publications-hizb-ut-tahrir-syria

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

SyrW250914

pdf

فجر الثلاثاء في 23/9/2014م شنت مقاتلات أمريكية عشرات الغارات على مواقع لـ"تنظيم البغدادي" و"جبهة النصرة" وفصائل أخرى عديدة أوقعت كثيراً من القتلى والجرحى من المقاتلين والمدنيين في سوريا. وقد اشترك معها في الإثم والإجرام مقاتلات من السعودية والبحرين والإمارات وقطر والأردن. وبهذه الغارات تكون أمريكا قد دخلت في خطة جديدة تريد بها أن تتسلم بنفسها الملف السوري بعدما فشل عميلها المجرم بشار ومعه إيران وتوابعها من إخضاع المسلمين في سوريا وحسم الأمور لمصلحتها؛ وبهذا يكون أوباما أخذ عن الأسد مهمته في قصف الشعب السوري، ولتقويته على الأرض توطئة للحل السياسي الأمريكي.

إن أمريكا عندما تتذرع بمقاتلة "تنظيم البغدادي" هي في الحقيقة تسعى للحفاظ على نفوذها في سوريا وحماية مصالحها هناك عبر تهيئة العميل البديل الأمريكي القادر على استلام الحكم؛ لذلك تعهد أوباما أمس في مؤتمر صحفي بـ"التحرك قدماً... لتدريب وتجهيز المعارضة السورية والتي تشكل التوازن البديل والأفضل ضِد داعش ونظام الأسد"، ولهذا أعلن أوباما بكل صلافة من قبل أن من أهداف الحملة "التوصل إلى حل سياسي يهدف إلى إنهاء الأزمة السورية إلى الأبد"، وهذا ما يفسر قوله سابقاً إن "أي خطة بشأن داعش في سوريا ستستغرق وقتاً". ولو أن القضاء على "تنظيم البغدادي" يقتصر على الجانب العسكري فقط لما جرى الحديث عن استراتيجيات مستدامة وطويلة الأمد.

هذه هي أمريكا لا تتغير، تبني مواقفها على المصالح فقط ولا يهمها سوى نفسها. والمسلمون اليوم هم أكثر ضحايا إجرامها، وقد بدا ذلك واضحاً مباشرة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، حيث نقلت جبهة صراعها ضد الإسلام كمشروع حضاري. وعدد قتلى المسلمين في عهد أوباما، وخاصة في سوريا، فاق ما كان عليه في عهد سلفه السيئ الذكر بوش الابن. ولأن أوباما يعلم مدى ما يرتكبه من عدوانية وإجرام بحق المسلمين، أصرَّ على إشراك دول المنطقة معه في معركته هذه ليُظهر أنها ليست "معركة أمريكا وحدها" كما قال، هذا وقد سمَّاها بالاسم دولةً دولةً، وأمرها بأن تعلن عن مشاركاتها ببيانات رسمية. وأبلغ البيت الأبيض قادة وفود الدول العربية الخمس التي شاركت في الضربة الجوية في سوريا رغبة الرئيس أوباما في عقد اجتماع معهم فور وصوله إلى نيويورك، كل ذلك من أجل أن يخفي حقيقة جرائمه بحق المسلمين. وإنه لمن الخيانة أن يشارك حكام المسلمين الرويبضات بالضربات الجوية، وهم يعلمون تماماً ما تجره هذه الغارات من إيقاع عشرات القتلى من المسلمين الأبرياء في كل غارة، ويعلمون ما يحدث في باكستان وأفغانستان واليمن مما زلنا نراه ونسمع أخباره. ومن هذا المنطلق يعتبر ما قامت به كل من الدول الخمس من المشاركة في العدوان، وعلى رأسهم السعودية التي تدعي زوراً وبهتاناً أنها حامية الإسلام ورافعة رايته، جريمة لا تغتفر، ويعتبر ما أعلنه الائتلاف الوطني من تأييد ومباركة لهذا العدوان هو إعلان بأنه تابع رخيص للسياسة الأمريكية العدوانية، وأنه يطرح نفسه ليكون على شاكلة حكام العراق الحاليين. وبهذا تكون هذه الدول مع الائتلاف قد انضمت إلى فسطاط الكفر الأمريكي ضد فسطاط الإيمان. ويمكن القول بكل وضوح أن حلفاً صليبياً جديداً بقيادة أمريكا قد نشأ للتوِّ لمنع المسلمين من إقامة مشروع الخلافة الراشدة العظيمفي بلاد الشام، ومن أجل التغطية عليه وعلى أهدافه قام أوباما بإشراك أشباه الدول العربية الخمس الدائمي العضوية في نادي الخيانة الدولي. وإننا نحذر المسلمين من حكام هذه الدول التي تدعي الحرص على ثورة الأمة في بلاد الشام بينما هي تغوص في دماء المسلمين وتلعب دوراً قذراً، وتحاول أن تشتري الثورة بمالها السياسي لتبيعها للغرب ولأمريكا. فهذه الدول لا تقل خطراً عن إيران على الثورة. وهذه الدول إن وقفت مع أمريكا والغرب في حربهم على الإسلام فلأنها تخشى على عروشها الخاوية الهاوية من الحكم بالإسلام تماماً كما تخشاه أمريكا. ولا يدرك حكامها قصيرو النظر أن رياح التغيير الأمريكية في مشروعها لـ"الشرق الأوسط الجديد" التقسيمي ستطالهم ولن يكونوا في منجى منها، كما لن يكونوا في منجى من عذاب الله بسبب أفعالهم الخيانية الإجرامية هذه.

