1447 04 14 في 00.03.29 df2e726d



بدأت يوم الأحد 5-10-2025، عملية انتخاب أعضاء مجلس الشعب السوري الجديد، وشُكلت هيئات ناخبة في جميع المحافظات السورية لانتخاب أعضاء مجلس الشعب، فيما يرى بعض المحللين أن مجلس الشعب في حلته الجديدة لن يختلف عن سابقه في عهد النظام البائد.
وحسب الإعلان الدستوري، في مادته 24، فإن ثُلث الأعضاء يتم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية، بينما يتم انتخاب باقي الثُلثين من هيئات ناخبة من شتى المحافظات السورية؛ تُشكّل هذه الهيئات من قبل لجنة عليا للانتخابات يعينها رئيس الجمهورية أيضًا، في حين يُستبعد أي دور للشعب السوري في اختيار ممثليه.
أما مهام مجلس الشعب السوري فلن تختلف عن سابقيه؛ بل لا يختلف عن مجالس الشعب في العالم الغربي أو الإسلامي من كونه مجلسًا تشريعيًا يقرّ القوانين التي تُطرح في جلساته، ويقرّ القوانين بناءً على رأي أكثرية أعضاء مجلس الشعب، بغضّ النظر عن مصدر القانون، وكونه من مصدر الشرع الإسلامي أم من التشريعات الوضعية.
وللمجلس حق اقتراح القوانين المختلفة وإقرارها، وتعديل أو إلغاء القوانين السابقة في عهد النظام السابق؛ كما له دور في المصادقة على المعاهدات الدولية، وإقرار الموازنة العامة للدولة، ومنح العفو العام.
كما لمجلس الشعب دور في مساءلة ومحاسبة الحكومة على أي تقصيرٍ بحقِّ الشعب.
ومن المثير للاستغراب أن عددًا من الشبيحة ومؤيدي النظام البائد يترشّحون لمجلس الشعب الجديد، ممّا أثار موجةَ غضبٍ عام في الشارع السوري.
في ظل هذه المعطيات، لا بدّ من تناول هذه النقاط بشيءٍ من التفاصيل وبيان حكم الشرع المتعلق بها.
أما قضية التشريع وسنّ القوانين فليس لأحد أن يشرّع قانونًا من دون الله ابتداءً، أو أن يتم اختيار حكم شرعي — لو كان مصدره الإسلام — بناءً على رأي الأكثرية؛ بل يتم تبنّي الأحكام الشرعية وسنّها قوانين نافذة من الدولة من قبل رئيس الدولة الإسلامية أو الخليفة، بناءً على قوة الدليل الشرعي الصحيح.
ودور المجلس النيابي في الإسلام — وهو ما يُسمّى مجلس الأمة — تقديم المشورة للحاكم أو الاستجابة لمشورته من قبل النواب المسلمين، ومحاسبته ومساءلته عن التقصير بحقِّ الرعية من خلال النواب المسلمين وغير المسلمين.
كما أنه للأعضاء المسلمين في مجلس الأمة دور في حصر المرشحين لمنصب الخليفة؛ فهم في ذلك ينوبون عن الأمة في اختيار المرشحين ليكون أحدهم رئيسًا للدولة بعد موت خليفة سابق أو عزله.
ويتم انتخاب أعضاء مجلس الأمة من قبل الناخبين في كل ولاية من ولايات الدولة الإسلامية، ولا يتم تعيينهم تعيينًا من قبل الحاكم لما في ذلك من سلبٍ لسلطان الأمة وأحقيتها في اختيار الحاكم أو محاسبته وكذلك في اختيار ممثليها ووكلائها الذين ينوبون عنها.
أما قضية المصادقة على المعاهدات الدولية أو المعاهدات السياسية أو العسكرية، فهذه أيضًا ليست من صلاحية مجلس الأمة؛ بل هذا منوط بالحاكم ويكون منضبطًا بالأحكام الشرعية.
ويرى مراقبون أن تشكيل مجلس الشعب السوري، وخاصة في ظرفٍ لا تزال البلاد مقسمة ومفتّتة وإبعاد خمس محافظات عن التصويت بسبب فقدان السيطرة عليها، كلُّ ذلك يدلّ على محاولة حكومة الشرع تمرير الاتفاقيات الأمنية مع كيان يهود بأسرع وقت، وأخذ موافقة شكلية من مجلس الشعب لجعل الأمر يبدو وكأنّ هناك تأييدًا شعبيًا لهذه الاتفاقيات الخيانية.
في ظل واقع مجلس الشعب السوري الجديد يتبيّن أن الدخول إلى هذا المجلس لا يجوز شرعًا ضمن الصلاحيات المعطاة له دستوريًا، ولكن يجوز الدخول إلى هذا المجلس بهدف المحاسبة والتكلّم بوضوح عن وجوب الانتقال بسوريا من النظام الجمهوري العلماني إلى نظام الخلافة، وأن تكون سوريا نقطة انطلاق لدولةٍ تضمّ كافة بلاد المسلمين.
هذا حصل سابقًا مع النائب الشيخ أحمد الداعور، عضو حزب، عندما ترشّح في ستينيات القرن الماضي لمجلس النواب الأردني، وعندما نجح خرج في خطاب داخل المجلس بيّن فيه بطلان نظام الحكم القائم في الأردن ووجوب تحكيم الإسلام كبديلٍ شرعي وحيد؛ فمنذ الجلسة الأولى هدم كيان الدولة الوطنية القائم، وتمّ على أثر ذلك اعتقالُ الشيخ وإيداعُه السجن.
هذا واقعُ مجلس الشعب السوري وغيره من المجالس البرلمانية في بلاد المسلمين، وهذا واقعُ مجلس الأمة بالإسلام؛ ونحن لا نكتفي فقط بأن يكون لدينا مجلس أمة منضبط بالأحكام الشرعية، بل ندعو لتبنّي نظام حكمٍ إسلامي متكامل مبني على العقيدة الإسلامية، ودستورٍ إسلامي مستنبط من الكتاب والسنة وما ارشدا إليه، تكون قوانينه الفرعية كلها مصدرها الشرع الإسلامي الحنيف. عندها فقط يُقام العدل وتُقطَف ثمار تضحيات أهل الثورة الذين قدّموا الغالي والنفيس لنحكم بشرع الله لا بالقوانين الوضعية وأنظمتها الفاسدة.

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
أحمد الصوراني