press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

photo 2023 06 30 11 26 02

 

 

 

فرض الله سبحانه وتعالى علينا فرائض كثيرة، ولم تكن الفرائض مجرد طقوس تؤدى، بقدر ما أنها موجهة لسلوك الإنسان المسلم وضابطة لأعماله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له"، فهذه الصلاة تلزم المؤمن الامتناع عن ارتكاب المنكرات، وهكذا باقي العبادات.

وإننا اليوم في عيد الأضحى المبارك، هذا العيد الذي يترافق مع أداء فريضة الحج، يجب أن لا يغيب عن أذهاننا الدروس والعِبر المستوحاة من هذه الفريضة، إذ لا بد من فهم فرائض الإسلام وتطبيق الدروس المستفادة منها في واقع الحياة، خاصة فيما يتعلق بما افترضه الله علينا من وجوب إنكار المنكر وتغييره، وإسقاط النظام العلماني المجرم الذي لم يدع جريمة إلا وارتكبها خلال سنيّ الثورة الاثني عشر.

وقبل الحديث عن دروس الحج فلا بد أن نذكر أن الله سبحانه وتعالى قد أقسم بالأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة وهي أيام أداء فريضة الحج، أقسم الله سبحانه وتعالى بها وبالفجر وبالليل وبالشفع والوتر، ليثبت حقيقة لطالما غفل عنها المرجفون الخائفون من سطوة المجرمين، فبعد هذا القسم العظيم، جاء الله عز وجل بأمثلة عن أعظم الطغاة والجبابرة وأخبرنا عن الصفة المشتركة لهم، ألا وهي الطغيان في البلاد والزيادة في الإفساد والفساد، ثم يخبرنا بالنتيجة التي شملتهم جميعا بأن صبّ الله عليهم العذاب فمنهم من دمرهم وآخرين أغرقهم، ليأتي بعد ذلك بجواب القسم العظيم، فقال: "إن ربك لبالمرصاد"، فهو يترصد سبحانه وتعالى لكل طاغية مفسد، فيمهله حتى إذا أخذه لم يفلته.

وفي طريق مواجهة الظالمين والمفسدين لا بد أن يتحلى المؤمنون العاملون بصفة التسليم المطلق لأمر الله، فليس للمؤمن خيار في قبول أو رد أمر الله، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} [الأحزاب : 36] وهذا ما كانت عليه هاجر زوجة نبي الله ابراهيم عليه السلام فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ: جاءَ إِبْرَاهِيمُ ﷺ بِأُمِّ إِسْمَاعِيل وَبابنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِي تُرْضِعُهُ حَتَّى وَضَعَهَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فوْقَ زَمْزَمَ في أَعْلَى المسْجِدِ، وَلَيْسَ بمكَّةَ يَؤْمئذٍ أَحَدٌ وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوضَعَهَمَا هُنَاكَ، وَوضَع عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيه تَمرٌ، وسِقَاء فِيهِ مَاءٌ. ثُمَّ قَفى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا، فتَبِعتْهُ أُمُّ إِسْماعِيل فَقَالَتْ: يَا إِبْراهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وتَتْرُكُنَا بهَذا الْوادِي الَّذِي ليْسَ فِيهِ أَنيسٌ ولاَ شَيءٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلكَ مِرارًا، وَجَعَلَ لاَ يلْتَفِتُ إِلَيْهَا، قَالَتْ لَه: آللَّهُ أَمركَ بِهذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَت: إِذًا لاَ يُضَيِّعُنا، ثُمَّ رجعتْ.

وهكذا يكون الاستسلام لأمر الله، فهو يترافق مع الثقة التامة أن تنفيذ أوامر الله لن يضيعنا، بل فيه النجاة كل النجاة، كيف لا وهو بيده كل شيء، فمنه الأمر وعليه التكلان، فهو الذي أمرنا أن لا نركن إلى الظالمين، وهذا يقتضي قطع الارتباط بالداعمين الذين ثبت يقينا أنهم في صف نظام القتل والإجرام، ولا يقولن أحدٌ كيف نكفي أنفسنا، وكيف سنكمل ثورتنا، بل يجب أن نستسلم لأمر الله موقنين بأنه لن يضيعنا.

أليس في مشهد الذبح عبرة أخرى تؤكد وجوب الاستسلام التام لأمر الله؟ انظر كيف أن نبي الله ابراهيم وابنه اسماعيل عليهما السلام لم يتوان لحظة في تنفيذ أمر الله حيث جاء في كتاب الله ﴿فَلَمّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنّي أَرى فِي المَنامِ أَنّي أَذبَحُكَ فَانظُر ماذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افعَل ما تُؤمَرُ سَتَجِدُني إِن شاءَ اللَّهُ مِنَ الصّابِرينَ۝فَلَمّا أَسلَما وَتَلَّهُ لِلجَبينِ۝وَنادَيناهُ أَن يا إِبراهيمُ۝قَد صَدَّقتَ الرُّؤيا إِنّا كَذلِكَ نَجزِي المُحسِنينَ۝إِنَّ هذا لَهُوَ البَلاءُ المُبينُ۝وَفَدَيناهُ بِذِبحٍ عَظيمٍ۝وَتَرَكنا عَلَيهِ فِي الآخِرينَ۝سَلامٌ عَلى إِبراهيمَ۝كَذلِكَ نَجزِي المُحسِنينَ﴾ [الصافات: ١٠٢-١١٠]
وهذا جزاء كل من أحسن تنفيذ أمر الله وثبت عليه، فلن يضيعه الله.

أما الشيطان وأساليبه وتبريراته فهي كثيرة، وما على أهل الشام إلا أن يرموه وأدواته بحجر الالتزام بأمر الله، والشيطان اسم لكل من حاد عن أمر الله سواء كان من الجن أو الإنس، فكما كانت شعيرة الحج تقتضي رمي الجمرات، اقتداء بفعل نبي الله إبراهيم عليه السلام عند سعيه في تنفيذ ما أُمر به، فكذلك يجب أن يفعل من يسعى لإسقاط النظام ملتزما أمر الله، فيرمي كل من يدعوه لحرف طريقه، أو ليفرط بدماء الشهداء، أو من يدعوه للوقوف في منتصف الطريق، فكل هذه دعوات شيطانية يجب الابتعاد عنها والتمسك بأحكام رب العالمين.

وأخيراً فإن اجتماع المسلمين على صعيد واحد، يلبون نداء ربهم، يسعون ذات السعي، ويطوفون ذات الطواف، يكبرون ويهللون لرب واحد، يجتمعون من كل صوب وحدب، لباسهم واحد، لا فرق بين أبيض وأسود ولا عربي وأعجمي، هذا المشهد من الوحدة والاجتماع، يرسل لأهل الشام المبتغين إسقاط النظام أن يهبوا استجابة لدينهم، ونصرة لأعراضهم، وتنفيذاً لأمر ربهم، معتصمين بحبله جميعاً، فيجتمعون على المشروع الذي يرضي ربهم، وكل منهم يأخذ دوره، واثقين بأن الله لن يخذلهم، فيستمدون منه العون والمدد، فهو القاهر فوق عباده، ﴿وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصرِهِم لَقَديرٌ﴾ [الحج: ٣٩]

=====
منير ناصر