كما تكونوا

 

إن من أخطر الأساليب التي استخدمها الغرب الكافر لتمرير بعض الأفكار المغلوطة والمفاهيم المنحرفة على الأمة الإسلامية لمنعها من نهضتها وعودتها لعزتها بعض الشعارات والأمثال التي عمل على ترويجها ونشرها بين أبناء الأمة لتجري على ألسنتهم ويعتبرونها كأنها مسلمات لا جدال فيها.
ومن ذلك قولهم (دع الخلق للخالق) و(اليد التي لا تقدر عليها بوسها وادع عليها بالكسر) و(العين لا تقاوم المخرز) وغيرها الكثير الذي يتعارض مع الأفكار الشرعية.
وقد أصبح يروج لمثل هذه الأفكار التي تزرع الخنوع والاستسلام وفصل الدين عن الحياة مجموعةٌ من المضبوعين بالثقافة الغربية من أبناء جلدتنا من سياسيين ومفكرين وشرعيين، فكانوا يبثون ما انخدعوا به من أفكار بين الأمة لتخديرها ومنع تحركها للتغيير وزرع العجز واليأس في قلوب أبنائها.

ومن المقولات التي درجت وراجت مقولة "كما تكونون يولّى عليكم"
والغاية من نشر هذه المقولة في ظل الأنظمة القمعية المتسلطة والمغتصبة لسلطان الأمة التي نصّبها الكافر المستعمر على الدويلات الوظيفية التي أنشأها بعد رحيله الشكلي، هي تبرئة هذه الأنظمة الفاسدة وحكامها العملاء من مسؤولية الفساد والإفساد الذي يقومون به، ومن ثم إلقاء اللوم والتقريع والذنب فيما يحدث على أبناء الأمة، وأنه حسب المقولة السابقة هم السبب في إنتاج هذه الطغمة الحاكمة.

لذلك بناء على هذا الفهم نجد كثيرا من الخطباء والمتصدين للشأن العام يجلدون الأمة ويقرعونها عند كل نازلة أو مصيبة تنزل بها، في الوقت الذي يسلم به الحكام والأمراء من أي نقد أو قدح، بل كثيرا ما يتم التطبيل والتبجيل بحمد الحاكم أو الأمير، وتصويره على أنه القائد الملهم، ولكن ذنوب الناس هي التي منعت النصر، أو أدت إلى الهزيمة.
وهكذا تُجلد الأمة عند كل مصيبة، وكأنه لا يكفيها ما تعانيه من تسلط وتهجير وظلم وقمع.
لقد كانوا سابقا يجلدون الأمة وكأنها هي من باع الجولان وسالم الصهاينة فلم يطلق عليهم رصاصة عبر حدوده لعشرات السنين.
واليوم يجلدون الأمة بخطبهم وتطبيلهم وكأنها هي من نفذ قرارات المؤتمرات التآمرية على ثورة الشام وباع قرارها وسلم المناطق والبلدات لنظام الإجرام، في الوقت الذي يتم التمجيد والتطبيل للأمير المتاجر والمجرم الحقيقي، ليكون في معزل عن النقد أو المحاسبة.

إن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا بقوله: (الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به)، وها هو علي بن أبي طالب يقول لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما (عففت فعفت الرعية ولو رتعت لرتعوا).
إن للحاكم دورا كبيرا في صلاح الأمة أو فسادها فهو حارس للنظام الذي يطبقه ومنفذ له بما يمتلك من قوة وسلطان وكل ذلك له أكبر الأثر على الأمة و أبنائها، لذلك أوجب الإسلام على المسلمين أن يقيموا دولة الإسلام ويختاروا من تتوفر فيه شروطاً محددة ليسوسهم ويحكمهم بأحكام الإسلام.

إن ما نعيشه اليوم من حياة الذل والهوان والضنك سببه النظام القائم والحكام الظلمة المأجورين ورؤوس الجهل من علماء السلاطين والمطبلين.
أما الأمة فقد أثبتت أنها تتوق لأيام عزها حين يحكمها المخلصون بشرع ربها، وهي على استعداد كما أثبتت الأحداث والوقائع لأن تقدّم الغالي والنفيس، وتتحمل من أجل دينها الصعاب والأهوال.
لذلك كان رأس الواجبات على الأمة الإسلامية أن تعمل على إسقاط الأنظمة الكافرة والحكام العملاء والأمراء المأجورين لتقيم حكم الإسلام في ظل خلافة راشدة على منهاج النبوة، حتى تعود كما كانت خير أمة أخرجت للناس، ويعود خليفة المسلمين ليرسل جيوش الفتح لتنشر عدل الإسلام ونوره من جديد.

==========
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
عبد الرزاق مصري