WhatsApp Image 2025 11 19 at 10.30.44 PM



من الأمور التي لطالما قصد صُنّاع النظام العلماني السائد وأزلامِه توريتها وطمس معالمها أمام المسلمين فكرةُ الخلافة كنظام حكم، فلم يتوانَ دعاة العلمانية يوماً عن تشويه كل المحاولات الهادفة الى ترسيخ فكرة الخلافة كنظام حكم في عقول أبناء الأمة الإسلامية لتثبيط صفوف الأمة عن نُصرَة فكرة الخلافة وجعلها نظام حكم، وإلى تغيير طريقة التفكير فيها من فكرة تتطلب العمل إلى حالة مستقبلية تتطلب الأمل المجرد من العمل. وحاول الغرب والأنظمة المرتبطة به تحويل ارتباط المسلمين بالخلافة من تكليف شرعي يتطلب منهم أنواع خاصة من العمل وخامات معينة من الفكر وأشكال معينة من القول إلى حلم تشتهيه الأنفس لما فيه من بركة وخير وعدل دون سعي أو عمل أو تضحية أو كفاح.
هذا التكاسل المصطنع والشعور بالعجز الداخلي هو الخطر الفكري الداهم الذي يجب أن يُحارب ويُسقط فيسقط معه حواجز كثيرة أمام قيام الخلافة الثانية التي وعدنا بها الرسول عليه الصلاة والسلام.
فالعلمانية، باعتبارها عدواً لدوداً للمبدأ الإسلامي، قد فتكت بعقول بعض المسلمين فتكاً شديداً أوصلهم إلى قناعات غير صحيحة تجاه خلافتهم، تجلت بالتقاعس عن التكليف الرباني الداعي إلى العمل الدؤوب لمشروع الخلافة لصالح ما كرسه المبدأ العلماني من أفكار انهزامية تسهم في استمرارية الحكم الجبري الذي يعتبر الكيان التنفيذي للعلمانية.

هذه الفكرة التي هندستها العلمانية، والتي جعلت الأمل مكان العمل، ليست بالفكرة الجديدة، إنما هي فكرة قديمة قِدَم هذه الدعوة، وهي نفس الفكرة التي جاء بها العلماني المحنّك عتبة بن ربيعة لما قال: (خلوا بينه وبين العرب فإن أصابهم فملكه ملككم وعزه عزكم)، فهو بذلك يريد من الناس أن يركنوا إلى انتظار النتائج لينتفعوا منها انتفاعا ماديا بحتا، ولا يريد منهم أن يتكلفوا بتكاليف العمل الذي يوصل الإسلام إلى الحكم، وهذا عين ما تريده مراكز الأبحاث وحكومات اليوم من المسلمين؛ انتظار لتلك الحقبة الزمنية من غير عمل ولا جهد، وماهي إلا فكرة سقيمة لتثبيط الناس عن العمل.

إنّ نظام الخلافة نظام يبعث في الأمة العزة والرفعة والقوة والمنعة والسيادة والقيادة، إقامته فرض بل هو تاج الفروض، نظام حكم يستمد شرعيته من الله عز وجل لا من شعب أو دساتير وضعية أوردتنا المهالك.
فلنر الله من أنفسنا خيراً لنيل شرف خدمة الإسلام والعمل لتحقيق وعد الله وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم، ليكون لنا عز الدنيا ونعيم الآخرة بإذن الله.
قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
م. أسامة اليوسف