press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

722019hole

 

 

قامت الحضارة الرأسمالية بمنظومتها الدولية على مبدأ لا يقنع العقل ولا يوافق الفطرة، بل يلبي شهوات القائمين عليه وأهواء الفاعلين فيه، ويزيد في الشعوب المحكومة به الفقير فقراً والغني غنى، ولا يقدم معالجات لمشاكل الإنسان سوى مساحة واسعة من الحريات تجعله في غابة مليئة بالوحوش الضواري يأكل القوي فيها الضعيف.

نعم هذه حقيقة الحضارة الرأسمالية بنظامها الديمقراطي ومبدئها فصل الدين عن الحياة، وإن ما يبدو للناظر بسطحية من تطور تكنولوجي وتقدم علمي وصل إليه البشر في ظل هذه الحضارة لا يعبر عن مكنونها ومضمونها، بل لا يعدو عن كونه ستاراً تغطي به سوءتها، ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب.

وإن تشبيهها بعصر الجاهلية القديمة فيه ظلم لذلك العصر؛ فجاهلية القدم اتخذت المعاصي عادات وأعرافاً وقد لا يعاقَب مخالفها، أما جاهلية الديمقراطية فتشريعات وقوانين ويعتبر مخالفها مجرماً أو إرهابياً أو رجعياً..

جاهلية القدم كان فيها شيء من استقلالية التفكير واتخاذ القرار، فأهل جزيرة العرب بأغلبيتهم وقريش خاصة لم يكونوا عملاء لإمبراطورية الروم أو فارس. أما جاهلية الديمقراطية فلا تنجو بلد فيها من العمالة والتبعية الغبية لأمريكا أو بريطانيا أو للمنظومة الدولية!

وعليه نجد أنفسنا في عصر هو الأقبح، ومعصية هي الأوقح، ومصيبة هي الأشد، وجور هو الآكد؛ ثرواتنا منهوبة، وأرضنا مغصوبة، وفقر ينتشر، وقرار ينكسر، وحكام العمالة يعيثون بأمر أسيادهم في الأرض الفساد!

ولكن فساد الديمقراطية الملموس المحسوس لم يعد يحتاج إلى شرح أو بيان وتوضيح؛ فها هي شعوب العالم الإسلامي والعربي، بل والغربي، تنتفض واحدة تلو الأخرى؛ فمن تونس إلى مصر إلى اليمن إلى ليبيا إلى سوريا إلى إيران إلى فرنسا وغيرهم... وفي كل ثورة أو انتفاضة يحاولون ترقيع خروق مستجدة في حضارتهم ونظامهم.

حتى إذا قامت ثورة المسلمين في الشام عملوا كما عملوا في غيرها ولكن لم تنجح مساعيهم وطار صوابهم، وكنا نرى طائرات سفرائهم ومبعوثيهم تكاد لا تهدأ تنقلهم من مؤتمر إلى مثيله؛ أنطاليا وجنيف وفينّا وأستانة والرياض وأنقرة وطهران وسوتشي، هذه ليست مسميات بلاد في عرف أهل الشام بل هي رموز مؤتمرات ومحطات اتفاق زائف أتعبت الساسة الغربيين، حرصوا في كل مساعيهم تلك أن يرسخوا جاهليتهم ويستروا عورة مبدئهم ويرقعوا خرق حضارتهم، ولكن... اتسع الخرق على الراتق.

نعم، اتسع الخرق على الراتق...

فأهل الشام باتوا واعين تماماً أن أمريكا أوعزت لرجالها أن ينقذوا عميلها وصاحبهم طاغية الشام.

وأهل الشام باتوا واعين أن أدوار المنقذين لطاغية الشام تختلف بين متظاهر بالعداوة له وبين منافح عنه.

وأهل الشام أدركوا كذلك أنهم لم يحققوا هدفهم بعد، فبقاؤهم في ثورة لا يعني أنهم وصلوا لهدف التغيير.

وأهل الشام رأوا من التنظيمات المسلحة والفصائل المقاتلة ما يؤكد لهم أن الديمقراطية بجاهليتها النتنة لا زالت تسري في عقول من يحكمهم، فلم ولن يقبلوا بهذه الأشكال ولو لبست لبوس الدين.

وأهل الشام عرفوا أبعاد الشعارات الكاذبة من أردوغان وأبطال المقاومة وغيره، فلم تعد تنطلي عليهم غدرة (لن نسمح بحماة ثانية، وحلب خط أحمر، وإدلب ليست كغيرها)...

أهل الشام لمسوا بأيديهم حقيقة العداء السافر من الغرب الكافر المستعمر على أمة الإسلام فلم يعودوا يأبهون لتحليلات وأخبار تدعي صداقة الشعب السوري...

"اتسع الخرق على الراتق" هو مثل يضرب في الأمر الذي لا يستطاع تداركه لتفاقمه، ولن تستطيع أمريكا ولا أحلافها وجنودها وإعلامها ودجالوها أن يتداركوا حركة التغيير والصحوة في الأمة، وما يدعيه لافروف في إحدى مقابلاته بقوله: (لولا تدخلنا في سوريا لأصبحت دمشق عاصمة الخلافة الإسلامية) قاصدا بقوله إنه تدارك الأمر، ما هو إلا كذب محض وزعم باطل ووهم مريح...

والثوب الممزق لا ينفع معه رتق بل يحتاج صاحبه إلى تبديله، والبناء المصدّع لا ينفع معه ترقيع بل يحتاج أهله إلى تغييره، وهذا تماماً ما بشرنا به حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ فبعد الملك الجبري خلافة على منهاج النبوة بإذن الله.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أحمد حاج محمد

المصدر: https://bit.ly/2I7oHd0