syw190416

pdf

 

مرّت خمس سنوات على ثورة الشام المباركة، حملت في طيّاتها جراحاً وطعنات، كما أنها أظهرت آمالاً وبُشريات، فظهر فيها معدن الأمة الذي غاب ردحاً من الزمن، فوجدنا في الشام أمّة لا تستكين، تعطي وتبذل نصرة لهذا الدين، أمة لا ترضى الدنيئة، ولا تسكت على خطيئة، فإن أمة هذا شأنها يجب أن تعلم أنّ خيريّتها تكمُن في عملٍ عظيم إذا قامت به كانت تستحق هذا الوصف بالخير، وإذا ما تركته فلا يلحقها إلا الويل والثبور، فالله يقول في كتابه: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) هذه الأمة التي خرجت في الثورة لتأمر بمعروف الحكم بما أنزل الله، ولإزالة أعظم منكرٍ، ألا وهو الحكم بغير ما أنزل الله.

ورغم ذلك ما زال البعض يجهل حقيقتها ويغطي شمسها بغربال التبعية والخنوع، فيرى في شرعة الأمم المتحدة والقانون الدولي الخلاص لمشاكله ومشاكل أمته، فتراه قد أعمى بصره عن رؤية الغرب على حقيقته، فيُسارع فيهم ويُقبل على حلولهم ومؤتمراتهم، متجاهلاً حقيقة الصراع على أرض الشام بين مشروع الغرب الكافر (دولة مدنية علمانية) تضمن هيمنة الكفر ومصالحه وتعيد إنتاج نظام السفاح وتعطيه الشرعية من جديد وتحافظ على الأمن والجيش وبين مشروع الأمة المنبثق من عقيدتها (خلافة على منهاج النبوة), المشروع الذي يرضي ربنا ويحقق ثوابتنا وينهي معاناتنا ويشفى صدورنا ويجعلنا خير أمة أخرجت للناس. متجاهلا أن الحل السياسي الذي تفرضه الدول المتآمرة وعلى رأسها أمريكا وروسيا وأدواتها على ثورة الشام هو مكر جديد للقضاء عليها وعلى مشروعها كي يضمن النصر لمشروعه قال تعالى: (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا). وقد زيّنوا الحل السياسي والمفاوضات برعاية دولية بأنها إنهاء لمعاناتنا الإنسانية. وحقيقته كمن يزين السراب لنحسبه ماء ويُسوِّق للسم لنحسبه دواء.

إن نظرة سريعة للوفد المفاوض الذي يزعمون أنه يمثل المعارضة والمشارك في جريمة المفاوضات يظهر أنهم خدم للدول الكبرى والدول الداعمة التي اختارتهم، مدّعين زورا أنهم يمثلون ثورة الشام. فهل يمثل ثورة الشام (رياض حجاب) رئيس وزراء نظام الإجرام السابق؟!! وهل يمثلها (رياض نعسان آغا) وزير ثقافة نظام الإجرام بالأمس القريب؟!! أم يمثل المجاهدين المخلصين وأهلنا الصابرين المحتسبين (بسمة قضماني) الداعية إلى ثقافة غير القرآن الكريم، وإلى الإخاء بين يهود مغتصبي الأقصى وبين المسلمين؟!!. ولن يغير حقيقةَ المؤامرة إضافةُ (محمد علوش) بمظهره الملتحي عضواً في الوفد المفاوض حتى ولو جعلوه رئيساً لهذا الوفد! كما لم يغيّر حقيقةَ الائتلاف من قبل (الشيخُ) معاذ الخطيب الذي كان رئيسا للائتلاف وكان قد بشر بالشمس التي ستشرق من موسكو فكانت بُشراه مؤذنة بافتضاح أمره!

يجب أن ندرك أن هؤلاء الضعفاء الذين رضوا السير في طريق الحل السياسي الأمريكي قد فرّطوا بدينهم وبثوابت ثورتنا ثورة الشام المباركة. هذه الثورة التي حدّدت ثوابتها عندما انطلقت من مساجد الله وهتفت "هي لله هي لله " و"قائدنا للأبد سيدنا محمد". هذه الثوابت التي باتت من المسلّمات لدى أهل الشام، هي ليست ثوابت تجيز المفاوضات، بل ثوابت تُحرّم الخوض فيها... هي ثوابت لإسقاط النظام بكلّ أركانه ورموزه وأجهزته، ولإقامة نظام مكانه لا يلتقي به أبداً في دستوره ولا في أجهزته... نظامٍ إسلامي "خلافة راشدة على منهاج النبوة"، فيعز الإسلام والمسلمون ويذل الكفر والكافرون، وتنعتق الأمة من التبعية للغرب ويتحقق قوله سبحانه:( وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا).

