أحداث في الميزان: أنت الخصم والحكم
الحدث:
طالب مسؤول المكتب السياسي في "جيش الإسلام" محمد علوش، مساء أمس الأحد، ما أسماها "الدول الصديقة" للشعب السوري برفع الحظر عن السلاح النوعي للثوار. جاء ذلك على خلفية تزايد الهجمات الكيماوية التي يشنها النظام السوري على المناطق المحررة في سوريا وخاصة في الغوطة الشرقية؛ والتي أدت إلى وقوع ضحايا وإصابات في صفوف المدنيين.
وقال "علوش" في تغريدةٍ له "نفّذ نظام بشار الكيماوي هجومًا جديدًا الليلة، على مدينة سراقب في إدلب شمال سوريا، من أمن العقوبة أساء في الجريمة". وشهدت مدن وبلدات الغوطة الشرقية، في الآونة الأخيرة، هجمات متكررة من قوات الأسد بالغازات السامة تركزت على مدينتي دوما وعربين؛ وأدت إلى وقوع إصابات في صفوف المدنيين.
الميزان:
عبارة لطالما تظلّم بها الناس على من يظلمهم، وبعدها يجلس على كرسي القضاء ليقضي بين المظلوم وبين نفسه. أما ما لا يمكن تصور حصوله وتقبله أن ترى المظلوم يدعو بل يرجو ظالمَه ليقضي بينه وبين نفسه. وهذا ما لا يُقبَلُ من أبسط الناس، فكيف يُقبَل من سياسي يدّعي تمثيل ثورة كثورة الشام؟!
عندما لا تبقى في نفوس هؤلاء ذرة من كرامة يستمدونها من مليار قنطار كرامة من هذه الثورة المباركة. وعندما لا تبقى قطرة من حرية الأسياد في ألسنة هؤلاء الساسة مأخوذة من بحرٍ من حرية هذا الأمة صاحبة السلطان.
وعندما لا نرى نسمة عزة تخرج مع أنفاس هؤلاء مأخوذة من عاصفة العزة التي اقتلعت بها هذه الثورة جذور الذل من الرّضع قبل المفطومين.
عندها فقط نعلم أن المصيبة خطيرة والداء عضال.
كل هذا ونحن نحاول جاهدين أن نتكلم عن ساسة يدّعون أنهم يمثلون الثورة في مؤتمرات الذل والهوان، نحاول أن نتكلم عن هؤلاء الساسة بوصفهم هذا فقط. لأنه لو تحدثنا عنهم بوصفهم (إسلاميين) ملتزمين ملتحين يحاولون أن يصبغوا أفعالهم بصبغة الشرع؛ لو تحدثنا عنهم بهذا الوصف لرأينا مرارة الواقع الذي وصلت إليه ثورتنا إذا بقي هؤلاء ممثلين لها وهم قد باعوا أنفسهم لأعدائها، وتنكروا لكل قيمها، وانحرفوا عن ثوابتها وأهدافها، وعن تعاليم ديننا.
فلا والله ما علمتنا شريعة الإسلام أن نستجدي أعداءنا لينصرونا على أنفسهم بل علمتنا: ﴿فَإِذا لَقيتُمُ الَّذينَ كَفَروا فَضَربَ الرِّقابِ حَتّى إِذا أَثخَنتُموهُم فَشُدُّوا الوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعدُ وَإِمّا فِداءً حَتّى تَضَعَ الحَربُ أَوزارَها ذلِكَ وَلَو يَشاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنهُم وَلكِن لِيَبلُوَ بَعضَكُم بِبَعضٍ وَالَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعمالَهُم﴾.
لا وأيم الله ما علمنا نبينا أن نطلب رزقاً من مساعدات وسلاح نوعي وفك حصار من أعدائنا بل علمنا ما أُنزل عليه في محكم التنزيل: ﴿أَلَيسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبدَهُ وَيُخَوِّفونَكَ بِالَّذينَ مِن دونِهِ وَمَن يُضلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن هادٍ﴾.
