٢٠٢١٠٧١٧ ١١٥٤٤٦

 

 

قال تعالى: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْأَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا }
فمن أراد الزواج وجب عليه أن يكون على سنة الله ورسوله أي كما أمر الله وبيَّنَهُ صلى الله عليه وسلم، ومن أراد الصلاة وَجَبَ أن تكون صلاته كما أمر الله وبيَّنها رسوله صلى الله عليه وسلم، وكذلك من أدرك فرض إقامة الحكم بما أنزل الله فلا يكون إلا بالطريقة التي بيَّنَها رسوله صلى الله عليه وسلم، لأن القضية هي عبادة لله تعالى بإقامة الحكم وبالطريقة التي شرعها لنا سبحانه وسار بها رسوله عليه الصلاة والسلام. ولهذا وجب أن نتبع طريقته في إقامة الكيان السياسي للمسلمين الذي سماه رسول الله (خلافة).

والسير في حمل الدعوة هي أحكام شرعية، تؤخذ من طريقة سير الرسول في حمله الدعوة لأنه واجب الاتباع، للآيات الدالة على وجوب اتباع الرسول والتأسي به، والأخذ عنه كقوله تعالى: {... وَمَآ ءَاتٰكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهٰكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}

ونحن إخوانكم في حزب التحرير نسير وفق اجتهاد الشيخ المؤسس تقي الدين النبهاني -رحمه الله- الذي استنبط طريقة شرعية للوصول إلى إقامة هذا الكيان السياسي من الأدلة التفصيلية لأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم.

وباستقراء السيرة النبوية، فقد حدد الحزب طريقة سيره بثلاث مراحل:
الأولى: مرحلة التثقيف لإيجاد أشخاص تترسخ فيهم العقيدة الإسلامية وينضجون بالثقافة الحزبية التي هي ثقافة إسلامية، وهم أيضا يتبنون هذه الأفكار ويلتزمون فكرة الحزب وطريقته لتكوين الكتلة الحزببة التي تتحول إلى حزب سياسي. والحزب في ذلك يتبنى طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في إقامة الدولة. فقد كان أول عمل قام به الرسول صلى الله عليه وسلم هو إيجاد الكتلة المؤمنة بدعوته، فكان يدعو المقربين منه ومَن يستبشر بهم الخير، ثم يثقفه في دار الأرقم بن أبي الأرقم.

الثانية: مرحلة التفاعل مع الأمة، لتتخذ الإسلام قضية لها، ولكي تعمل على إيجاده في واقع الحياة.
فبعد صنع رجال قادرين على القيام بأعباء الدعوة نرى أنه عليه الصلاة والسلام أظهر هذه الكتلة وبدأ بها الصراع الفكري والكفاح السياسي للعمل على تغيير المجتمع تغييرا جذريا في كل جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقبل ذلك العمل على تغيير العقائد الفاسدة وأفكار عقائد الكفر، أي تغيير كل مناحي الحياة والأساس الذي تقوم عليه ليكون كما أمر الله عز وجل.

الثالثة: مرحلة إقامة الدولة عن طريق أعمال طلب النصرة من أهل القوة لاستلام الحكم، وتطبيق الإسلام تطبيقا انقلابيا جذريا شاملا لأنها الطريقة الشرعية التي تحصل الدعوة من خلالها على القوة لتمتلك الركن الثالث من عملية التغيير بعد حملة الدعوة والحاضنة لهم ولدعوتهم من أبناء الأمة.
فقد روى أبو نعيم والحاكم والبيهقي، والسياق لأبي نعيم رحمهم الله: (عن ابن عباس رضي الله عنهما، حدثني علي بن أبي طالب، قال: «لما أمر اللهُ رسولَهُ أن يعرض نفسه على قبائل العرب، خرج وأنا معه وأبو بكر إلى منى، حتى دفعنا إلى مجلس من مجالس العرب»).

لقد كرر ﷺ عرض نفسه على القبائل يطلب منهم الإيمان به وبدعوته ويطلب منهم النصرة للحماية والتمكين، فعرض ﷺ نفسه وطلب النُّصْرَة والـمَنَعَة على كثير من القبائل مثل ثقيف في الطائف، وبني عامر بن صعصعة، وغسان، وبني شيبان، وبني فزارة، وبني مرة، وبني حنيفة، وبني عبس، وبني نصر من هوازن، وكندة، وكلب، وبني الحارث بن كعب، وبني عذرة، وكان يتحمل في أثناء ذلك الأذى والمشاق العظيمة وكانت ردود القبائل العربية مختلفة ولكنه صلى الله عليه وسلم بقي متمسك بهذه الطريقة ملتزما بها لا يحيد عنها قيد شعرة حتى هيأ الله له الأوس والخزرج فبعث معهم مصعب بن عمير واستطاع في أقل من سنة نشر الوعي العام على الإسلام في أرجاء المدينة وتجهيز الحاضنة والحصول على تأييد ودعم أهل القوة والمنعة في المدينة.

فهذه هي الطريقة التي أقام بها الرسول صلى الله عليه وسلم الكيان السياسي (الدولة) للمسلمين ولن يصلح أمر هذا الدين إلا بما صلح به أوله.
اللهم هيئ من هذه الأمة من يعين حملة الدعوة وينصر أمتنا ليخلصها من الظلم والجور واجعلنا اللهم من الصادقين الثابتين على هذا الطريق وأكرمنا بإقامة دولة الإسلام واجعلنا من جنودها وشهودها.
وإن ذلك لقريب بإذن الله قال صلى الله عليه وسلم: " ...ثم تكون خلافة على منهاج النبوة".

========
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
إبراهيم معاز