press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

1772019raya

 

كان من المقرر أن يكتب لهذا العدد من جريدة الراية الأخ الخلوق أحمد معاز أبو علي، ولكن قدر الله أن يكون معتقلاً مظلوماً في غياهب سجون فصيل إسلامي للأسف، وها أنا أكتب اليوم مسلطاً الضوء على السلبية التي ظهر بها الإعلام الثوري في الشام وكيف تعامل مع قضية اعتقال مجموعة ليست بقليلة من شباب حزب التحرير.

خرجت ثورة الشام عام 2011 على نظام رقيب على كل شيء حتى الإعلام، فقد كانت مؤسساته الإعلامية مؤسسات تطبيل وتزمير للقائد الأوحد فريد الصفات! كَسرت الثورة هذه القاعدة ودبت الحياة في جميع أوصالها والتي كان منها الإعلام، برز خلال الثورة إعلاميون ونشطاء يغطون الأحداث والوقائع كما تحصل ويلبون مصالح أهلهم، وكحال باقي أركان الثورة بدأت خطابات الود من المؤسسات الضخمة باحثة لها عن مراسلين، لينقلوا لحسابها الواقع بحسب ضوابطها الإعلامية، ترافق مع ذلك البدء بتشكيل مؤسسات إعلامية ثورية - كما ادعى البعض - كانت قواعد انطلاقها في دول الجوار من مثل الأردن وتركيا ولبنان لبدء أخذ الدور الحقيقي في توجيه الثورة والمباشرة بتلقي الدعم والمال.

تطور المشهد الإعلامي في الثورة بشكل دراماتيكي وانقلب المراسل أو الناشط من حالة الاستقلالية في التغطية والمتابعة إلى حالة التبعية للداعم تحت ذريعة المعاريف الإعلامية للمؤسسة التابع لها، فأصبحت الرقابة على الكلمات والمصطلحات وكذلك الصورة.

فكما أن المال المسموم قد لعب دوره الكامل في المستوى السياسي والعسكري فإن حال الإعلام لم يكن أفضل فقد شرب من الكأس نفسه وارتبط الارتباط الحتمي حتى وصلت الحال به إلى عدم القدرة على التخلص من ربقة الداعمين والتسليم بحتمية السير وفقهم بحجة عدم وجود بديل، وأن الواجب يقتضي أن يستغل المنبر لأقصى درجة كي تُنقل معاناة الناس عليه.

وكي يتم تلبيس الأمر اللبوس الشرعي وضعت مجموعة من الضوابط الإعلامية والقواعد التي ليست هي إلا لذر الرماد في العيون ولإيهام كثير من الإعلاميين البسطاء بأن الأمر مضبوط وفق قواعد وشروط شرعية محكمة.

لقد كان للإعلام الدور الرئيس في تضييع قضية أهل الشام وتحويلها من قضية إسقاط نظام بكافة أركانه ورموزه إلى إسقاط بشار شخصيا، وقلب الثابت من السعي لقطع نفوذ الغرب الكافر من بلاد المسلمين إلى أن هناك دولاً صديقة لنا يهمها قضيتنا، ولذلك فلا بأس من تلقي الدعم والمشورة عنها وأصبح الإعلام يحارب فكرة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، ويروج لمشروع الدولة القطرية الضيقة تحت عنوان أن دول العالم كلها ستهاجمنا، وأننا لا نستطيع الصمود في وجه هذه القوة العاتية، وأن ثورتنا لم تخرج أصلاً لتنادي بمثل هكذا فكرة.

فتجاوز الإعلام عن نقل الواقع كما هو وبشفافية مطلقة، حيث أغفل عقله عن كون خروج الثورة كان من المساجد وأن شعاراتها لليوم لا تخلو من تكبير لله وتمجيد له سبحانه، ودعوة للموت في سبيله وكذلك أغفل عينه عن أن كل المجموعات العسكرية التي تشكلت بداية الحراك العسكري للثورة تلبست بلبوس الإسلام من الاسم حتى الراية والميثاق...

