publications-hizb-ut-tahrir-syria

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

SyW220514

pdf

في 17/5/2014م، أعلن ائتلاف من خمسة فصائل إسلامية ما أسمَوه بـ"ميثاق الشرف الثوري" ذكروا فيه "ضوابط ومحددات العمل الثوري" الذي يلتزمون به، وقد جاءت أحكامهم على غير سواء؛ حيث أكدوا فيه وطنية الثورة عبر التشبث بحدود سايكس - بيكو من خلال القول بأن قواها الثورية "تعتمد في عملها العسكري على العنصر السوري، وتؤمن بضرورة أن يكون القرار السياسي والعسكري في الثورة سورياً خالصاً" ودعوا إلى أن "ينحصر العمل العسكري داخل الأرض السورية". وبعيداً عن أي ذكر لإسلامية ثورتهم وإسلامية أهدافها ذكروا أن "الثورة السورية هي ثورة أخلاق وقيم تهدف إلى تحقيق الحرية والعدل والأمن للمجتمع السوري بنسيجه الاجتماعي المتنوع بكافة أطيافه العرقية والطائفية"، معلنين أن "للثورة السورية المسلحة غاية سياسية هي إسقاط النظام" و"إقامة دولة العدل والقانون والحريات" ما يدل على خشيتهم من ذِكر الإسلام مجرد ذِكر في وصف الدولة! أما عن التعاون واللقاء مع الدول الإقليمية العميلة للغرب أو الدول الغربية نفسها التي تعادي ثورة الشام كونها إسلامية، وتعمل على منع عودة الخلافة ذكروا أنه "انطلاقاً من وعي هذه القوى للبعد الإقليمي والدولي للأزمة السورية فإننا نرحب باللقاء والتعاون مع الأطراف الإقليمية والدولية المتضامنة مع محنة الشعب السوري بما يخدم مصالح الثورة"، وعن امتلاك أو استخدام أسلحة الدمار الشامل طمأنوا الغرب بقولهم: "ونؤكد على التزامنا بتحييد المدنيين عن دائرة الصراع وعدم امتلاكنا أو استخدامنا لأسلحة الدمار الشامل".


بناء على ما ذكر، فإنه يمكن أن يطلق على ائتلاف الفصائل الخمسة هذا اسم الوجه الآخر للائتلاف الوطني السوري الذي يرأسه الجربا؛ لذلك سرعان ما رحَّب ائتلاف الجربا بميثاق الشرف هذا مؤكداً دعمه، ودعا سائر القوى والفصائل للتوقيع على الميثاق، والالتزام بما جاء فيه من مبادئ تحقق أهداف الثورة.


وإن أول ما يلاحظ في هذا الميثاق هو "لا إسلاميته" حيث لم يذكر فيه لفظ الإسلام مطلقاً. وإنما ذكر لفظ "ديننا الحنيف" في موضعين ليس للإسلام فيهما حظ ولا نصيب. ففي البند الأول ذكر: "1- ضوابط ومحددات العمل الثوري مستمدة من أحكام ديننا الحنيف بعيداً عن التنطع والغلو". ففي قوله "مستمدة من أحكام ديننا" لم نرَ أي أثر لهذا الاستمداد في سائر البنود. وأما قوله: "بعيداً عن التنطع والغلو" فإنه يقصد به التزام ما يسمى بـ(الإسلام المعتدل) الذي يوافق عليه الغرب، وكأنه يرسل بهذا رسالة تطمين للغرب. أما في البند التاسع، فقد ذكر الميثاق: "9- تلتزم الثورة السورية باحترام حقوق الإنسان التي يحث عليها ديننا الحنيف" وهذه رسالة تطمينية أخرى للغرب الذي له فهمه البعيد عن الإسلام في احترام حقوق الإنسان، والتي رأينا كيف أنه لا يحترم حقوق الإنسان المسلم بتاتاً، وذلك كما رأينا ونرى في سوريا نفسها. وخلاصة القول أن من لا يعرف أن الذي أصدر هذا الميثاق هو هذه الفصائل الإسلامية لا يستطيع أن يحدد تماماً ما المقصود بـ"ديننا الحنيف".


