رفعت الأمة صوتها ضد ظلم وقهر وإذلال حكام الجبر من تونس بلد الزيتون ، وماهي إلا أشهر معدودة حتى أصبحت المنطقة جميعها تشتعل غضباً تحت عروش هؤلاء الحكام العملاء ، الذين أجرموا بحق أمتهم يستفزونها بإهانة دينها أقدس مالديها ، ويقهرون أمة خير الأنام فأصبحوا كحجر الدومينو يتساقطون أمام غضب الأمة .
ومالبثت أن دارت الأيام فأعاد الغرب تدوير نفايات الأنظمة ، وفرض وصايته من جديد على الأمة بوجوهٍ جديدةٍ ، استخرجها من بقايا أنظمة العمالة التي جثمت على صدر الأمة لقرن من الزمن ، فهذه الأنظمة صنعت على عين مخابراته وبيده وتحت وصايته ، وألقمها ثقافته حتى تبقى تدور في فلكه .
وشكلت ثورة الشام التي لازالت مستمرة قوية بأبنائها المخلصين حالة استثنائية من حالات الثورات ، فبعد مقارعة النظام وسقوط العديد من المناطق و بعد عسكرة الثورة ودخول الشرق والغرب بمكره ودهائه وماله السياسي القذر ومخابراته لاحتواء من تخندق في مواجهة النظام المجرم ، فمن شراء ذمم قادات الفصائل وسحبهم إلى طاولات المفاوضات وتوقيعهم على مقررات مؤتمرات الخيانة ، تم فرض الوصاية على الثورة التي أثقلت كاهل أهل الثورة ، وقيدتهم بسلاسل النظام التركي الضامن والوصي ، الذي كان له الدور الأبرز في تنفيذ مقررات هذه المؤتمرات الخيانية ، فعاد الثائرون بعد جُل التضحيات وشلالات من الدماء التي سفكت على أرض الشام ، للتحرر من الوصاية الغربية على بلادنا بخُفي حُنين ، بعد أن تسلط عليهم قادات خونة يُباعون ويُشترون ، ولكن أهل الثورة كانت لهم كلمتهم بعد أن شعروا بالخطر الداهم ، وهم الذين صقل وعيهم عظيم التضحيات ودُفِع ثمنه دماء ، فعادوا إلى الساحات صادعين بالحق رافضين لهيمنة الوصاية وتبديل الوجوه وبقاء أنظمة الجور والظلم ، فلا بشار بعد بشار ولا استبداد وإجرام بعد اليوم ، فأهل الشام باتوا يدركون أن هذه التضحيات التي بذلت والمكر الذي حِيك على أهل الشام ، لهو خير دليل على أن الزمان هو زمان أهل الحق بإذن الله ، من غزة العزة إلى أرض شام الإسلام ، وأن قطع يد الوصاية الغربية وأفول نجم المستعمر الغربي الكافر من بلادنا بثقافته النتنة وإجرامه وأدواته شارف على النهاية .
وماهي إلا مسألة وقت وستشرق على ربوع بلاد المسلمين شمس الخلافة بإذن الله التي ستبدد ظلام قرن من الزمن ، وماذلك على الله بعزيز
{ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا } [ الإسراء: 51]
-----------------
عبد الرحمن الجلوي