ahdath140218

ومضات: قضيتنا المصيرية حمل الإسلام والعمل لجعله مطبقا في واقع الحياة

 

الحمد لله ربّ العالمين، المنعم على الناس بتشريع يُصلح أمرهم ويرعى شؤونهم ما تمسّكوا به إلى يوم الدين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين محمّدٍ خاتم النبيّين وعلى آله وصحبه ومن اتّبعه واستنّ بسنّته وسار على دربه بإحسان إلى يوم الدين.

إن الأحكام الشرعية المستنبطة من القرآن و السنة النبوية وما أرشدا إليه، والنظام الذي ينظم شؤون الإنسان جميعها هي الوحيدة التي تحقق السعادة للإنسان في الدارين، وهي التي تصلح لتنظيم شؤون الإنسان، وهي العلاج الوحيد الصحيح لحل مشاكله لأنها النظام الذي اختاره خالق الإنسان له، وسيحاسبه على الالتزام به يوم القيامة. قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) [الأنبياء : 107].

فحياة الإنسان المسلم بالإضافة لالتزامه هو بأحكام الشرع، يجب أن تكون من أجل العمل لإقامة دولة الإسلام الذي تطبقه عمليا وتجعله مجسدا في واقع الحياة، ومن ثم تحمله رسالة هدى ونور للأمم الأخرى بالدعوة والجهاد.

لذلك يجب على المسلمين أن يجعلوا قضية إيجاد الدولة التي تطبق الإسلام داخليا وخارجيا وحمل رسالته الى العالم هي قضيتهم المصيرية، يتخذون حيالها إجراء الحياة والموت، وبمعنى آخر يكونوا مستعدين لتقديم أرواحهم من أجل تحقيقها لأن القضية المصيرية هي التي تكون مستعدا لتقديم نفسك في سبيل تحقيقها أو الدفاع عنها.

لقد جعل أسوتُنا رسولُ الله صلى الله عليه و سلم حملَ الدعوة والثبات عليها قضية مصيرية عندما رفض إغراءات زعماء قريش أو عندما لم يحفل بتهديداتهم.

فها هو صلى الله عليه وسلم عندما قالت قريش لعمه أبي طالب إن ابن أخيك يؤذينا في نادينا فاطلبه منه أن يدع ذلك وعندما أرسلوا إليه وحدثه أبو طالب بذلك، حلَّق عليه السلام ببصره إلى السماء فقال: (أترون هذه الشمس)، قالوا: نعم، قال: (ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك من أن تشعلوا منها شعلة).

وقد كان صلى الله عليه وسلم يمر بآل ياسر وهم يعذبون فيقول لهم: (صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة).

وقال صلى الله عليه وسلم في الحديبية عندما حاولت قريش منعه: (فوالله لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله به حتي يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة).

لقد بين لنا رسولنا الكريم القضية على أنها قضية مصيرية واتخذ إجراء الحياة والموت حيالها، وأي إجراء غير ذلك سيؤدي إلى التهاون والتفاوض والركون والفشل لا سمح الله. لذلك كان من أخطر المفاهيم التي حاول الكافرون طمسها عن طريق غزوهم الفكري هو ضرب مفهوم أن "تطبيق الإسلام في دولة وحمله هو قضية مصيرية للمسلمين"، حيث حاولوا صرف المسلمين عن المفهوم الصحيح وأوجدوا مكانه مفاهيم منحرف ومشوهة، فجعلوا قضية المسلم المصيرية هي الحفاظ على نفسه ولقمة عيشه، ولا يكترث إذا غابت دولة الإسلام أو انتهكت حرمات الله، ولا يفكر بتغيير واقعه وواقع أمته وفق ما أوجبه الله عليه، بل يقتصر التزامه غالبا على الجانب التعبدي، وطمست معالم القضية المصيرية من أذهان كثير من المسلمين.

ورغم الصحوة الإسلامية، وانتشار الوعي على أفكار الإسلام الصحيحة، التي تمت بجهود أبناء الأمة الواعين المخلصين، إلا أن الأمة بشكل عام يجب أن تجعل حمل الإسلام وإقامة دولته وفق طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتطبيق نظامه في كل مناحي الحياة، والمحافظة على ذلك، هو قضيتها المصيرية تتخذ حالها إجراء الحياة أو الموت، وتكون مستعدة للتضحية في سبيلها بالغالي والنفيس، تصبر على ابتلاء التمحيص، وما تلاقيه من محن وشدائد.

وعندما نكون كذلك كما أمرنا الله عز وجل، نسير على بصيرة وفق الطريقة التي أوجبها الله علينا، جاعلين من ذلك قضيتنا المصيرية، نكون أهلا لتحقيق موعود الله.

نسأل الله أن ينجز لنا وعده، وأن يجعلنا ممن يستعملنا في طاعته، وأن يعزنا بدولة خلافة راشدة على منهاج النبوة.

 

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
عبد الكريم جمعة