wamadat020318

ومضات: الاقتتال هو فخ التدمير الذاتي بيد أعدائنا

 

أصبح معلوما لدى القاصي والداني، أن أمريكا هي من يحارب ثورة الشام، لأنها قامت ضد عميلها السفاح بشار وزمرته؛ ولكن أمريكا لأنها تزعم أنها سيدة العالم الحر، وإمعانا منها في المكر والتضليل، لم تشأ أن تقف إلى جانب عميلها بشكل مباشر، فأدارت صراعها ضد ثورة الشام عبر وكلائها الروس والإيرانيين والأتراك، وعبر عملائها من حكام العرب.

ولما فشلت القوة المفرطة وكل أشكال القتل المستخدمة ضد ثورة الشام بالقضاء عليها، لجأت الى الألاعيب السياسية والمكر الخدع، والتي قام بها من يدعون زورا صداقة الشعب السوري والوقوف الى جانب الثائرين على أرض الشام.

ومن أفظع هذا المكر تقسيم فصائل ثورة الشام إلى (معتدلين ومتطرفين)، وقد عملت الأبواق الإعلامية على تصوير المتطرفين الإسلاميين على أنهم من جلب لثورة الشام الويلات، واستعدى عليها الدول جميعها، ولولاهم لتمكنا من جلب المزيد من الدعم لثورتنا من الدول الكبرى، التي كانت ستقف معنا لولا هؤلاء المتطرفين.

وقد بدأ التحريش بين الطرفين، يغذيه تبعيةٌ للداعمين المتآمرين من جهة، وفهمٌ محدود للإسلام، وفقدانٌ لطريقة إيجاده في واقع الحياة، وتعصبٌ فصائلي مقيت، ومشاريعُ مناطقية، في ظل غياب تبني مشروع الإسلام العظيم.

كل ذلك أوجد الأرضية الخصبة لبذرة الاقتتال الخبيثة. فانحرفت البندقية، وسُفكَ الدم الحرام، وتقاتل أخوة الأمس الذين كانوا يقدمون أرواحهم دفاعا عن بعضهم بعضا، وكلُّ طرف يدعي بغي الآخر وعدوانه، وأن أوجب الواجبات علينا رد هذا البغي وهذا العدوان. متناسين العدوان الأكبر الذي يقصف أهلهم وإخوانهم بشكل بربري حاقد في الغوطة، وعلى امتداد أرض الشام التي روتها الدماء الزكية، وكأن طائرات السفاح ومن يسانده ترميهم بالورود والرياحين. لتبدأ المرحلة التي طالما حذرنا منها وهي مرحلة التدمير الذاتي للثورة عبر اقتتال بغيض بين أبنائها، وصلنا اليه عبر مقدمات كنا نتجاهلها ولا نكترث بها، ونصم آذاننا عمن يحذرنا منها.

واهمٌ من يظن أن أمريكا والغرب الصليبي الكافر وعملاءهم يفرقون بين مسلم ومسلم، أو بين متطرف ومعتدل. فهذه التقسيمات ما هي إلا نوع من المكر ليضربوا بعضنا ببعض، وليسفك بعضنا دم بعض، فيتمكنون بذلك من القضاء على الثورة بأيدي أبنائها، وقبل ذلك يخنقون باقتتالهم الأمل بالخلاص من نظام السفاح وجرائمه في نفوس أهلهم وحاضنتهم الشعبية، ويتحولون جميعا وهم يتخبطون في فخ الاقتتال الى أدوات بأيدي أعداء ثورتنا وديننا، غرباء عن أهلهم وحاضنتهم.

ولكن منفذ الخلاص من دوامة التيه والاقتتال التي وصلنا اليها ليس بعيدا عنا، رغم محاولة أعدائنا لفتنا عنه، والتعمية عليه. إنه طريق الخلاص الذي أنقذ العرب من تيه الجاهلية وظلماتها، فأصبحوا خير أمة أخرجت للناس، إنه "حبل الله " المتين الذين إن تمسكنا به نجونا، وأنعم الله علينا بأن يؤلف بين القلوب، ويجمع كلمتنا، لنكون بنعمته أخوانا كما ألف بين الأوس والخزرج ومن ثم بين المهاجرين والأنصار، لنكون أنصارا لله وحده، حربنا واحدة، ورايتنا واحدة ن وهدفنا واحد، نضعه نصب أعيننا لا يصرفنا عنه صارف، ألا وهو " إسقاط نظام الإجرام وإقامة حكم الإسلام "، نسير إليه على بصيرة وهدى من ربنا، خلف قيادة واعية مبصرة. عندها بإذن الله، نحفظ دماءنا، وننصر ربنا، ونرد كيد أعدائنا الى نحورهم، و ننال خلاصنا، ونبني عزنا في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة.

قال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) (الطلاق 3).

 

للمكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية سوريا
علي أبو عبيدة