1

 

 

pdf2 2

قدّم رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع خطاباً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وذلك في أول إطلالة لرئيس سوري منذ عهد نور الدين الأتاسي، وقد استعرض الشرع خلال كلمته رؤية للمرحلة الانتقالية، وتحدّث عن العدالة وإعادة بناء مؤسسات الدولة، موجهاً الشكر لدول قال أنها دعمت الشعب السوري، ومؤكداً على التزامه بالدبلوماسية والاستقرار.

إن المتبع لهذه الخطوة قد يتراءى له أنها خطوة متقدمة وإنجاز غير مسبوق، غير أن هذه الخطوة تكشف مأزقاً سياسياً حقيقياً، حيث أن الأمم المتحدة ومنبرها ليست محلاً ومنبراً للعدل، بل شريكا أصيلاً في الجريمة التي ارتكبت تجاه أهل الشام عبر عقود من الزمن، منها قبل الثورة ومنها ما شهده العالم خلال الثورة. ففي هذا المجلس أُعطي المجرم بشار تفويضاً ليرتكب مجازره لعقود، وفيه تمت التغطّية على استخدامه للبراميل والكيماوي والقصف والتهجير، وفي هذا المجلس شُرعن وجوده عبر مقاعدها ولجانها، بينما كان الشعب السوري يُذبح ويُهجَّر. هذه المنظمة لم تكن يوماً نصيراً للحق، إنما كانت على الدوام أداة بيد القوى الكبرى لفرض سياساتها وتحقيق مصالحها ولو على حساب دماء أهل الشام، فهل يرجى من الشوك العنب؟!

إن الذهاب إلى الأمم المتحدة ليس نصراً ولا مفخرةً، إنما هو مطب سياسي كبير، إذ يعني طلب الشرعية من الجهة نفسها التي أعطت الشرعية للمجرم بشار، وسمحت له بالبقاء كل تلك السنوات.
الشرعية الحقيقية لا تمنحها هيئة دولية فقدت مصداقيتها، وإنما يجب أن تؤخذ من السند الطبيعي وأصحاب السلطان الحقيقي وهم أهل الثورة الصادقين، فهم أصحاب الدماء والثبات والتضحيات العظيمة التي قدموها بوجه المجرمين والمتآمرين ومنهم هذه الأمم المتحدة.
كما أن تقييم هذه الزيارة لا يؤخذ من غزل الأعداء ولا ابتساماتهم الصفراء ولا إعلامهم المسيس الخبيث، إنما الحقيقة هي فيما تم من اتفاقيات وما فُرض من قرارات خلف الكواليس ستظهر نتائجها الكارثية في قادم الأيام، سواء في مجال مكافحة "التطرف والإرهاب" أو فرض فلول النظام في موقع القرار، أو الدفع باتجاه التطبيع مع كيان يهود أو فرض نظام علماني يفصل الدين عن الحياة والدولة والمجتمع، على أرض جاد أهلها بما يقرب من مليوني شهيد.

إن من أخطر الفخاخ السياسية اللهاث لنيل القبول والانخراط تحت عباءة المجتمع الدولي والأمم المتحدة، فهي ليست جمعيات خيرية إنما هي ضباع استعمارية تريد إخضاع الشعوب وسلب قرار الدول والتحكم بها وبقراراتها وإجبارها على إعطاء الولاء المطلق للغرب بقيادة أميركا.
وإنه في ظل غياب دولة المسلمين وإمامهم، فإن مجرد الدخول تحت العباءة الدولية يفرض على الدولة السير في ركاب ما ترسمه الدول الاستعمارية من خطوط وما تمرره من قرارات وما تفرضه من إملاءات، هذه هي الحقيقة بعيداً عن أي سراب كاذب.

فيا أهل الثورة الذين ضحى أبناؤكم في سبيل الله للتحرر من الاستبداد و الظلم بعيداً عن اطماع الدول المتآمرة ومصالحها: أنتم لا تحتاجون للبحث عن قبول أو رضا من مؤسسة متواطئة أو نظام متآمر، بل تحتاجون لأن تفضحوا ما فعلته وتفعله من تآمر، وتفضحوا كل من كان عوناً للنظام البائد المجرم.

يا أهل الشام: إن زمن الاستجداء من الخارج يجب أن ينتهي، وإن الزمن الذي نضع فيه أيدينا بيد من كان مجرماً بحقنا يجب أن ينتهي، فالجميع مجرم بحقنا من أمم مجرمة إلى دول تسيّر مصالحها إلى عملاء يغيّرون لونهم كما يريد أسيادهم ومشغّلوهم.

إن من يذهب إلى الأمم المتحدة ليبحث عن اعتراف، إنما يعيد إنتاج منطق الخضوع للدول المتآمر وما يتبعها من مؤسسات دولية، وهو بذلك يخذل آمال الحاضنة التي قدّمت كل شيء من أجل عزتها وتحررها كاملاً غير منقوص ولا مشوه.
ويجب أن ندرك أن الشرعية لا تؤخذ من المجرم الحقيقي أمريكا ومؤسساتها وموظفيها.

(إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ).

-----------
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

 

الجمعة، 4 ربيع الثاني 1447هـ

26/09/2025م

رقم الإصدار: 1447 / 6