ولم يكن الإعلام الثوري منصفاً حين لم يغطِ مطالب الناس بقطع العلاقات مع غرف العمليات في تركيا والأردن وحين أصبح لسان حال الناس يقول إن الجبهات تُفتح بأمر الداعم، وأن أي انسحاب من أي منطقة تُسلّم هو أيضاً بأمر الداعم؛ في إشارة واضحة لما فعله تدخل أيادي الغرب الآثمة في الثورة السورية.

هذا غيض من فيض حالة الحوَل والانفصام عن الواقع التي تعاني منها دكاكين الإعلام التي ظهرت في هذه الثورة العظيمة، فلا هي قدرت أن تواكب حركتها السريعة لذلك انحازت لصف أعدائها لتكون عصا في عجلة تحركها، ولا أن تسير معها فتغطي معاناتها بحق دون تزيين ولا تلبيس.

لقد أطلقت كثير من الدكاكين الإعلامية شعارات رنانة تتعلق بالتغطية والنزاهة والحيادية، لم تحقق أياً من هذه الأفكار وإنما كانت شعارات براقة ذات بهرج خداع لتلبس على الناس أخبار وأهداف ثورتهم.

كان هذا الذي ذكرته عن الإعلام الثوري ودكاكينه وكيف تحول وانحرف وغير بوصلة عمله مدخلا كي أقول؛ حصلت منذ مدة قريبة اعتقالات تعسفية غير مبررة من هيئة تحرير الشام لثلة من شباب حزب التحرير، لم تكن اعتقالات سرية ولم تكن حملة غير معلنة بل كانت صاخبة فاضحة! بالإضافة إلى أنه تم مع العملية سلب لثلاث قواعد بث لراديو الحزب في مناطق مختلفة بالإضافة لسلب ممتلكات وأموال خاصة، كل ذلك ولم تتطرق أي وسيلة إعلامية ولا أي مؤسسة ولا حتى إعلامي محلي لذلك، عدا وسيلة واحدة فقط وهي "سمارت"، فهل وراء إدارة الوجه عن كل ذلك تعليماتٌ من داعمين أم توجيهات من مديرين أم ماذا...؟!

أولستم أقسمتم أن تنقلوا معاناة أهلكم وما ينزل عليهم من ظلم وجور وأعلنتم قسمكم فأين بركم بقسمكم؟!

هل أصبح المال السياسي يسير فيكم كحال أقرانكم من قادة الفصائل والمنتفعين؟!

إن أكبر خطر يواجه الإعلامي هو أن يصبح بلا مبدأ؛ لأنك في حينها سترى رجلاً انتهازياً آخر همه معاناة الناس وآلامهم، فنظرته لهم هي نظرة نفعية بحتة.

إن مما قامت عليه الثورة في الشام الثورة على النظام بمجمله بكافة أركانه ورموزه ومؤسساته العلمانية، وأن البديل سيكون نظاماً إسلامياً متكاملاً يكون دور الإعلام فيه رعاية شؤون الناس وتبنياً لمصالحهم ومتابعة تنفيذ للأعمال.

فلا تخجلوا من فعلكم، فهذا حالكم في ظل هكذا نظام قائم، فالناس على دين ملوكهم، وأنتم تحت مظلة هذه المؤسسة وتحت خطوطها ولا منجاة لكم منها ما دمتم بها قابلين.

فنصيحة أخٍ أن حان دوركم لأن تكونوا جهاز تغيير في هذه الثورة وأن تقطعوا حبال الداعمين عن عملكم وأن تعودوا لحضن أهلكم وتبروا بقسمكم لهم وتطلبوا منهم العفو والسماح وأن تكونوا معهم في طريقهم لإسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه.

وأخيراً للأخ الغالي أبي علي معاز وصحبه من شباب حزب التحرير، أن اصبروا ففرج الله قادم وظلم السجن مُنجلٍ، وعسى أن يكون قريباً.

 

بقلم: الأستاذ عبدو الدلي (أبو المنذر)

 

جريدة الراية: https://bit.ly/30tyFdg