I-SY-95-02-026

pdf

تتوالى المحن والآلام على أهل الشام الصابرين كما لم يمرَّ مثله على مرَّ الأيام، وسط تآمر دولي وإقليمي رهيب. فقد بلغ طاغية الشام في إجرامه مبلغاً تنأى عنه وحوش الغاب ويفضح كل متواطئ وعميل في ظل المجازر الفظيعة اليومية التي يرتكبها هذا السفاح وأجهزته الأمنية التي قبل أحمد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني أن يجلس للحوار معها، وليس آخرها المجزرة المروِّعة التي ارتكبها هذا النظام الفاجر في مدينة حلب والتي راح ضحيتها أكثر من مائة وعشرين نفساً بريئة لاذنب لها إلا أنها قالت: "ربي الله"، وقالت للظالم: "أنت ظالم"!

فقد صحت مدينة حلب يوم الأربعاء 30-1-2013م على جريمة مروِّعة جديدة بعد انتشال أكثر من ثمانين جثة مرمية في نهر "قويق" في حي بستان القصر ليرتفع العدد لاحقاً إلى أكثر من مائة وعشرين شهيداً كُبلوا بالأصفاد من الخلف، وكُمّمت أفواههم، وهشمت جماجمهم إما رمياً بالرصاص أو ضرباً بالفؤوس. إن مشهد الإجرام هذا لهو أكبر شاهد ليس على إجرام أمثال هؤلاء الحكام العملاء الأنذال فحسب، بل على أسيادهم من أصحاب الحضارة الغربية الرأسمالية المتوحشة الذين يقفون وراء هذا الإجرم الفظيع: تخطيطاً وتنفيذاً وحماية له من المساءلة الدولية، وتأمين دعم دولي وإقليمي له على كافة المستويات ليستمر في إجرامه... إن هذه المجزرة ماهي إلا محاولة بائسة لترهيب الناس وتركيعهم ليقبلوا بالحل الأمريكي، وحكومة انتقالية تُصنع على أعين الغرب وتتبنى مصالحه وأهدافه ولو على حساب ما يقارب مائة ألف شهيد ومئات الآلاف من الجرحى والمعتقلين وملايين النازحين واللاجئين داخل البلاد وخارجها. ولكن أنّى لهم ذلك؟ ألم يعلم هؤلاء أن في الشام رجالاً أعلنوها ثورة حتى الخلافة مهما كانت التضحيات؟

إن أي إنسان، ناهيك عن أي مسلم، ليستنكر ويستفظع بشاعة هذا الإجرام متسائلاً: أي بشر، وأي وحوش ابتُليت بهم أرض الشام، أولئك الذين يبذلون كل وسعهم للقتل والقنص والتنكيل والتهشيم والتمثيل ببشر مثلهم اختلفوا معهم في رأي أوموقف!! إن هذا حقاً لا يقوم به إلا عدوٌّ مبين للمسلمين! نعم إلى هذا الحد وصل عداء حكام المسلمين للمسلمين من غير أي فارق بينهم، ووصل إجرام أسيادهم الغربيين المتوحشين مدَّعي الإنسانية، إن الأمر وصل عندهم إلى عمل مجرم لئيم دؤوب لكسر إرادة المسلمين في سوريا، وقتل توجههم نحو إسلامهم، وتهشيم مطالبتهم بإقامة دولة الخلافة والتخلص من مثل هذه الأنظمة الفاجرة والانتهاء من مثل هذه الحضارة المتوحشة... ولكن الإسلام أقوى من أن يقضى عليه، ومثل هذا الإجرام لن يزيد المسلمين إلا نقاء وإصراراً على إقامة شرع الله الربَّاني العادل، نعم إنه تحدٍّ سافر لهذه الأمة، ومع الصبر في الله سيكون النصر من الله، خلافةً راشدةً على منهاج النبوة بإذن الله، وعندها يهون الثمن مهما كان غالياً، وتفتح أبواب الجنان من جديد لأفواج الشهداء في سبيل الله، الذين ما ماتوا وما قتلوا إلا ليُحيوا الناس، كل الناس، بدعوتهم إلى الهداية ونشر دينهم بينهم... لا من أجل السيطرة عليهم ونهب خيراتهم كما يفعل الغرب الرأسمالي الكافر.

أيها المسلمون، يا أهل الشام، يا أحفاد الصحابة والفاتحين: إن المسلمين في شتى أنحاء الأرض ينظرون إلى ثورتكم على أنها ثورة الأمة التي ستصحح مسار التاريخ من جديد، لتعودوا خير أمة أخرجت للناس، فاعقدوا العزم ألا تعودوا إلى بيوتكم إلا وتاج الخلافة الراشدة فوق رؤوسكم، ففيها والله عز الدنيا ونعيم الآخرة بإذن الله، وما ذلك على الله بعزيز.

قال تعالى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}

التاريخ الهجري: 18/3/1434
التاريخ الميلادي: 31/1/2013

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية سوريا
المهندس هشام البابا