إن المواقف المخادعة التي يعلنها ما يسمى وفد المعارضة المفاوض كإعلانهم أنه ليس لبشار دور في العملية السياسية؛ وإصرارهم على هيئة حكم انتقالية وطلبهم تأجيل موعد المفاوضات احتجاجا على خروقات النظام للهدنة لن تنطلي على المخلصين من أبناء الأمة ؛ ولن تجعل الحل السياسي مطلبا لأهل الشام ؛ ولن تكسب هذه المواقف المصطنعة لوفد المفاوضات أية شرعية باعتباره ممثلا لهم لأننا ندرك أن وفد التفاوض (يُمثل) على الثورة ولا يمثلها!

أيها المسلمون في الشام عقر دار الإسلام:
إن ما قدّمتموه لعظيم، وإن ما بذلتموه لكبير، وإنّه ليستحق ثمناً غالياً، ولا ثمن يضاهيه سوى "خلافة راشدة على منهاج النبوة"، وإنه لا بدّ أن تعلموا أن الوقوف في منتصف الثورة هو قتلٌ لها، فكيف وأنتم تعلمون ان المفاوضات هي العودة الى ما قبل الثورة؟! فلابد من الاستمرار في هذه الثورة والحفاظ على ثوابتها، والأخذ على يد كلّ من تُسوّل له نفسه العبث فيها أو التفريط بدماء أبنائها، ولا يقولنّ أحدكم "لستُ مَعنياً"، فعن أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قَالَ: يا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ هَذِهِ الْآيَةَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَّنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابِهِ " أخرجه أحمد، وأخرج نحوه ابن حبان في صحيحه. فالظالمون اليوم تعدّدت وجوههم واختلفت أسماؤهم ولكنهم بالفعل سواء، فالظالم من يخون التضحيات، ويرضى المذلة والمهانة لنفسه ولأهله. فالواجب اليوم هو الحفاظ على هذه الثورة من أن يخطفها الضعفاء والجبناء، " فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَأَمْرَهُمْ، هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ، نَجَوْا جَمِيعًا " أخرجه أحمد. إن التقصير في هذا الواجب يُوجب عذاب الله وسخطه، في الدنيا والآخرة، قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).

وإننا في حزب التحرير ولاية سوريا نظن بكم خيراً, فخذوا دوركم وقوموا بواجبكم، فقوِّموا من اعوّج أو انحرف عن مسار الثورة، وقولوها لا تخشون في الله لومة لائم "ثورتنا ليست للبيع", " ثورتنا لها رجالها الثابتون" "ثورتنا لا تقبل بأقل من خلافة راشدة على منهاج النبوة" فإننا نذكركم بآيات الله لتلتزموها وتعملوا بها، ولا تنسوها أو تفرّطوا بها قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ), وقال تعالى: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ).

أيها المسلمون في أرض الشام عقر دار الإسلام:
إننا إخوانكم في حزب التحرير ولاية سورية مدركون أن حقيقة الصراع هي أنه بين مشروعين لا ثالث لهما ؛ وأن فسطاط الإيمان لا بد أن تتوضح معالمه ويتمايز عن فسطاط النفاق، وثورة الشام بفضل الله هي الكاشفة. وقد عاهدنا الله عز وجل أن نكون حراسا أمينين للإسلام نبلور أفكاره ونكشف خطط المتآمرين عليه ونقول الحق لا نخشى في الله لومة لائم. ونعمل مع المخلصين من أبناء أمتنا وفق طريقة الرسول صلّى الله عليه وسلّم من أجل استئناف الحياة الاسلامية بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؛ خلافة لكل المسلمين وليست خلافة حزب أو جماعة أو فصيل. تجمع الجهود وتوحدها لتحقيق عزنا وفوزنا وخلاصنا في الدنيا والأخرة. (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ. يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ). فإلى العمل معنا من أجل نصرة مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة ندعوكم أيها المخلصون.
12/ رجب / 1437هـ 
الموافق 19-04-2016م 

حزب التحرير
ولاية سوريا