wamadat270317

ومضات: الحزب: إشكالية الفهم أم إشكالية المصطلح؟ (الجزء الثاني)

 

الذي ذكرناه سابقا في الجزء الأول كان في بيان لفظة حزب في القرآن ولكن هناك أناس قد لايقنعه كلامنا بناءا على أن كلامنا هو فهم خاص بنا رغم أن ما ذكرناه ليس مفهوم الآيات بل منطوقها أي ليس اجتهادا حتى نقول أنه قابل للخطأ والصواب ؛ بل هو ما دل عليه القرآن صراحة ؛ولهؤلاء نقول إن السنة النبوية والآثار وأقوال العلماء تدل دلالة قطعية على جواز اطلاق لفظة حزب على جماعة من المسلمين.

أما من السنة:
فقد جاء في صحيح البخاري ومسلم والترمذي (ان نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن حزبين فحزب فيه عائشة وحفصة وسودة والحزب الآخر أم سلمة وسائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم).
وجاء في كتاب فضائل عثمان رضي الله عنه لعبد الله بن أحمد بن حنبل وفي كتاب شرح اعتقاد أصول اهل السنة والجماعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تكون بعدي فتن وأحداث فقال أبو هريرة رضي الله عنه وأين النجاء يا رسول الله قال عليه الصلاة والسلام الأمير وحزبه وأشار إلى عثمان رضي الله عنه. والحديث أورده أيضا في العواصم من القواصم منسوبا لابن عساكر.
وأما الآثار فقد جاء في تاريخ الطبري و الكامل في التاريخ لابن الاثير وتاريخ الشريعة للآجري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لابنه عبد الله في قصة ترشيح الستة من بعده للخلافة إن اختلف القوم فكن مع الأكثر فإن تشاوروا فكن مع الحزب الذي فيه عبد الرحمن بن عوف.
وجاء في كتاب المنتظم لابن الجوزي أن عمرو بن الجموح رضي الله عنه قال قبل أن يقتل شهيدا في أحد: اللهم لا تردني إلى أهل حزبي وهي منازل بني سلمة.
وقال صيفي بن فسيل الشيباني لعلي رضي الله عنه يا أمير المؤمنين نحن حزبك وأنصارك (انظر تاريخ الطبري وابن الاثير).
ومن نافلة القول أن كلمة حزب كانت تجري على ألسنة العلماء ويقصدون بها فئة من المسلمين ولا يكون كلامهم في معرض الذم بل المدح والثناء فهذا ابن القيم في كتابه زاد المعاد يرجح قول عمر رضي الله عنه في مسألة فقهية اختلف فيها الصحابة معللا أحد أسباب هذا الترجيح بقوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد لواحد من هذا الحزب بأن ضرب الحق على لسانه يعني عمر رضي الله عنه
وقال الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء: وكانت الحنابلة حزب أبي بكر بن أبي داوود السجستاني.
وقال أبو سليمان الخطابي عن الفقهاء والمحدثين: إن الناس انقسموا قسمين وصاروا حزبين أهل خبر وأهل فقه ونظر وإن كلا منهم يكمل الآخر ولا يستغني عن صاحبه (انظر كتاب شرح سنن أبي داوود لعبد المحسن عباد).
كما وردت كلمة حزب على السنة العلماء ويقصدون بها فريقين أحدهما جيد والآخر سيء فقد قال النسفي: رأيت محمد بن إسماعيل البخاري في اليوم الذي خرج فيه من بخارى فسار الناس معه حزبين حزب له وحزب عليه (تاريخ الإسلام للذهبي).
وجاء في كتاب مسألة العلو والنزول في الحديث لمحمد بن طاهر المقدسي : الرواة عن الصحابة على حزبين صادق في لقيهم وكاذب.
كما أن كلمة حزب كثيرا ما ترد في كتب الفقه وذلك في أبواب المناضلة والرمي والتدرب على القتال ويقصد بها فئة أو فريق من المسلمين فقد جاء في كتاب الحاوي الكبير للماوردي ما نصه : النضال ضربان أفراد وأحزاب ...فأما نضال الأحزاب فهو أن يناضل حزبان يدخل في كل واحد منهما جماعة ...لأن مقصود النضال التحريض على الاستعداد للحرب(الجهاد)... وإ ذا ثبت جوازه في الحزبين كجوازه بين اثنين فلصحته شروط منها: أن يتساوى عدد الحزبين ان يكون زعيم كل واحد من الحزبين غير زعيم الحزب الأخر... وإن كان عدد الأحزاب أربعة كان عدد الرشق أربعين. انتهى. وقد نقله النووي بالحرف في كتابه المجموع وكذلك نقله أبو إسحاق الشيرازي بالحرف أيضا في كتابه المهذب في فقه الشافعي.
وأما في كتب الحنابلة فقد جاء في كتاب الكافي في فقه ابن حنبل في أبواب السبق والرمي والمناضلة قول ابن قدامة المقدسي: وإن كان الرماة حزبين اشترط كون الرشق يمكن قسمته عليهم وإن كان كل حزب ثلاثة وجب له ثلث صحيح ....وإن كان في أحد الحزبين من لايحسن الرمي بطل العقد فيه لانها لا تنعقد على من لا يحسن الرمي.

 

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
معاوية عبدالوهاب

لقراءة الجزء الأول: https://goo.gl/83cC7B
لقراءة الجزء الثالث والأخير: https://goo.gl/8vpoYY