إن مشاركة بعض حكام المسلمين لأمريكا في عدوانها على المسلمين في سوريا على الحالة التي عليها أمريكا من العداء الظاهر للإسلام والمسلمين إثمه عند الله عظيم، وأثره في الواقع خطير؛ ففيه إنجاح لمشروعها وتمكينٌ لها في بلاد المسلمين، وضربٌ للمشروع الإسلامي المتمثل بإقامة الخلافة الإسلامية التي أمرنا الله بإقامتها على منهاج النبوة، وبهذه المشاركة جعلتهم أمريكا يقاتلون كجنود لها، ويعملون كجواسيس عندها، وجعلت بأس المسلمين فيما بينهم. وكل هذا لن يكون فيه أي خير للمسلمين أبداً، كما أسلفنا.

أيها المسلمون الصادقون الصابرون في سوريا الشام: إن أمريكا فشلت حتى الآن في الانتصار على الإسلام الذي تحارب مشروعه الحضاري تحت ستار محاربة الإرهاب. وأوباما قد اتخذ قراراً ظاهر الضعف منذ أول استلامه الحكم، وهو أنه ضد أي تدخل لبلاده في حروب عسكرية على الأرض وذلك تجنباً للخسائر البشرية والمادية الهائلة كالتي منيت بها في كل من أفغانستان والعراق وأثرت على موقعها الدولي، والتي كادت بنتائجها إزاحة أمريكا عن موقعها كدولة أولى في العالم وذلك بسبب الأزمة المالية التي وقعت بها في خضم الحرب على الإسلام، والتي قال عنها أوباما إنها: "أسوأ نكسة لاقتصادنا منذ فترة الكساد العظيم". ثم إن الصراع الحضاري قد تقدم لمصلحة الإسلام منذ الحرب التي شنتها أمريكا على المنطقة حتى الآن؛ إذ أصبح ما كان مستوراً في البداية مفضوحاً اليوم، فالصراع صار واضحاً على إصرار الغرب على منع المسلمين من إقامة دولة الخلافة الراشدة مقابل إصرار المسلمين على إقامتها. وقد استغلت أمريكا خلافة البغدادي المزعومة، وارتكاب تنظيمه مجازر شنيعة باسم الإسلام، استغلت كل ذلك لتشويه فكرة الخلافة عند المسلمين، وجرى بذلك تهيئة الأجواء لإيجاد الحالة التي مكَّنت أمريكا من إيجاد تحالف صليبي جديد ضد الإسلام والمسلمين وتجنيد خونة الحكام في بلاد المسلمين جنوداً لدى أمريكا والغرب في هذا التحالف... ومع ذلك فإن هذا ليس أول تحالف حاقد ضد الإسلام والمسلمين فقد سبقه تحالف الصليبيين القدامى، والتتار من بعدهم، ولكن الأمة داستهم وزالوا وبقيت الأمة شامخة... وسيصيب التحالف الجديد بإذن الله ما أصاب أشياعه من قبل، وإن غداً لناظره قريب (﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾).

أيها المسلمون الصادقون الصابرون في سوريا الشام: إننا نتوجه إليكم مذكرين أن المسلمين لا يغلبون من قلة عدد ولا من ضعف عدة، لا يغلبون إلا من جهة ضعف إيمانهم وتفرق جماعتهم. ولنا في ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم مع صحابته أسوة حسنة. فقد كانوا عند الشدائد لا يلجؤون إلا إلى الله وحده. وإنه في هذه الأحوال ليكفينا أن نطلب من المخلصين لله ولرسولهم ولدينهم ولأمتهم أن يجتمعوا معاً على أمر الله وحده حتى ينصرنا وحدنا من دون الآخرين. فالنصر بيده تعالى وحده؛ فهو القوي القادر، وهو الغني الناصر، وهو المعز المذل الذي يؤتي ملكه من يشاء وينزعه عمن يشاء. ولكن النصر له شروطه التي لا تتخلف، لم تتخلف من قبل عن رسوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين إذ أعجبت المؤمنين كثرتهم فجعلهم الله ينهزمون، ولا يوم أحد حيث عصى البعض أمر الرسول صلى الله عليه وسلم في المعركة فذهبت ريحهم.

وإلى المخلصين في الفصائل المقاتلة نقول: إن ضربات الحلف الصليبي كما قلنا هي تقوية للنظام المتهالك على الأرض ولتنفيذ خطة أمريكية تؤدي إلى الحل السياسي الذي تريده أمريكا؛ لذلك عليكم ان توحدوا صفوفكم وتوجهوا ضرباتكم باتجاه النظام لإسقاطه قبل أن تبلغ أمريكا هدفها، وأن لا تشتتوا جهودكم وقوتكم بجبهات هنا وهناك باقتتال بينكم، فإن هذا ما يريده الحلف الصليبي والنظام.فرحمةً بأنفسنا وبآبائنا وأمهاتنا وأولادنا وأزواجنا وثقة بدين الله اختصروا مآسيكم بأن تسلكوا صراط الله المستقيم، فهو أقصر الطرق وأقربها إلى الله تعالى. إن ما جاء به الشرع ناصع البياض، وما عليه المسلمون اليوم في سوريا وفي سائر بلاد المسلمين يجعل الأمل بالتغيير قريباً. قال تعالى: ((وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)).

29 ذو القعدة 1435هـ
24/09/2014م

حزب التحرير
ولاية سوريا