wamadat030117

ومضات: ذكرى سقوط الأندلس... موعظة للثائرين

 

تمر على المسلمين هذه الأيام الذكرى الأليمة لسقوط الأندلس والتي كانت بتاريخ 02/01/1492ميلادية، في ذلك اليوم الأسود، توقفت مساجد غرناطة عن الأذان، فقد تسلم الصليبيون المدينة عبر معاهدة تلزم حاكم غرناطة آخر مدن المسلمين في الأندلس بالخروج للمغرب، وتقتضي حماية المسلمين ومساجدهم و أملاكهم، إلا أن أعداء الإسلام ليس لهم عهد ولا ذمة، فغدروا بالسكان، وأسسوا محاكم التفتيش التي خيرت المسلمين بين التنصر أو القتل، وأخذت بناتهم سبايا، ونهبت أموالهم، فكانت هذه الحوادث المريعة نهاية الحكم الإسلامي للأندلس والذي ناهز الثمانية قرون، وقد قال الشاعر أبو البقاء الرندي قصيدة مملوءة بالحزن والأسى في رثاء الأندلس هذه بعض أبياتها:


لِكُلِّ شَيْءٍ إِذَا مَا تَمَّ نُقْصَانُ **** فَلَا يُغَرَّ بِطِيبِ العَيْشِ إِنْسَانُ
هِيَ الأُمُورُ كَمَا شَاهَدْتَهَا دُوَلٌ **** مَنْ سَرَّهُ زَمَنٌ سَاءَتْهُ أَزْمَانُ
.........
تَبْكِي الحَنِيفِيَّةُ البَيْضَاءُ مِنْ أَسَفٍ **** كَمَا بَكَى لِفِرَاقِ الإِلْفِ هَيْمَانُ
عَلَى دِيَارٍ مِنَ الإِسْلَامِ خَالِيَةٍ **** قَدْ أَقْفَرَتْ وَلَهَا بِالكُفْرِ عُمْرَانُ
حَيْثُ المَسَاجِدُ قَدْ صَارَتْ كَنَائِسَ مَا **** فِيهِنَّ إِلَّا نَوَاقِيسٌ وَصُلْبَانُ
حَتَّى المَحَارِيبُ تَبْكِي وَهْيَ جَامِدَةٌ **** حَتَّى المَنَابِرُ تَرْثِي وَهْيَ عِيدَانُ


وختم قصيدته قائلاً:


وَطَفْلَةٍ مِثْلِ حُسْنِ الشَّمْسِ إِذْ بَرَزَتْ **** كَأَنَّمَا هِيَ يَاقُوتٌ وَمَرْجَانُ
يَقُودُهَا العِلْجُ لِلْمَكْرُوهِ مُكْرَهَةً **** وَالعَيْنُ بَاكِيَةٌ وَالقَلْبُ حَيْرَانُ
لِمِثْلِ هَذَا يَمُوتُ القَلْبُ مِنْ كَمَدٍ **** إِنْ كَانَ فِي القَلْبِ إِسْلَامٌ وَإِيمَانُ

 

لم تكن هذه النكبة بسبب قلة عدد المسلمين، فالمسلمون ينتصرون دائماً بفضل الله عز وجل، والإعداد بما يستطيعون، لكن الهزيمة جاءت بسبب البعد عن أوامر الله عز وجل، فتفرق المسلمون بين ملوك الطوائف، أولئك القادة الذين لم يكن بحسبانهم إلا المنصب والجاه، فخانوا الله ورسوله وأماناتهم، وتحالفوا مع الصليبيين، بل و أصبحوا عملاء لديهم، لم يجدوا حرجاً في ذلك فقد أفتى لهم علماء السلطان بجواز التحالف مع الصليبيين لدرء المفاسد وتحقيق المصالح، فكان أن اقتتل المسلمون فيما بينهم، ثم استفرد بهم الصليبيون الواحد تلو الآخر وقضوا عليهم وعلى ملكهم.
واليوم نستشعر الألم بشكل مضاعف بعد سقوط حلب بيد أعداء الإسلام، ورغم اختلاف الجغرافية و التاريخ بين الحدثين، إلا أن التشابه بينهما كبير، فالثوار ينتمون إلى فصائل متنازعة، لا تعتصم بحبل الله، بل تمشي أغلبها خلف أوامر الداعمين سواء أمريكا وأوربا أم عملائهم في المنطقة، لتحقيق هدف واحد، وهو وقف ثورة أهل الشام، وإعادة الشعب المسلم الثائر ليخضع تحت عباءة النظام ومخابراته التي لن تتوقف عن القتل والتنكيل بكل مسلم، فهي محاكم التفتيش لهذا الزمان، وهاهي مدن الثورة تسقط واحدة تلو الأخرى، القصير، حمص، يبرود..... وآخرها حلب، ورغم الهدنة الموقعة مع روسيا إلا أن حكومة إيران الحاقدة ومليشياتها الطائفية المجرمة تستمر بالهجوم على وادي بردى، فهل يهادن الذئب الحمل؟!، وهل نتوقع من النظام الذي استخدم كل أنواع الأسلحة ودمر سورية ليبقى في السلطة، أن يسقط بالمفاوضات؟!!!، فيا أهل الشام أمامنا خياران، إما أن نكرر مأساة الأندلس، أو أن نعتصم بحبل الله لا بحبائل الداعمين ونزيح كل تابع للدولار من بين أظهرنا فننتصر بإذنه تعالى، وتكون الشام عقر دار الإسلام كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورغم كل الأسى الذي نراه اليوم، إلا أن بشائر صحوة الأمة والنصر تلوح من بعيد، قال تعالى: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).


للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
مصعب الرشيد الحراكي