
مصعب بن عمير رضي الله عنه كان من أغنى فتيان مكة، وترك ذلك لله وآمن به وهاجر مع رسوله صلى الله عليه وسلم، وترك الغنى والجاه في مكة وهاجر إلى المدينة.
وذات يوم رآه رسول الله في المدينة يلبس جلد ماعز ليستر به عورته فيقول عليه الصلاة والسلام: (انظروا إلى هذا الرجل كيف فعل به الإيمان والله لقد رأيته وما في مكة فتى أعز منه ولكن هكذا صنع به الإيمان).
ويذكر أن أخاه أبا عزيز وقع في الأسر بيد المسلمين، فيمر مصعب ويقول لمن أسر أخاه : أشدد يدك على أسيرك فإن أمه غنية وستفديه بمال كثير .
فهذا مصعب الخير يترك جاه مكة ومالها وغناها ليلتحق بركب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علمه بأن الفاتورة كبيرة.
نعم، عزة النفس تكون بطاعة الله والسير وفق شرعه وطلب رضاه ولا تكون بخشية الغرب والسير على خطاه والخوف منه وتصديق وعوده الكاذبة.
الإيمان أن تكون عبداً لله مهما كان النتيجة من فقر أو ضيق أو غير ذلك، لأن النتيجة هي نتيجة الآخرة وليس نتيجة الدنيا.
فليس الإيمان أن تطلب الغنى والجاه من أعداء الله أو أن تبيع دينك بعرض من الدنيا قليل مقابل الوعود الكاذبة بانتعاش اقتصادي موهوم أو رفع عقوبات مشروط.
إن المقياس ليس هو الانتعاش الاقتصادي ورضا الغرب مقابل غضب الله والبعد عن شرعه..
إنما المقياس هو تطبيق حكم الإسلام في جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية مهما كانت النتيجة من ضيق وسخط من الغرب، فالله هو الغني الحميد.
قال تعالى: (إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
وقال سبحانه: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ).
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
محمود النعسان
