photo 2025 06 16 21 42 46


مما تذكره كتب الأدب واللغة العربية أن قوماً خرجوا إلى الصيد، في يوم حار، فبينما هم كذلك إذ عرضت لهم أم عامر وهي الضبع، فطردوها حتى ألجؤوها إلى خيمة أعرابي، فاقتحمتها. فخرج إليهم الأعرابي فقال: ما شأنكم؟
فقال: صيدنا وطريدتنا.
قال: كيف وقد دخلت بيتي واستجارت بي؟ كلا والذي نفسي بيده لا تصلون إليها ما ثبت قائم سيفي بيدي، فرجعوا وتركوه، فقام إلى شاة له فحلبها وقرب إليها ذلك، وقرب إليها ماء، فأقبلت مرة تشرب من هذا ومرة تشرب من هذا حتى عاشت واستراحت، فبينما الأعرابي نائم في جوف بيته، إذ وثبت عليه فبقرت بطنه، وشربت دمه، وأكلت حشوته وتركته.
فجاء ابن عم له فوجده على تلك الصورة، فالتفت إلى موضع الضبع فلم يرها فقال في ذلك:
ومن يصنع المعروف في غير أهله . . . يلاقي الذي لاقى مجير أم عامر.
وأم عامر هي كنية الضبع،
فلأجل هذا قالت حكماء العرب: إن المعروف إلى الكرام يعقب خيراً، وإلى اللئام يعقب شراً، ومثل ذلك مثل المطر، يشرب منه الصدف فيعقب لؤلؤاً، وتشرب منه الأفاعي فيعقب سماً. وقال سفيان الثوري رحمه الله تعالى: وجدنا أصل كل عداوة اصطناع المعروف إلى اللئام.
ولعمري لا نرى شبهاً لهذه الأمثال العربية إلا ما نراه اليوم ممن يسمون أنفسهم لجنة السلم الأهلي.
فهم مثل ذاك الأعرابي الذي أجار الضبع من القتل، ثم أطعمها وسقاها، فقامت بقتله وأكله. فقد أطلقوا الشبيحة والمجرمين والوالغين بالدماء والهاتكين للأعراض، يبتغون عندهم العزة والمنعة، ويبتغون رضى الدول الغربية عنهم في التعامل مع ما يسمى بالأقليات، وقد غفلوا عن قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: 10].
ألا يدركون أن ما يفعلونه معناه أن الحاضنة الشعبية الثورية ستنفض عنهم وتتركهم ولن تقف معهم وستتخلى عنهم!
ألا يدركون أنهم إن فعلوا ذلك فإن هؤلاء الشبيحة سيكونون هم المعول الذي يهدم بنيانهم!
ألا يدركون أنهم يتزلفون للقتلة المجرمين على حساب دماء الشهداء التي ستلعن من ضيعها وساوم عليها وباعها في سوق النخاسة!
ألا يدركون أنهم قد فعلوا جريمة شنعاء ستكون وصمة عار عليهم إلى يوم الدين!!
ألا يدرك هؤلاء أن هذه السياسة تجاه الشبيحة والقتلة والمجرمين هي مثل قول العرب قديماً: سمّن كلبك يأكلك!

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمود عبدالرحمن