بناء جيل التغيير بين الهروب من المسؤولية وواقع التغيير

 

 



كثيراً ما يتردد على مسامعنا القول بوجوب بناء جيل يحمل أعباء التغيير ، أما نحن فقد تُودّع منّا ولا يمكننا تغيير الواقع ، وأن الأمل معقود بهؤلاء الأطفال ، فلنحسن العناية بهم وتنشئتهم التنشئة الصالحة عسى أن يكون التغيير على أيديهم .
الغريب أنك تسمع هذا النوع من الطرح من كل الأعمار سوى الأطفال ، فتجد الطالب الجامعي يردد هذه الكلمات والتي حتماً سمعها من أحد المحاضرين ابن الستين عاماً أو ابن الأربعين ، كما أن آراء كثيرة تكتنف مفهوم الجيل هل هو أربعين سنة أم ثلاثين أم عشرة ، ناهيك عن غياب الآلية العملية لبناء هذا الجيل أو على الأقل عدم وضوحها .
غالباً ما يكون الدافع لمثل هذا الطرح هو الهروب من تحمل أعباء التغيير وإلقاء المسؤولية إلى الغير ، وهذه الفكرة تدغدغ المشاعر وترضي النفس وتتوافق مع ميولها إلى الراحة والدعة ، إضافة لأنها فكرة تعجب الطغاة فهي تطيل أعمارهم وتسمح لهم باستمرار ظلمهم دونما رقيب أو محاسب .
إنَّ للتغيير سنة ربانية لا تتخلف ، وبها عمل الأنبياء صلوات ربي وسلامه عليهم ، وهي أن تقوم فئة من الناس بالاجتماع على أمر الله ، والالتزام به والدعوة له وجمع الجهود الكافية لقلب أنظمة الحكم الفاسدة ، ثم تطبيق النظام الذي يرتضيه رب العالمين .
ودون ذلك من الأعمال حتى لو كانت أعمال خير إلا أنها لا تمت لتغيير الواقع بصلة ، بل ربما تسهم في بقائه فاسداً إذا ما كانت أعمال تغض الطرف عن الظلم الواقع على العباد .
وبالنسبة لفكرة بناء الجيل فإن لها جانبين أحدهما جماعي والآخر فردي ، فأما الجماعي فهو متعذر ، إذ كيف لواقع فاسد أن يبني جيلاً صالحاً مصلحاً ؟! فالجبان لا يورث الشجاعة والجاهل لا يمكنه تعليم غيره ، وفاقد الشيء لا يعطيه ، أما الجانب الفردي فهو ممكن ، لكنه لا يسهم في التغيير ما لم يكن القائم على التربية منخرط في مشروع تغييري ، وإلا فإنه لا يمكن أن يسكت عن ظلم ثم يعلّم غيره أن يواجه الظالمين .
وأخيراً .. فإن التغيير يحتاج إلى الرجال الرجال بغض النظر عن أعمارهم ، يحملون أعباء التغيير ويستعدون للتضحية في هذا السبيل ، ولا يتقاعسون عن العمل مهما كانت المعوقات ، ويثبت ويثبتون على أمر الله حتى يظهره الله أو يهلكوا دونه .

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية سوريا
منير ناصر