4

pdf2

في تصريحاتٍ أقل ما يقال عنها أنها خطيرة أطلقها رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، تم الكشف عن جوانب من المشهد السوري الراهن؛ إذ أشار إلى أنّ "سوريا تعرف كيف تحارب لكنها لم تعد تريد الحرب"، وأنّها "لا تملك خيارات سوى التوصل إلى اتفاق أمني مع إسرائيل"، بينما "التزام إسرائيل بهذا الاتفاق مسألة مختلفة". كما أوضح أنّ أحداث السويداء لم تكن إلا "فخاً معدّاً خصيصاً لإفشال اتفاق سابق حول آلية أمنية"، وأنّ "بعض الأجنحة في قسد وحزب العمال عطّلت اتفاق آذار وأبطأت العملية"، مؤكداً أنّ "الوضع في شمال شرقي سوريا يهدد الأمن القومي لكل من تركيا والعراق"، ومشيراً إلى أنّه "إذا لم يتحقق الاندماج بحلول ديسمبر، فقد تتحرك تركيا عسكرياً". وفي ردّه على مطلب قسد باللامركزية، بيّن الشرع أنّ "سوريا تعتمد بنسبة 90% على نظام لامركزي وفق القانون رقم 107"، غير أنّ "المجتمع السوري غير مستعد لمناقشة الفدرالية"، معتبراً أنّ هذه المطالب "تمويه لانفصال مرفوض".

وبالتوازي مع هذه التصريحات كان التطبيق العملي التنفيذي لها عبر اللقاء الثالث لوزير الخارجية أسعد الشيباني مع وزير الشؤون الاستراتيجية لكيان يهود رون ديرمر في لندن بحضور المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا توماس باراك، عرّاب اتفاق التطبيع المخزي بين دمشق ويهود. وأشارت وسائل الإعلام بأن الشيباني وديرمر وباراك ناقشوا خلال الاجتماع مسودة اتفاق أمني جديد قدمته (إسرائيل).

إنّ مجمل هذه التصريحات تكشف حجم وخطورة المؤامرة المرسومة على الشام وأهله. فالإصرار على طرح اتفاق أمني مع كيان يهود هو خيانة صريحة لدماء الشهداء، ومحاولة إذعان، بهندسة أمريكية، يُراد لها أن تمر تحت عنوان "الأمن والاستقرار". لكن الحقيقة أنّ الهدف ليس الاستقرار، بل إخضاع البلاد والحاضنة وإدخالها في منظومة إقليمية وفق الرؤيا الأمريكية التي لا تخدم إلا مصالح أمريكا وكيان يهود على حساب إرادة أهلنا في سوريا وشعوب المنطقة جمعاء.

إن الحديث عن أن أحداث السويداء لم تكن عابرة، بل فخّاً محبوكاً إنما هو لإفشال أي مسار مستقل، ولتثبيت المعادلة التي يريدها المتآمرون: سوريا إمّا أن تخضع للاتفاقات المهينة أو تُغرق في الفوضى.

أما ميليشيا قسد، الملتحفة بعباءة اللامركزية، فإنها لا تمثل إلا مشروعاً انفصالياً مدعومًا من الخارج، يخدم مخطط التمزيق والتفتيت. أما التذرع بالقانون 107 فليس إلا ستاراً لتسويق الفدرالية او ما يقاربها تحت عناوين مزيّفة، يراد بها إيجاد الأرضية المناسبة للتفريط بوحدة البلاد لاحقا.

ولا يمكن إغفال الدور التركي في هذه اللعبة الخطيرة؛ فالتلويح بالتدخل العسكري شمال شرق سوريا، وتأجيله مقابل صفقات سياسية مشبوهة، ليس سوى ورقة ابتزاز تستخدمها أنقرة لحماية مصالحها الخاصة، حتى لو جاء ذلك على حساب سوريا، فالدول ليست جمعيات خيرية بل تأتي مصالحها في المقام الأول.

فيا أهل الشام، يا حاضنة الثورة: قولوها بأعلى صوتكم إن أي محاولة لفرض اتفاقات إذعان مع العدو الأزلي لنا، أو تمرير مشاريع تقسيمية تحت مسمّى اللامركزية أو الفدرالية، لن تمرّ ولن تُقبل. فنحن لم نقدّم آلاف الشهداء لتباع أراضينا في سوق الخيانة، ولم تثُر الناس لتُجزّأ جغرافيتها وتُسحق إرادتها. فكونوا كما كنتم في ثورتكم أقوى من كل المؤامرات.

يا أهل الثورة، يا من يراد لكم أن تنكسروا بعد ما حققتموه من انتصار بعون الله قولوها بأعلى صوتكم: إنّ كل من يتواطأ أو يتاجر بدمنا سيلاقي مصيرا أسودَ كما لقيه من سبقوه. أعلنوها بأعلى صوتكم لن نركع، ولن نساوم، ولن تُخضعنا اتفاقات العار، ولن ينجح مشروع التقسيم مهما تكالبت القوى الدولية والإقليمية وأدواتها لفرضه.

يا أهل الثورة وأصحاب التضحيات وأولياء الدم: إن المعركة اليوم ليست معركة حدود ولا سلطات، بل معركة وجود وهوية تحددها عقيدتنا، وهي حتمية مع كيان يهود ومع من خلف كيان يهود، ومن لا يدرك هذه الحقيقة فهو غافل، ومن يفرّط بقطعة واحدة مما حرر من رجس أسد بدماء الشهداء وجهاد المخلصين، يفرّط في مستقبل الأمة كلها ويقودها الى مستنقع الذل والتبعية والهوان. فلنكن على قدر المسؤولية، ولنُسقِط معاً مشاريع التآمر قبل أن نفقد كل مكتسبات النصر الذي أكرمنا الله به.

----------
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

السبت، 28 ربيع الأول 1447هـ
20/09/2025م
رقم الإصدار: 1447 / 4