khabar011217

الخبر:


(رويترز 29/11/2017) - قال نصر الحريري رئيس وفد المعارضة السورية يوم الأربعاء إن المعارضة تريد من روسيا ودول أخرى أن تمارس ضغوطا حقيقية على الرئيس بشار الأسد للمشاركة في محادثات السلام في جنيف من أجل التوصل إلى حل سياسي خلال ستة أشهر. كما ينص (قرار مجلس الأمن الدولي) رقم 2254".

 

التعليق:


وهكذا دارت الدائرة وأصبح النظام السوري في موقع الممانعة! فبعد كثرة الانتقادات للنظام السوري بزيف ما يعلنه من ممانعة أمام ضربات كيان يهود المتواصلة على سوريا قرر النظام أن يظهر الممانعة، فكانت كعادته في وجه المعارضة، وليس بالرد على كيان يهود. وإذا كان هذا معروفاً منذ زمن إلا أن قيمة الوعي السياسي تظهر في هذه الجولة من مفاوضات جنيف.

كان الواعون المخلصون يطلبون من المعارضة و الفصائل المسلحة عدم الالتفات إلى ما يدفعون إليه من مفاوضات ومسار سياسي للقفز على الثورة السورية، وكان هؤلاء يذكرونهم بفلسطين ومسار منظمة التحرير الفلسطينية في مفاوضات (السلام) التي دامت منذ سنة 1994 ولا يعرف لها نهاية، ولكن أولئك لم يتعظوا، واستمروا في الاستماع إلى تركيا والدول العربية التي توجهها أمريكا والغرب من أجل القضاء على الثورة السورية، فكان ما كان من قبول تسليم مدينة حلب تحت الضغط التركي، ليتسارع بعدها قطار التنازلات من المعارضة والفصائل المسلحة من أستانة وما جرته على الثورة من خراب، فأخذ النظام ومعه إيران وروسيا يتفردون بالفصائل واحدا تلو الآخر تحت ذرائع فصل المسلحين عن "الإرهابيين"، فكان العام الذي تلا تسليم حلب كله عام الانتصارات للنظام والتراجع على الأرض للمعارضة، حتى ظهر النظام بمظهر المنتصر.

كانت أمريكا و الغرب عموماً ودي ميستورا خصوصاً يدفعون بالمعارضة إلى المفاوضات على أمل الحفاظ على النظام من السقوط، فقال دي ميستورا: لولا تدخلنا لكانت الرايات السوداء وصلت دمشق، ثم قال بعد انتصارات بشار: على المعارضة أن تسلم بفشل الحل العسكري. والآن طبعاً لا يطلب دي ميستورا مبعوث أمريكا الأممي إلى سوريا من النظام التسليم بأن لا حل عسكرياً للأزمة السورية، وإنما يتركون جيشه يقاتل على غاربه على أمل تحقيق النصر الموعود الذي "أشاب شعر أوباما". بمعنى أن قبول المعارضة بمسار جنيف كان هدفاً كبيراً، فكانت المعارضة هي من ينسحب من المفاوضات الأولى، أي تتمنع!

وأما اليوم فقد انقلبت الصورة، وأصبح النظام هو من يتمنع! والسبب واضح وضوح الشمس بأن المعارضة قبلت بنصائح الدول العربية وتركيا التي تمثل السياسة الأمريكية، فتركت القتال وألقت بنادقها، فوصل النظام إلى دير الزور والبوكمال، وها هو يضرب بعنف في دوما معقل جيش الإسلام، الذي كان أول من ألقى السلاح، ويهدد بضرب آخر معقل كبير للمعارضة في إدلب بعد أن أسكتت بنادقها بطلب وضغط من تركيا، وهو لا بد فاعل لذلك. وعند ذلك أصبحت المعارضة هي من ينتظر وصول وفد النظام إلى جنيف، ذلك الوفد الذي يقول بأن تصريحات المعارضة عن رحيل بشار هي شرط مسبق نرفضه، فترد المعارضة بأن ذلك ليس شرطاً، وإنما هو مادة للتفاوض.

وفي الأثناء تنتقد روسيا الفصائل المسلحة التي لم تحرك ساكناً أمام بعض التحركات العسكرية للمخلصين في درعا قبل أيام، ويبدو أن الروس بانتظار أن تقاتل المعارضة المسلحة التي تفاوض في أستانة وجنيف المخلصين، لأن الغرب يسميهم بـ"الإرهابيين"، ولم تتعظ تلك المعارضة بأن روسيا كانت تصب حممها على الجميع لا تميز بين معتدل وغير معتدل، لكن المعارضة قد فقدت البوصلة.

وإذا فقدت البوصلة فإن المركب يمكن أن يتوجه من حيث أتى، دون إكمال الرحلة ودون تحقيق الهدف الذي كان قاب قوسين أو أدنى في عشرات المرات لولا استماع المعارضة المسلحة إلى غرف الموم والموك التي وضعت لقتالهم خطوطاً حمراء التزموا بها، وحذر منها المخلصون.

ولكن يخطئ من يظن بأن تضحيات الشعب السوري يمكن أن تباع بهذه السهولة في سوق جنيف، ففي سوريا رجال قادرون بإذن الله على إفشال تلك المخططات، وإعادة الكرة من جديد وبسرعة، فتلفظ سوريا عملاء تركيا والسعودية وغيرهما من قادة الفصائل الذين أصبحت لهم الثورة مصدراً للترزق من الأموال المسمومة التي تقدمها تلك الدول ومن ورائها أمريكا.

وإن غداً لناظره لقريب

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عصام البخاري

المصدر: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/radio-broadcast/news-comment/48007.html