أحداث في الميزان: الذئاب لا تغير طبعها حتى لو ارتدت ثياب الناسكين
الحدث:
شهدت مدينة قدسيا بريف دمشق الغربي، منتصف ليل الجمعة - السبت، حملة اعتقالات واسعة ضد السكان من جانب مخابرات نظام الأسد أسفرت عن اعتقال ثمانية مدنيين. وبحسب تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن قوات الأسد اقتادت المدنيين الثمانية إلى جهةٍ مجهولة بهدف التجنيد القسري، بعد حملة مداهمات واسعة، أفزعت وروعت السكان. وتشن قوات النظام السوري حملة اعتقالات في المدينة التي كانت تضم مقاتلين من فصائل المعارضة المسلحة، حتى عام 2016، لحين دخول المدينة، فيما يعرف باتفاق المصالحة.
وكان النظام السوري أنجز ما وصفها بـالمصالحات في عدد من مدن وبلدات ريف دمشق، أبرزها داريا، خان الشيح، معضمية الشام، التل، قدسيا، والهامة، وذلك خلال الأشهر الثلاثة الفائتة. وتتكرر الحملات ضد من بقي من الشباب داخل سوريا من أجل سوقهم إلى الخدمة العسكرية، وترافقها إشاعات الإعلان عن النفير العام وضرورة التحاق من أعمارهم بين 18 و42 عامًا. (الدرر الشامية).
الميزان:
لقد أصبحت مفردات الحل السياسي الأمريكي المجرم الذي يركز على حماية مؤسسات الدولة التي لم يبق منها إلا المؤسسة الأمنية بينما دمرت أو كادت باقي المؤسسات واضحة فقد كانت هذه المؤسسة دائما أهم من يرعى الإجرام ضد أهلنا في سوريا.
بدأت شرارة الثورة بفعل مشين من المؤسسة الأمنية، التي قادت معركة النظام ضد الشعب، لتمارس أبشع أنواع الإجرام ولكنها عجزت عن القضاء على ثورة شعب حطم جدار الخوف. استعانت بمجرمي البيت الأسود في واشنطن فسخروا عملاءهم، ووزعوا الأدوار على محورين من أدواتهم وعملائهم، المحور الأول ليساعد النظام، ويقف في صفه مستخدما كل آلات القتل والتدمير، والمحور الثاني كان دوره استيعاب الثورة والثوار ومحاولة السيطرة عليهم من خلال الدعم والتلبس بلبوس الصديق الناصح في الوقت الذي يقودنا إلى حتفنا وهلاكنا. لذلك لم يكن شخص (السفاح بشار) هو عدو الثورة ومجرمها الأول فقط، بل كانت الأجهزة الأمنية تتحمل الوزر الأكبر من الإجرام ضد الثورة، ويكفي أن نتخيل فظاعة الجرائم التي ترتكبها في أقبيتها وزنزاناتها المظلمة.
ولا يتخيل إنسان أن العلمانية يمكن أن تحكم المسلمين في سوريا دون أفرع المخابرات، لذلك لا بد للثوار من التفكير جديا بإزالة هذه المؤسسة المجرمة نهائيا، وكان تسليط الضوء على مصير السفاح بشار وجعله قضية الثورة الأساسية، مع المحافظة على أركان النظام من أمن ومخابرات وجيش، هو حرف للثورة عن أهدافها، وتضييع لثوابتها في دهاليز المفاوضات. لذلك كان تفكيك المؤسسة الأمنية، والجيش، هو الأساس في الطريق لتغيير النظام بكافة أركانه ورموزه. وكان وجودهما العقبة الرئيسية في طريق القضاء على نظام الإجرام.
إن ما حصل في قدسيا وغيرها من المناطق التي وقعت على المصالحات المنفردة مع نظام القتل ومؤسساته الأمنية، من اعتقالات واعتداءات، يبرز أن هذه المنظومة لن يتغير واقعها مهما ارتدت من براقع الخداع، فالمؤسسة الأمنية واضحة في إجرامها وحقدها وتوعدها للشعب. ورغم ذلك نجد من يقبل بوجودها في الحل السياسي الذي يراد فرضه على ثورة الشام، والذي يدعو للمحافظة على مؤسسات الدولة (المؤسسة الأمنية والجيش) فهي خط أحمر في الحل الأمريكي لسوريا.
أصبحت حدود الحل السياسي الأمريكي واضحة، وأصحبت حقيقة الأجهزة الأمنية وإجرامها واضحين ولا ينكرهما إلا من يخادع نفسه وأهله ويريد أن يحجب الشمس بأصبعه. فنحن نرى ماذا يفعل نظام الإجرام وأجهزته الأمنية في المناطق التي صالحت النظام، ولن ينفعنا التفاوض وتغيير العملاء، فهذا أمر لا يرضي الله أولا و آخرا، ولن ينهي معاناتنا بل سيعيدنا إلى قبضة المجرمين من جديد ينكلون بنا كيفما يشاؤون؛ وعندها سنصحو بعد فوات الأوان.
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية سوريا
مصطفى عيد