press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

khabar0202181

الخبر:


تحدث رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان في الاجتماع الحزبي الموسع لرؤساء الولايات بتاريخ الجمعة 26/01/2018، شكر فيه تصريحات حلف الناتو المتعلقة بعمليات عفرين، وانتقد التصريحات الصادرة عن أمريكا. وأدلى بعبارات تحدث فيها عن دعم الناتو للعمليات التي تقوم بها تركيا لحماية حدودها، وتخلف أمريكا عن ذلك، وقال: "لا يزال الحديث عن العداء الأمريكي في تركيا قائماً، ونحن لا نريد هذا، بل نريد أن نقوم بهذه الأعمال معاً".

 

التعليق:


لقد تم تصوير العمليات العسكرية التي أطلقتها تركيا في عفرين ليلة السبت 20 كانون الثاني 2018 لدى الرأي العام على أنها حرب استقلال ضد أمريكا تصاحبها أجواء حرب التحرير. وتَشكّل بالتالي رأي عام مناوئ لأمريكا باعتبار أنها تدعم حزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه العسكري المتمثل بوحدات حماية الشعب (الكردية). وكما حصل من قبل في عموم بلدان المسلمين حدث في تركيا في سنوات احتلال العراق وأفغانستان من ازدياد العداء لأمريكا بشكلٍ كبيرٍ متسارعٍ. وتكرس بذلك الوجه الاستعماري لأمريكا بوضوحٍ في أذهان المسلمين، بعد أن كانت أمريكا قد نجحت في عهد أوباما إلى حدٍّ ما في إخفاء وجهها الاستعماري. لكن أمريكا اليوم تمتص في العلن دماء المسلمين في العالم الإسلامي كأنها مصاص دماءٍ من جهةٍ، وتشكو من العداء المتزايد ضد أمريكا في العالم الإسلامي عموماً وفي تركيا خصوصاً. ونحن نرى هذه الشكوى من تفاصيل المحادثة الهاتفية بين أردوغان وترامب، إذ يتحدث أردوغان عن شكوى ترامب من تزايد العداء لأمريكا في تركيا. فبماذا أجاب أردوغان؟ قال: "لا يزال الحديث عن العداء لأمريكا في تركيا قائماً، ونحن لا نريد هذا، بل نريد أن نقوم بهذه الأعمال معاً".

ونحن نتساءل: ترى ما هي الأعمال التي تريد تركيا مشاركتها مع أمريكا؟ هل هي أعمال الهيمنة و الاستعمار؟ كلا! لأن أمريكا لا تريد مشاركة الدم الذي تمتصه مع أحد. فالأعمال التي تريد تركيا القيام بها مع أمريكا في الشرق الأوسط هو صياغة سوريا بشكل خاص والعراق والشرق الأوسط برمته بشكل عام. وبما أن أمريكا دولة مجرمة متعجرفة فإنها لا تقتصر في حركتها لصياغة المنطقة على التحرك مع تركيا فحسب، بل تقوم بتغذية فيالق تعمل على خدمتها إذا اقتضت الحاجة، وتستخدم مقاتلين مأجورين من حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب، وتلقي الفتنة بين المسلمين.

وبالتالي سيكون من الخطأ الكبير هنا تقييم العملية التي بدأتها تركيا في عفرين بشكل مستقل عن الثورة السورية؛ لأن المسألة ليست فقط مسألة تخلص تركيا من الوجود الإرهابي الذي يهدد حدودها الجنوبية، وليست حماية الحدود التركية ضد حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب فحسب، بل المسألة تتعلق بالثورة السورية مباشرة؛ لأن التطورات على الحدود بين تركيا وسوريا ليست قضية اليوم. فأمريكا منذ عام 2012 تعمل مع تركيا، وتعمل مع إيران لتطبيق الحل الذي تريده في سوريا. وكذلك تعمل مع السعودية و دول الخليج. فكما عملت أمريكا وتعمل مع حلفائها من الدول في سبيل مصالحها الاستعمارية؛ فإنها تعمل مع تنظيمات المقاتلين بالوكالة بشكل مباشر أو غير مباشر.

