press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

1922019dili

 

لم يكن يوم 15 أذار من عام 2011 يوماً اعتيادياً يعيشه أهل سوريا عموماً وأهل حوران خصوصاً في ظل حكم أسد الابن، الذي استلم سوريا التي دمغت باسمهم من أبيه حافظ، ففي تفاصيل هذا اليوم كان الأمر مختلفا لم تعهده سوريا المخابرات عموماً ففي مدرسة الأربعين للبنين في درعا البلد كانت بداية دوران الرحى وتجسد قاعدة "لو دامت لغيرك ما وصلتك"، أطفال من هذه المدرسة إن صح القول فيهم لا يعلم ما الدافع الواضح للفعل الذي قاموا فيه، زينوا جدران المدرسة بعبارات أحق أن يقال فيها أنها خاطبت كل سوري يعيش بين جدران سجن أسد العسكري الكبير الذي يسمى "الوطن".
حدثٌ لم يكن يدرك أهله أنه سيكون منعطفاً كبيراً في سير حياتهم بل وأكثر من ذلك، سيكون بداية خروج الناس من رحم المعاناة التي كانوا يعيشونها كملاحقات وسجون وتسلط واستبداد، لتشمل كل بقعة من سوريا وستكون ثورة ضد النظام الدولي وتسلطه وأنظمته الوظيفية، وأنه سيكون حدث مفصلي في تاريخ البشرية يقلب موازين القوة ويعيد المركزية للمنطقة كما كانت في ماضي القرون.
انطلقت الثورة كردة فعل على ممارسات الأنظمة القمعية على الأطفال -وهذه عادتها وعلى هذا تربت- مطالبة بإخراج أبنائها من ظلمات الأقبية الأمنية في ظن من قبل الظلمة أن التحرك لن يخرج عن حدود المطالبة فقط ليس أكثر، ولكن قوة الحدث كانت أقوى من إرادة الطرفين، ولله أمرٌ قد قدّره وعلى هذا بُني هذا التحرك و سار.
انطلقت الثورة، التي سرعان ما انتشرت وتوسعت دائرتها، حتى شملت كل البلاد التي ذاقت من نفس الكأس في حركة متسارعة، يتغشاها حالة من الوعي السريع، مرت به الثورة بمراحلها، كاشفة عن حقائق كثيرة للناس كان من أبرزها أن نظام أسد الذي يحكمها هو جزء من حلقة أنظمة وظيفية، وُضعت من قبل المتنفذين في العالم، لذلك كان من أبرز سمات هذه الثورة أنها كانت خروج على المنظومة الدولية، فالشيء الطبيعي أن يكون المُدبّر لإنهائها هذه المنظومة من خلال السعي الحثيث للإجهاز عليها وإرجاع الأمور لخط سيرها الطبيعي، فلم تدّخر الجهد ولم تعدم الوسائل وتغاضت عن أعمال تخدم عميلها، فالأمر جد ليس بالهزل؛ شعب تحرك وخرج عن صمته وهدفه هو سلطانه المسلوب من قبل كاراكوزات سياسية مرتبطة.
نتحدث هنا عن حوران التي لم تعد كما كانت في سابق زمان الثورة بشعارات "الموت ولا المذلة" بل حالها اليوم كما كان لما قبل ال2011 وكما يُظهر أعلام هُبل أنها باتت مع القائد الملهم المُفدى، هذا ما يتم العمل على إظهاره في البلدان الثائرة وعلى رأسهم درعا؛ فما هي حقيقة هذه النظرة وما مدى مصداقية هذه الصورة؛ هل رجعت حوران كما كانت؟ أم أن الثورة التي مرت على أرضها تركت أثراً لا يمحى ولا يندثر وأن ظهوره هو مسألة وقت يستعيد فيها المحارب قوته بعد استراحته؟
إن المتتبع لحوران بعد تسليمها -من قبل القادة العملاء والمنظمات المرتبطة والهيئات القذرة- ليرى أن عبارة الثورة فكرة ما زالت متجسدة في ثنايا مدنها وبلداتها وأن هذه الفكرة وُجدت ولن تموت أبداً وأن التغيير أصبح ديدن الناس ولا خنوع ولا ركوع بعد ما مضى، فالعمليات بكافة أنواعها ما تزال قائمة من كتابات تزين جدران المرافق العامة للمدن والقرى والبلدات تتكلم بعبارات تؤكد ما سردنا كـ " يسقط الأسد - الثورة مستمرة - سنعيدها سيرتها الأولى - يلعن روحك يا حافظ" في إشارة واضحة أن روح الثورة ما زال في الجنبات يلفح نسيمه جباه أهل الدم والتضحيات يضاف لذلك عمليات نوعية هنا وهناك تستهدف نقاط أسد الأمنية ومراكز تفتيشه، وتشكيلات يُعلن عنها بين الحين والآخر تشير أن الثورة في حوران لم تنتهِ، بل هي مقبلة على مرحلة جدية تنتقل فيه من جمر تحت الرماد إلى نار تلظى لن تبقي من أسد ونظامه شيء وستتركهم أثراً بعد عين.
وإن أكبر ما يؤكد أن حوران ومن معها من مدن الشام الأبي ستلفظ عن أكتافها غبار السقوط وتعود كما كانت، أن أولياء الدم ما زالوا أحياء يتنفسون هواء الحقد والكره لأسد الذي قتل أبنائهم ويتّم بناتهم فهيهات أن يسكت أولياء الدم عن الضيم.
ويضاف لذلك أن ما ارتكبه نظام أسد من انتهاكات بحق الأعراض لأكبر من أن ينسى أو يُسكت عنه ناهيك عن أن ينتهي، معطيات واضحة أن الثورة لن تنتهي تغفو نعم، تكبو نعم، يستريح المحارب المتعب برهة، ولكن لن يموت ففكرة التغيير تحولت لمفهوم وتجسدت في سلوك ورويت بوقود مهما حاولت نسيانه فلن تقدر عليه.
وأما ما حصل من انتكاسة فهي شيء طبيعي جداً، فمن المحال أن يصل كل غث وسمين للهدف، وبخاصة أن هذا الهدف قد بُذل له وقود أكبر بكثير ممن سقط، ولن يصمد إلا من تتجسد فيه صفات ترضي الله، فلا يغرنكم الزبد فمصيره إلى زوال وسيبقى ما ينفع الناس وهو الذي على يديه النصر والتمكين والفتح والخلاص.
ولتجد مختصر الحال في قوله سبحانه: ﴿أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ﴾.

 

عبدو الدلي أبو المنذر