
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضى الله عنه - عن النبى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا يُلدَغُ المؤمنُ من جُحْرٍ واحد مرتين».
نقل الحافظ بن حجر عن الخطابي قوله: هذا لفظه خبر ومعناه أمر، أي: ليكنِ المؤمن حازماً حذراً لا يُؤتى من ناحية الغفلة فيخدع مرة بعد أخرى.
والمتتبع لحال الأمة اليوم، وما حل بها بعد ثورات ما سمي بالربيع العربي، يجد أن الجماعات المحسوبة على الإسلام، قد لدغت من جحر المكر الغربي مرات ومرات، فمن مصر إلى تونس وليبيا، تكررت المأساة، فقد وصل من كانوا ينادون بشعارات الإسلام، ولكنهم وضعوا أحكامه جانبا بعد وصولهم، وراحوا يسايرون الغرب ورأس الإجرام أمريكا، ويحاولون إرضاءها جاهدين.
فماذا كانت النتيجة؟!
لقد اتخذتهم أمريكا كمرحلة مؤقتة تسكن فيها الشارع المسلم، لتسفر لاحقا عن وجهها الحقيقي، وتلقي بهم في غيابات السجون، وتعيد رجالات النظام السابق وليس سيسي مصر ولا سبسي تونس ولا حفتر ليبيا عنا ببعيد.
واليوم وبكل أسف تسير الإدارة الجديدة في الشام على نفس الخُطا، بعد أن من الله على أهل الشام بالنصر على الطاغية المجرم بعد سنوات طوال من الصبر والثبات وعظيم التضحيات.
فكم مرة سنلدغ من الجحر نفسه حتى نصحو من كبوتنا، ونعلم أن الغرب لنا عدو، ويجب أن نتخذه عدوا، ولا حل معه إلا بالمواجهة لا المداهنة ولا المسايرة، لأن صراعنا معه صراع وجود لا صراع مصالح، وصراع حضاري لا صراع مرحلي.
فيا عقلاء الشام وثوارها، يامن ضحيتم وصبرتم وواجهتم أمريكا وعميلها الطاغية: الحذر الحذر من مكر أمريكا فإنها -والله- لم تنسَ ولن تنسى أنكم مرغتم أنفها بالتراب وأسقطتم عميلها الذي دعمته لسنوات طوال، وإنها لعازمة على الثأر منكم، وإعادتكم إلى مربع الخضوع والتبعية، فلا تمكنوها مما تصبو إليه، وكونوا كما عهدناكم؛ قوامين بالقسط آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر لا تخافون في الله لومة لائم.
أعيدوا للشام ألقها بتحكيم شرع ربكم، وتابعوا طريقكم لتوحيد أمتكم وتحرير الأقصى الأسير وكل بلاد المسلمين، والله معكم ولن يتِرَكم أعمالكم.
(إِنَّ فِی ذَ لِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِیدࣱ).
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمد صالح