press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

alraiah251017

إن الناظر إلى أحوال الثوار المخلصين اليوم، الذين خرجوا في وجه طاغية الشام منذ البداية، متكلين على الله وحده، متحدّين بصدورهم العارية وإمكانياتهم البسيطة آلة القتل والرعب الأسدية من دون سند ولا معين إلا الله سبحانه وتعالى، إن الناظر إلى حالهم اليوم وبعد ما يُقارب السبع سنين من التضحيات الجسام والصبر العجيب، الذي لم يسجل التاريخ مثالا له في التضحية والبذل و الصبر، الصبر على الأعداء وتكالبهم، والصبر على خذلان الإخوة وخيانتهم، يراهم في الغالب الأعم على أربعة أصناف:

الصنف الأول: انحازوا جانباً لا جبناً فيهم ولا خوراً في عزيمتهم، ولا كفراً بقضيتهم، ولكن لشدّة الانحراف الذي رأوه في مسار ثورتهم التي دفعوا من أجل نجاحها الغالي والنفيس، الانحراف الذي تسبب به المتسلقون والانتهازيون و العملاء والخونة وأصحاب اللحى المستعارة وخصوصاً بعد عسكرة الثورة والزج بها في خندق الفصائلية، ولأنهم - أي الثوار المخلصون - لا يملكون حلّاً أو خطة للنجاة ولم يتبنوا في الأصل مشروعاً ورؤية واضحة، فسرعان ما انطفأت جذوة حماسهم وانحازوا جانباً يُراقبون مسار ثورتهم في حزن وأسى مكبلي الأيدي ومكبلي الأفق أيضاً، يعيشون غربة موحشة في ثورتهم وهم مستعدون دائما للعودة عندما توجد القيادة الصحيحة للثورة والتي تُعبر عنهم وعن أهدافهم التي خرجوا من أجلها بصدق وأمانة ووضوح.

أما الصنف الثاني الذين فقدناهم أو هم بحكم المفقودين، الذين قُتلوا في معارك جانبية صُمّمت خصيصاً لتكون محرقة لأمثالهم من المخلصين الذين لا يُسكِت أصواتهم الحرّة التي تنطق بالحق إلا القتل أو الاعتقال أو الاغتيال، ومنهم من خدعهم شياطين الإنس من خريجي معاهد الفتنة وأقبية المخابرات، خدعوهم بمشاريع سوداء ومناهج معلبة فصلتهم عن أمتهم فأودت بهم في هاوية التكفير والتبديع والعزلة، فكانت تلك محرقتهم، ولأن تجهيل الشعوب كان خطّة الأنظمة القائمة في بلاد المسلمين - وساعدهم في ذلك علماء السلطان ومشايخ السوء - أصبحت عودة هؤلاء الشباب إلى أمتهم صعبة، وأصبح استخدامهم من قبل أعدائهم سهل والله المستعان.

ولا ننسى الصنف الثالث من الثوار البسيطين الذين يغريهم كلام قادتهم المعسول وخطاب مشايخ الدولار، وتقنعهم الشعارات الفارغة، ويُصدقون الوعود الكاذبة، يُقدم لهم أمراؤهم المسرحية تلو المسرحية، وهم بُسطاء مساكين لم يعلموا أو لم يُعلمهم أحد أن لا يمنحوا ثقتهم إلا لمن يدعوهم إلى الله على بصيرة، أي على مشروع واضح ومفصل وليس مجرد شعارات فارغة، ولم يُعلمهم أحد أن محاسبة القادة فرض وليس لأحد عليهم سمع وطاعة إلا فيما يُرضي الله وعلى بينة، ولم يُعلمهم أحد ذلك فمنحوا ثقتهم لمن لا يستحق الثقة من مشايخ الدولار وأمراء حروب باعوا أرواحهم للشيطان وعقدوا اتفاقات مع شياطين الإنس والجان على بيع ثورة عظيمة مقابل أموال أو مكاسب هزيلة.

أما الصنف الرابع وهم الأقل في العدّة والعتاد ولكنهم الأكثر في الأجر والثواب إن شاء الله، فهم الذين يصلون الليل بالنهار، ويبذلون وسعهم في تصحيح المسار، حتى لا تضيع تضحيات هذه الأمة وتصبح هباء منثورا، يصرخون في قومهم كالنذير العريان، يدعونهم للتأسي بطريقة رسول الله ﷺ، واتباع سنته، و الاعتصام بحبل الله، ويكشفون لهم خطط الأعداء ومكائدهم ومؤامراتهم ويرسمون الطريق الصحيح ملتزمين في ذلك طريقة نبيهم ونهجه وتعليماته، ولكن مَن لي بمن أعمت الأموال عينيه وسدّ الكبر والجهل أذنيه، أو قَيّد في وحل الواقع قدميه، فلا يستطيع الحركة ولا التفكير إلا بإذن الداعم والأمير!

نعم هذا هو حال ثوار الشام اليوم، فهل ترون يا إخواني من الواجب جمع جهود المخلصين باتجاه واحد، بتوثيق العلاقة مع الله وحده حتى نستحق النصر منه وحده لا شريك له، ولا يقولن أحدكم لقد اتسع الخرق على الراقع، لأن نبيكم ﷺ يقول «إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها»، وها هو حزب التحرير يقدم طوق النجاة لثوار الشام، ولا يحجب رؤيته إلا غشاوة التكبر والجهل أو العمالة والارتباط أو خور في العزيمة والإيمان، فيا أيها الثوار المخلصون أينما كنتم وفي أي موقع كنتم: تواضعوا لأمتكم واسمعوا نصيحة مُحب صادق لكم، فإن المركب واحد، والسفينة في خطر، فإما أن تصل إلى نصر مبين فننجوا جميعا، وإما أن تغرق في هزيمة نكراء فنغرق جميعاً.


 كتبه لجريدة الراية: محمد بيطار، بتاريخ الأربعاء 25 تشرين الثاني/أكتوبر 2017م
المصدر: http://bit.ly/2h7ea1L