press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

 

 

333


بتاريخ 12/8/2025م، شهدت العاصمة الأردنية عمّان اجتماعاً ثلاثياً ضمّ الأردن وسوريا وأمريكا، بحضور وزيري خارجية سوريا أسعد الشيباني، والأردن أيمن الصفدي، ومبعوث أمريكا الخاص توم باراك، وذلك في إطار ما سُمّي بمحاولة "احتواء أزمة السويداء ودعم استقرار سوريا". غير أن هذا الاجتماع، وما سبقه من أحداث في السويداء من اشتباكات مسلحة، وغارات لكيان يهود على دمشق ومحيطها، وانتهاكات واسعة بحق أبناء العشائر والبدو، يؤكد أن الغاية الحقيقية ليست الاستقرار، بل هي تثبيت نفوذ أمريكا وفرض حلول على الأرض تُرضي أعداء الأمة وتُقصي صوت الحاضنة.

فبعد إعلان وقف إطلاق النار في السويداء، إثر صدامات بين فصائل تتبع ليهود بشكل مباشر والعشائر، ووسط تصعيد مباشر ليهود عبر القصف الجوي، جاءت سلسلة اجتماعات منها في باريس وآخرها اجتماع الأردن الثلاثي حاملاً رسالة واضحة ومفهومة بأن مصير سوريا يُدار في الغرف المغلقة، بإشراف أمريكي ورعاية إقليمية، وأن كل ما جرى من أحداث مضت وآخرها حدث السويداء ليس سوى ورقة ضغط في مسرحية دولية قذرة.

لقد صوّر الإعلام الرسمي اللقاء على أنه "خطوة نحو إعادة البناء وضمان السيادة"، بينما الحقيقة أن الأطراف المشاركة لم تطرح إلا حلولاً تخدم بقاء نفوذ أمريكا ويهود، وتكرّس واقع التبعية، وتبعد الدولة عن ممارسة سلطتها الحقيقية. ويكفي أن التحليلات الأردنية نفسها نبّهت إلى أن استمرار النزاع في الجنوب يشكّل تهديداً مباشراً لحدود الأردن، وأن انهيار الدولة السورية ليس في مصلحة هذا البلد، ما يعني أن الاجتماع جاء أولاً وأخيراً لحماية الأردن وأمن الكيان الغاصب.

إن حضور أمريكا المباشر للقاء وفرضها خطتها تحت ذريعة "وقف الاقتتال"، يفضح حقيقة دورها الذي طالما كان محركاً للأحداث في سوريا، واجتماع عمّان هذا هو حلقة جديدة في هذا المسار، لتثبيت نفوذها وتهيئة الأرضية للتطبيع مع الكيان الغاصب عبر الموافقة على اتفاق أبراهام.

إن المتابع لتفاصيل ما جرى يدرك جملة من الحقائق التي يجب التوقف عندها، منها:

أولاً: أن كيان يهود طرف رئيسي في المشهد، يستثمر في أي موقف ويغذيه ليحصّل مكاسبه التي يصرح حولها كل حين، وبالتالي أي اجتماع يتجاهل هذا الدور أو يتعامى عنه، هو عملياً تواطؤ معه وتثبيت لعدوانه.

ثانياً: الاجتماع الثلاثي جاء ليعيد إنتاج الوصاية الدولية على سوريا، حيث يُفرض على الحكومة الانتقالية القبول بترتيبات أمنية وسياسية تحت عين أمريكا، بما يشمل إدارة ملف الجنوب والتعامل مع الفصائل المحلية - أزلام يهود - بوصفها شريكاً سياسياً، رغم جرائمها المروعة بحق العشائر، وهذا بحد ذاته خيانة لدماء الأبرياء، وشرعنة للبؤر الانفصالية التي تتقوّى بالعدو.

ثالثاً: ما يتم طرحه من خطر تفكك سوريا ونشوء دويلات متعددة في الجنوب وغيرها هو لأجل الضغط للقبول بأي خطة حل، وضمان إبقاء الكيان الغاصب آمناً. فالتذرع بحماية الدروز لم يكن إلا غطاء لتدخل يهود المباشر، وتقديم الفصائل الانفصالية كبديل عن الدولة، وكل ذلك ليس حباً بأحد ولكن لأجل تحصيل ضمانات والدفع لتوقيع التزامات تضمن سلامة كيان يهود.

رابعاً: ما سُمّي بإعادة الإعمار وعودة اللاجئين ليست سوى شعارات مخادعة، يُراد منها شراء الوقت وتمرير خطة سياسية تقطع الطريق على الثورة، وتحول القضية السورية من قضية تحرر وتغيير جذري إلى مجرد ملف إنساني وإغاثي، بينما تبقى السيادة رهينة في أيدي القوى الخارجية.

خامساً: الاعتماد على واشنطن أو عمّان أو غيرهما من العواصم لن يضمن استقراراً ولا سيادة، بل سيزيد الارتهان والضياع، فكل تسوية تُفرض من الخارج تعني مزيداً من التفريط بمكتسبات الثورة، ومزيداً من تثبيت نفوذ المستعمر، ومزيداً من التضييق على المجاهدين والأحرار.

إن الحقائق مجتمعة تؤكد أن الاجتماع الثلاثي في عمّان ليس إلا خطوة على طريق فرض التطبيع مع الكيان المجرم، وإن لم يُصرح به مباشرة، فالحديث عن استقرار سوريا بمعزل عن طرد يهود من الأرض التي احتلوها في سوريا، عدا عن احتلالهم للأرض المباركة فلسطين، وتجاهل دماء الشهداء البدو والعشائر الذين سقطوا في السويداء وغزة على حد سواء، ليس إلا تهيئة للأرضية لتعايش مذل مع كيان يهود.

وعليه، يجب على أهل الشام أن يرفضوا هذه المؤامرات، وألا تنطلي عليهم شعارات "السلام والاستقرار" التي يرفعونها في الوقت الذي يغطون فيه على جرائم يهود، فالطريق إلى الأمن والسيادة لا يمر عبر واشنطن ولا عمّان، بل عبر التمسك بشرع الله، ثم الاعتماد على الأمة وحاضنتها الصادقة، واستكمال مسيرة الثورة حتى إسقاط كل وصاية أجنبية والعمل الصادق لإزالة كيان يهود من جذوره. قال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ﴾.


فليكن واضحاً أن كل خطوة باتجاه الاستعانة بأمريكا والغرب، أو التساوق مع مساعي الأردن وكيان يهود لتفتيت سوريا، هي خيانة كبرى للثورة ولدماء الشهداء. وإن أول طريق النصر يبدأ بإعلان البراءة من كل مشاريع التطبيع، والالتزام الصادق بتطبيق شرع الله، والاعتماد على الحاضنة الشعبية الثائرة، فهي وحدها السند الحقيقي بعد الله عز وجل وقت الأزمات والشدائد.

 

--------

كتبه: 


عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا