press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

wamadat121217

ومضات: تاريخ الأمس أنموذج وعبرة (1)

 

كتب أحدهم ممتعضا من التغني بأمجاد الأجداد وإنجازات الأسلاف وانتصاراتنا العظيمة على مر تاريخنا الإسلامي المشرق: حين سدنا الأرض مشرقها ومغربها وملأناها عدلا ورقيا وحسن معاملة وعظيم رعاية وتدبير، وكثير اكتشافات واختراعات وانجازات في العلوم والصناعات، فقد كنا أصحاب بصمة مدنية لا تنكر.

والكاتب لما سبق لا ينكر تلك الانتصارات والانجازات بل يسوؤه أن يكون ما سبق مجرد ذكرى جميلة نرددها وتشغلنا عن واقعنا البائس من ذل وضياع وهوان على الآخرين.

تأملت الواقع بتفاصيله التي يبعث الكثير منها الألم في النفوس، لكنني لم أتأمل التفاصيل المؤلمة لأتغنى بأمجاد غابرة لن تعود، بل لأتصور تلك الأمجاد وذلك التاريخ الناصع واقعا ماثلا سيتحقق إن نحن سلكنا اليه الطريق التي حددها لنا ربنا عز وجل.

ففي أمسنا القريب الذي لا يتجاوز ست سنوات الذي مرت من عمر ثورتنا المباركة صور مشرقة من البطولات والتضحيات التي قدمها أهلنا على أرض الشام، تذكرت حين كانت مجموعات الثوار بقليل إمكانياتها وعظيم إيمانها واندفاعها تدك مراكز نظام الطاغية في قلب دمشق وتزلزل الأرض رعبا وذعرا حيث معقل الإجرام ورأس الظلم والعدوان.

تذكرت عاجلا جموع الناس التي أدركت دورها في التغيير ومسؤوليتها في صنع الحدث فاندفعت إلى الساحات والطرقات تحطم جدار الخوف، وتكسر حاجز الظلم، وتهتف وفي هتافها أمر بمعروف ونهي عن منكر وتصحيح لخطأ وتقويم لمسار، وذلك دور سياسي غابت عنه الأمة سنينا، فكانت فرحة العودة كفرحة عودة الأسير إلى أهله بعد طول غياب. تذكرت غيرها من تفاصيل التضحية في سبيل الله بالمال والنفس والولد والتي يحفظها كثير ممن عاشها وتابعها.

وكل ذلك يعيد رسم صورة البطولات التي سطرها أسلافنا، والتضحيات التي قدمها أجدادنا نصرة لدين الله عز وجل. ولم أستطع فكاكا من التاريخ، معرضا عن الدعوة لتجاهله، لأن في تاريخنا عبرة، ولنا فيما سبقنا قدوة، هو عزٌّ قديم ومجدٌ نسعى لاستعادته وليس أساطير نتغنى بها ونطرب لذكرها.

ولابد من صلة مؤثرة بين واقع الأمس المسمى "تاريخا" وواقع اليوم، فكم من حفرة وجدنا أنفسنا فيها اليوم أدى لها طريق سلكناه أمس، وسلكه من قبلنا ووقعوا في نفس الحفرة ولكننا لم نتعظ بهم. وكم من مصدر قوة ومبعث عز نهل منه أسلافنا ففازوا وانتصروا، ولو أننا نهلنا منه وتمسكنا به لانتصرنا وفزنا كما فازوا وانتصروا، ولكننا أهملناه لنعيش حياة الضياع والهزيمة.

 

فإلى من آلمه واقعنا ووقف على حافة اليأس، وعاش أيام التيه والحيرة والضياع، هذه دعوة إلى تدبر تجارب الأمس تدبرا موضوعيا موزونة أفعاله بميزان الحلال والحرام لندرك السبب ونفهم النتيجة. لندرك أن المسلمين سادوا حين حملوا الإسلام فحملهم ورفعهم الله فوق غيرهم من البشر، وقد أحسنوا تطبيق أمر الله فأحسن الله إليهم.

ولابد من القراءة ذاتها لنعي أن المال الذي قُدم لنا من الذئاب الماكرة لم يكن إلا قيدا وأن وعودهم ومؤتمراتهم ومفاوضاتهم ليست سوى زنزانة مؤقتة، حجزونا فيها قبل العودة بنا إلى معتقل الطاغية الكبير، تحت عنوان "الحل السياسي"، كي يمنعونا من التحرر الفعلي، ممثلا بإقامة دولة الإسلام على أنقاض نظام القتل والظلم، دولة الخلافة على منهاج النبوة، بوجهها النقي الحقيقي المشرق.

 

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
حسن نور الدين