إن ما تم الإعلان عنه واضح فيه أنه جزء من خطة شيطانية مدبرة في دهاليز سفارات الدول الإقليمية والدولية، ويجب التنبه لها والاعتصام منها بالشرع، فما إن تم الإعلان عن هذا الميثاق حتى صدرت مباشرة المواقف المرحبة به، وأولها كان ترحيب ائتلاف الجربا ودعوته سائر القوى والفصائل للتوقيع على الميثاق والالتزام بما جاء فيه من مبادئ تحقق أهداف الثورة. ودبجت المقالات المؤيدة له والمهاجمة لدعوة الخلافة ولمن يحملها. ورافق الإعلان دعاية قوية ودعوى أنه "خطوة ثورية تبعث على الارتياح"، وأنه "رسالة تطمين للغرب"، وأنه "نقلة نوعية في طريقة التفكير، حيث نزل بنا من سماء الشعارات الكبيرة المتعسرة إلى أرض الواقع الميسور". وهذه الدعاية التسويقية له إنما يراد منها الإيحاء أن هذا الميثاق يلقى قبولاً واسعاً لدى المسلمين، وأنه يشمل جميع أطيافهم، بينما في الواقع فإن العكس هو الصحيح. إذ من المتوقع أن يُحدث إعلان هذا الميثاق أزمات داخلية لدى الفصائل المشاركة فيه نفسها رفضاً له؛ لأن تطبيق الإسلام بات مطلباً قوياً لدى المسلمين بفضل الله وحده، ولن يستطيع مكر الماكرين ولا خذلان المتخاذلين أن يقلب الحقائق؛ لذلك نقول لهؤلاء ما قاله الله سبحانه وتعالى على لسان موسى عليه السلام في محكم تنزيله: ﴿مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ﴾.


ويلاحظ في بنود هذا الميثاق دعوة ضمنية خبيثة للاقتتال بين الفصائل الموالية له والفصائل المعارضة له، وذلك من خلال ما ذكر فيه من أن الثورة تعتمد في عملها العسكري على "العنصر السوري" وتؤمن أن يكون قرارها السياسي والعسكري "سورياً خالصاً" والمقصود هنا أن على الثوار أن يضعوا حداً لظاهرة ما يسمونه بـ"المقاتلين الأجانب" وبالتالي فتح معارك معهم لطردهم. وهذا عين ما تخطط له أمريكا للقضاء على الثورة وتعويم نظام المجرم بشار، فأمريكا تلبس على هذه الفصائل أمر دينهم وتمنيهم بـ"سلاح نوعي" مقابل خطوة التنازل هذه وعندها تضمن أمريكا أن سلاحها النوعي هذا سيتم استخدامه في التنازع والاقتتال فيما بين الموقعين على الميثاق والرافضين له، وفي هذا خسران الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾.


أيها المسلمون الصابرون على الحق في أرض الشام المباركة:


إننا ومن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ننصح ائتلاف الفصائل الخمسة أن يعلموا أن وراء هذا الميثاق مؤامرة غربية أمريكية يريدون أن تمرَّر من خلالهم، وأنهم يريدون لهم أن يكونوا أداة بيدهم لضرب مشروع الأمة الإسلامية العظيم المتمثل بإقامة دولة الخلافة الراشدة والذي تقدم في سوريا خطوات مقلقة للغرب، ومن ثم فرض مشروع الغرب العلماني الكافر، وذلك تماماً ما يحدث في سائر بلاد الثورات. فهل أنتم واعون على ذلك أم لكم كتاب آخر فيه تدرسون؟ ألا فلتعلموا أن ما تقومون به إثمه عظيم عند الله. ومن هذا الباب فإننا ننصح الذين هم في هذه الفصائل أن لا يشاركوا في مثل هذا المخطط الشيطاني، وأن ينسحبوا من هذا الائتلاف.


كذلك فإننا ننصح سائر المسلمين أن لا ينجروا إلى أي اقتتال؛ لأن الانجرار إليه، فوق كونه عظيم الحرمة عند الله، هو يضعف المسلمين ويقوي نظام بشار المجرم، وهو عين ما تريده أمريكا، وأن السبيل الشرعي الأقوم لإسقاط هذا الميثاق هو بكشف مدى خطورة أهدافه، ومدى بعده عن الإسلام، ومدى ما يحمله من خطورة على المسلمين في ثورتهم، وفي مستقبلهم مع دينهم؛ وهذا الكشف يؤدي إلى إيجاد حالة من الوعي لدى جميع المسلمين تجعل الميثاق يفشل وأصحابه يرتدعون؛ لذلك كان لا بد من حملة شعبية واسعة عليه، ولا بد من توعية سائر الفصائل المسلحة على خطورته، وعلى حرمة الانجرار إلى أي اقتتال داخلي يهوِّش له الإعلام الفضائي المأجور. قال تعالى: ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ * فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾.

23 من رجب 1435
الموافق 2014/05/22م

حزب التحرير
ولاية سوريا