يقول تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾
إن واقع ثورة الشام اليوم أصبح على مفترق طرق، والواقع اليوم هو واقع أشبه بقطار فيه سائق يقوده باتجاه الهاوية والتي تبعد كيلو مترات فقط وباقي الموجودين في القطار متوزعون على أصناف:
1- صنف سلم رقبته للسائق مع علمه بعدم قدرته على القيادة ولكن الطمع جعله يساند هذا السائق لأنه قدم له بعض الوعود الآنية التي أسكتت عنده جوعة النقص!
2- وصنف يدرك أن السائق خائن ولكن هذا الصنف وبجهله ظن أنه قادر أن يستوعب هذا السائق ويمكر به ويضحك عليه!
3- وصنف معهم سائق ومساعد وخبراء ولكنهم لا يملكون قوة الصنفين الأولين ولا يملك ما لدى السائق من مال ولذلك يعرض عنه هؤلاء الصنفان.
4- وأما الصنف الرابع وهو الصنف الأكبر وهم ركاب القطار الذين ينظرون من الشبابيك إلى الطبيعة المحيطة ولا يدركون أنهم بعد وقت قليل سيلاقون حتفهم مع الأصناف الثلاثة الباقية! وفيهم صنف من الركاب يدرك عدم أهلية السائق وعدم أهلية الصنفين الأول والثاني مع السائق ويؤيدون السائق الذي يمتلك الخريطة ويمتلك الخبراء ولكنهم ينتظرون أن يعود الباقي إلى رشدهم قبل فوات الأوان.
فوق هذا نجد أن السائق والصنفين الأولين يستخدمان باقي الأصناف كوقود للقطار حتى يمشي ويستمر باتجاه الهاوية.
هذا واقعنا اليوم؛ واقع مؤلم وصلت إليه ثورة الشام بعد أن كانت تسيطر على أكثر من ثلاثة أرباع البلد.
واليوم وبعد تقدم النظام إلى دير الزور فإن باقي المناطق المحررة أصبح حالها هو حال الصنف الرابع الذي ينتظر دوره بالذبح كما حصل أيام المغول عندما كان التتار يقولون للمسلم انتظر حتى نشحذ السكين لنعود لقتلك!!
نراقب ما يحصل وكأن الأمر لا يهمنا، وكأن تصحيح مسار القطار هو مهمة الصنف الثالث فقط أو أنه مهمة للخالق الذي سينقذ القطار بدون عمل من الركاب مع أن الخالق لا تحابي سننه أحداً.
لذلك وفي هذا الواقع المرير وجب على أهل الشام أن يستنفروا ليدافعوا عن دينهم الذي سرقه منهم أصناف الخيانة وباعوه أولا، ويستنفروا لنصرة الصنف الثالث حتى ينجوا بأنفسهم، وليكن نصب أعينهم قول نبيهم ﷺ: «مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذي في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا؟ فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا وهلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا».
لذلك كان على الأمة، وعلى وجه الوجوب وليس على وجه الندب، أن يرفعوا صوتهم بقول كلمة الحق لأنها أعظم الجهاد في وجه سلطان القادات الجائر.
وليعلموا أن دماء ركاب القطار ليست في رقاب السائق أو الأصناف الخائنة فقط بل في رقاب الساكتين أيضا، وليعلموا أن الأمة ما زال فيها الخير إلى يوم الدين، وأن من خرج على فرعون الشام قادر على أن يخرج على الفراعنة الصغار الذين لم يكبروا بعد، وقادر أن يصحح المسار حتى يعود المسلمون سادة للأنام، لا أيتاماً على موائد اللئام!
وتذكروا بأن الدم دمنا والمال مالنا والعرض عرضنا... وسكوتنا هو خيانة لكل هذا بل وحرق لنا وبيع في أسواق النخاسة كما يفعل سائق القطار عندما يستخدم الفحم ليزيد من سرعة القطار باتجاه الهاوية!
ونذكركم بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ فاستجيبوا لمن يدعوكم لنجاتكم ولمن يدعوكم لإقامة دين الله وتحكيم شرعه وحفظ الدماء التي سالت لأجله.
يقول تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مصطفى سليمان
المصدر: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/sporadic-sections/articles/political/46700.html