لا وأيمن الله ما علمنا الإسلام الدعوة بالمداهنة والتملق والخضوع، بل علمنا أن نصدع بالحق وأن نكون كما كان رسولنا صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، ومن سبقه من المرسلين، سافرين متحديين قال تعالى: ﴿قَد كانَت لَكُم أُسوَةٌ حَسَنَةٌ في إِبراهيمَ وَالَّذينَ مَعَهُ إِذ قالوا لِقَومِهِم إِنّا بُرَآءُ مِنكُم وَمِمّا تَعبُدونَ مِن دونِ اللَّهِ كَفَرنا بِكُم وَبَدا بَينَنا وَبَينَكُمُ العَداوَةُ وَالبَغضاءُ أَبَدًا حَتّى تُؤمِنوا بِاللَّهِ وَحدَهُ إِلّا قَولَ إِبراهيمَ لِأَبيهِ لَأَستَغفِرَنَّ لَكَ وَما أَملِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيءٍ رَبَّنا عَلَيكَ تَوَكَّلنا وَإِلَيكَ أَنَبنا وَإِلَيكَ المَصيرُ﴾.
ولكن قيادات مزيفة لا تمثل المخلصين من أبناء الشام ولا نقاءهم وتضحياتها، بل هم منسلخون عن ثورتنا ومتنكرون لثوابتها، ومنفصلون عن مخلصيها، ومبتعدون عن دينهم وتعاليمه يجب توزيع النعوة السياسية على أرواحهم. لأنهم اختاروا الانفصال عنها وخيانة شرفائها وتضحيات أبنائها.
ثورة الشام يا سادة:
لا يصلح حالها إلا بأن تنفض غبار تلك الهلواسات:
- التي تقول: إنه لا يمكننا النصر إلا بتعلقنا بدولة هنا وأخرى هناك.
- والتي تقول: إنه لا يمكننا أن نستمر في ثورتنا إلا بتملق كافر ومنافق وسفاح وقاتل.
- والتي تقول: إن الأمة لا تملك طاقة لمواجهة أعدائها إلا بطلب إذنهم وترضية خواطرهم.
- والتي تقول: إنه لا يجب أن نطالب إلا بما يسمح لنا به أعداؤنا من الدول المتسلطة.
وكل هذه الهلوسات من ترّهات العبيد، ولا يمكن للعبيد إلا أن يحسنوا شروط عبوديتهم بهلوساتهم. فأفكارهم هذه لا تنهض أمة لا تدفع عدواً ولا ترفع قوماً. فما علينا إلا أن ننفض غبار الذل ووسوسات العبيد عنا.
ثورة الشام يا سادة:
- تحتاج للتخلي عن كل ارتباط سوى الارتباط بالله.
- تحتاج للابتعاد عن كل الداعمين سوى الله.
- تحتاج ألا تطلب المعونة إلا من الله.
- تحتاج سياسيين أحراراً لم تستطع أقبية المخابرات مجتمعة أن تجعل فكرهم فكر عبيد.
الثورة بحاجة لتلمّسِ قيادة لها ترسم الطريق وتوجه الدفة وتعلم معنى السياسية الحقيقة (رعاية شؤون) لا سياسة الذين (يلفّون ويدورون).
فيا أبناء الثورة الأبرار انبذوا هؤلاء القادة الذين لا يزيدونكم إلا عبودية وذلا وشقاء، واتخذوا قادة سياسيين جعلوا الأنبياء أسوتهم، والصالحين قدوتهم، ففي ذلك عزكم ورفعتكم وخلاصكم.
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا مَن يَرتَدَّ مِنكُم عَن دينِهِ فَسَوفَ يَأتِي اللَّهُ بِقَومٍ يُحِبُّهُم وَيُحِبّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤمِنينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكافِرينَ يُجاهِدونَ في سَبيلِ اللَّهِ وَلا يَخافونَ لَومَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضلُ اللَّهِ يُؤتيهِ مَن يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَليمٌ﴾.
للمكتب الإعلامي لحزب التحرير – ولاية سوريا
رامي الحمصي