل نجاة جديداً تلقيه المنظمات الدولية للطاغية ونظامه المجرم.

أمريكا وأدواتها من دول ومنظمات ولجان ما زالت تعمل بوتيرة عالية وتناسق منقطع النظير عبر مؤامرة الحل السياسي الذي فصلته أمريكا على مقاس مصالحها ونفوذها في سوريا، لرسم نهاية الثورة وفق ما تريد وتشتهي، ولكن الحاضنة الشعبية للثورة كانت وما زالت الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه، إن هي تسلحت بالوعي على ما يحاك لها من مؤامرات.

إن الرد على ما تحوكه الدول من مؤامرات لا يكون إلا بتبني المشروع السياسي الإسلامي الذي يقدمه الرائد الذي لا يكذب أهله (حزب التحرير)، الذي أصدر مؤخراً الورقة السياسية الثالثة لأهل الشام قراءة لواقع الثورة - تشخيص وعلاج - حدد فيها أهداف النظام الدولي وأدواته في مواجهة الثورة السورية من حل سياسي ودستور جديد وهيئة حكم انتقالي وانتخابات هزلية، مساحيق تجميل للنظام المجرم الذي لن يتغير، بل سيبقى بمؤسساته الأمنية والعسكرية وعلى رأسهما أزلام أمريكا، في عنوان ثابت عن كيفية خداع الشعوب عندما توسّد أمرها إلى غير أهله.

 

كتبه: الأستاذ أحمد معاز

 

جريدة الراية: https://bit.ly/3wUit5W