وهكذا ينبغي تقييم العمليات التي أطلقتها تركيا في عفرين على أساس ما تم بيانه أعلاه، فقد وقعت عفرين تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي وجناحه العسكري في السنة الثانية للثورة السورية، أي في شهر تموز عام 2012. حيث انسحبت القوات العسكرية لنظام الأسد من هذه المنطقة إلى الشام وضواحيها بهدف حماية هذا النظام، وقامت عند انسحابها بتسليم منطقة روج آفا (عفرين و الجزيرة وكوباني) للقوات المذكورة. فلماذا قام النظام السوري بتسليم هذا الخط الشمالي لسوريا إلى القوات الكردية بدون أي نزاع مسلح؟ ذلك لأن كلاً من النظام السوري وأمريكا يعلمان جيداً أنه لا أحد غير هذه القوات الكردية (الحليفة) يمكنها أن تحمي رغباتهما ومطالبهما الخبيثة. فالأسد يثق بهذه القوات الكردية لثقته بأمريكا، كون أمريكا هي التي تتحكم بخيوط حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب. ولا بد أن نبين هنا أن جميع التقييمات والتحليلات التي تتجاهل هذه الحقيقة وجميع الخطوات السياسية والعسكرية التي ستتخذ على هذا الأساس ستصب في مصلحة أمريكا.

لقد كتبت سابقاً أن عملية درع الفرات التي بدأتها تركيا في وقت سابق ليست سوى جزء من خطة التسوية الأمريكية التي تساهم في تثبيت نظام الأسد في سوريا، وأنها فخٌّ ومكيدةٌ للإيقاع بحلب، وتلقيت يومها انتقادات كثيرة حتى ظهر للعيان كيف سُلِّمت حلب إلى نظام الأسد. وبالطريقة نفسها وباستراتيجيةٍ مشابهةٍ لعملية درع الفرات تم توجيه المعارضة تحت سقف الجيش السوري الحر من الشمال السوري بشكل عامٍّ، ومن إدلب وضواحيها بشكلٍ خاصٍّ إلى عفرين. وفي ذلك إضعافٌ للجماعات الإسلامية التي تقاتل قوات أسد وتعزيزٌ لسيطرة هذه القوات على حلب وإدلب. وستكون نتيجة عمليات غصن الزيتون تسليم مناطق استراتيجية جديدة في جنوب حلب وإدلب كما حدث في تسليم شرق حلب في أعقاب عملية درع الفرات. وبالتالي كما سُلِّمت حلب للنظام نتيجة عمليات درع الفرات فستسلم إدلب إليه أيضاً نتيجة عمليات غصن الزيتون. وتركيا للأسف شريكة أمريكا في هذه الخطة التي تريدها... لأن هذا الأمر سيفتح انسداد الأفق في اجتماعات أستانة التي تستضيفها روسيا... وأعتقد أنه قد ظهر الآن صاحب غصن الزيتون الذي يأخذ مكانه إلى جانب العلم السوري في شعار اجتماعات سوتشي التي ستعقد بمبادرة روسية!

وإذا كانت تركيا مخلصة وعازمة حقاً في عمليات عفرين فعليها أن تنظر نظرة العداء لا نظرة الصداقة لأمريكا التي تدعم قوات الحزب الديمقراطي وجناحه العسكري التي تهدد حدودها، وأن تعيد بيان أهدافها من هذه العملية بطريقة أخرى. عليها أن تبين أن الهدف من عمليات عفرين هو ضرب خطة أمريكا التي تزرع بذور الفتنة في العراق وسوريا وتهدف إلى تقسيم الشرق الأوسط بما يقتضيه تعزيز سيطرتها واستعمارها. وعلى تركيا بالتالي في كل خطوة تخطوها أن تدعم الحركات التي تمنع المزيد من تقسيم الأراضي الإسلامية، فالأحكام الشرعية توجب توحيدها لا تقسيمها. لكن تركيا اليوم عندما تعلن الحرب على هؤلاء الإرهابيين الانفصاليين من جهةٍ، وترغب بمشاركة المستعمر المحتل الذي يستخدم الإرهابيين الانفصاليين لإشباع رغباته في التقسيم من جهة أخرى؛ تقع في تناقض واضح، لا تستقيم معه الخطوة العسكرية التي اتخذتها بأهدافها المعلنة، ذلك لأن التهديد الإرهابي الحقيقي يأتي من أمريكا. فإذا كان الأمر كذلك فلا مكان للشعور بالحرج من تزايد العداء لأمريكا في تركيا، بل شأن المسلمين أن يتباهوا بعدائهم لأمريكا تماماً كتباهيهم بموقفهم من الإرهاب؛ لأن أمريكا هي بعينها زعيمة الإرهاب.

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمود كار
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تركيا

المصدر: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/radio-broadcast/news-comment/49422.html