press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

 

alraiah130917

ادعت الدول الغربية بما فيها أمريكا صداقة الشعب السوري، وأخذت تدعم الفصائل المسلحة وترسل لها الأسلحة التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تؤدي بطبيعة الحال إلى إسقاط النظام، وهذا أمر طبيعي؛ إذ كيف تدعم فصائل خرجت على عميلها طاغية الشام لتسقطه؟! فما هو السبب وراء هذا الدعم الوهمي للفصائل المقاتلة؟

لا شك أن الأسباب متعددة، ولعل أهمها هو إيجاد مبرر للقضاء عليها بكافة أنواع الأسلحة بعد أن يتم تصنيفها كمنظمات (إرهابية) في حال خرجت عن بيت الطاعة الأمريكي، بالإضافة إلى التنكيل بالحاضنة الشعبية التي خرجت على عميلها، وهذا ما رأيناه من استهداف ممنهج للمدنيين ومجازر ارتكبت بحقهم لم ينجُ منها كبير ولا صغير، ولا رجل ولا امرأة، فقد طالت هذه المجازر الجميع دون استثناء وتحت سمع العالم وبصره دون أن يحرك ساكنا أو يرف له جفن، وهذا ما دأب طاغية الشام على العمل عليه منذ بداية الثورة حيث دفع الناس دفعاً لحمل السلاح من خلال مجموعة من الأعمال تمثلت في الاعتقالات والقتل الممنهج، فاستطاع تحويل ملف الثورة السورية من ملف سياسي يصعب التعامل معه إلى ملف عسكري فتح الباب على مصراعيه أمام أمريكا لاحتوائه ومن ثم القضاء عليه من خلال ادعاء صداقتها للشعب السوري؛ هذا الاحتواء كان السبب الآخر لتقديم الدعم وما نتج عن هذا الاحتواء من نتائج لم تعد خافية على أحد؛ حيث لعب هذا الدور كلٌّ من النظام التركي والسعودي والقطري، وبعد أن تحقق للغرب ما أراد من احتواء قيادات الفصائل وقتل ما يقارب المليون شهيد وتشريد الملايين من الذين ثاروا على عميلهم وتدمير البنى التحتية للمناطق التي خرجت على النظام من مشافٍ وأفران ومدارس ومساجد بالإضافة إلى هدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها،... أقول بعد أن تحقق للغرب ما أراد فَرَضَ على الفصائل المقاتلة حالة وقف لإطلاق النار وتخفيض للتوتر، وأعلن تخليه عن دعم الفصائل العسكرية ومن ثم أعلن قبوله ببقاء طاغية الشام على رأس السلطة، وهو الذي كان يتدرج بمواقفه من طاغية الشام حسب ما تقتضيه المرحلة؛ فَمِنْ "اقترب بشار أسد أن يفقد شرعيته" إلى "فقدان شرعيته" إلى "ليس له دور في مستقبل سوريا" إلى "ربما يكون له دور" ومن ثم "القبول ببقائه هو وحكومته"، وهذا ما جاء على لسان السفير السابق لأمريكا روبرت فورد حيث أكد أن الإدارة الأمريكية قبلت ببقاء أسد ومن ثم ستعمل على مقاسمته المناصب مع ما يسمى المعارضة السورية في هيئة انتقالية أو حكومة وحدة وطنية، لا فرق في ذلك طالما طاغية الشام على رأس السلطة وطالما سيتم الحفاظ على المؤسسات العسكرية والأمنية، وكأن الناس خرجوا لإسقاط وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي أو لإسقاط وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك!!

والآن تسعى أمريكا بمساعدة روسيا إلى الوصول إلى المرحلة الأخيرة من مراحل إنهاء الثورة وتمهد لها بمجموعة من التصريحات بعد أن عملت على تكبيل قادة الفصائل وتجميد الجبهات من جهة وإطلاق يد طاغية الشام قتلا وتشريدا للوصول إلى مصالحات مع بعض المناطق والتي أخذ بإغلاق ملفاتها منطقة تلو الأخرى دون أن تحرك قيادات الفصائل ساكناً وكأن الأمر لا يعنيها! وكأنها في منأى عن هذه التصفيات!! فقد دعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا ما يسمى المعارضة السورية لأن تدرك أنها لم تربح الحرب، قائلا "لقد اقتربت ساعة الحقيقة"، كما صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن اجتماع أستانة المزمع عقده قبيل منتصف الشهر الجاري "مرحلة نهائية للمفاوضات السورية".

لقد استطاع طاغية الشام ومن ورائه الغرب الكافر قلب المعادلة بشكل نسبي، وما ذلك نتيجة لقوته أو ضعف الفصائل وإنما بسبب سلب قرارات قيادات الفصائل وإرادتها عن طريق المال السياسي القذر الذي كما قلت كبّل الفصائل وأطلق طاغية الشام، وإن الفصائل قادرة على قلب المعادلة مرة أخرى ولكن ينقصها قرارات جريئة وصادقة بفك ارتباطها مع الدول الداعمة واسترجاع إرادتها والتحكم بقراراتها فتكون هذه القرارات ذاتية المصدر؛ ومن ثم تتوحد خلف مشروع سياسي واضح ومحدد وقيادة سياسية واعية ومخلصة، ومن ثم تفتح الجبهات ضد طاغية الشام لإسقاطه في معقله الأساس دمشق، عندها سيقف أهل الشام صفا واحدا مع هذه الفصائل المخلصة وسيشكلون بيئة خصبة لها تدعمها بالمال والأرواح وفلذات الأكباد وبكل ما تحتاجه من قوة؛ فأهل الشام قدموا الغالي والنفيس في سبيل التخلص من ظلم الطاغية وإقامة حكم الإسلام؛ وما زالوا مستعدين للتضحية ولكن على أن تكون هناك أعمال جادة لتحقيق هذا الهدف، أما أن تنخرط الفصائل في اقتتال فيما بينها وتنسى عدوها الأساس فهذا ما لا يسكت عنه أهل الشام ولا يقبلون به مهما كانت الظروف وسينبذون كل قيادات الفصائل طال الزمن أم قصر.


 كتبه لجريدة الراية: الأستاذ أحمد عبدالوهاب، رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا، بتاريخ الأربعاء 13 أيلول/سبتمبر 2017م
المصدر: http://bit.ly/2wo0TXs