press

حملة لا لجريمة الحل السياسي نعم لإسقاط النظام وإقامة الخلافة

banner

 

WhatsApp Image 2025 12 23 at 8.25.52 AM



قال الله تعالى في محكم تنزيله:﴿وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ۝ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ ۝ وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الزخرف: 33–35].

في هذه الآيات، يكشف الله سبحانه وتعالى حقيقةً كبرى، وهي أن الدنيا ـ بكل زخرفها وقصورها ونعيمها ـ لا تزن عنده شيئاً، حتى إنه سبحانه يخبرنا أنه لولا حكمةٌ بالغة، لكان الكافرون أولى الناس بزينة الدنيا ومتاعها، لا كرامةً لهم، بل ابتلاءً واستدراجاً ولهوان الدنيا عنده.
لكن الله، برحمته وحكمته، علم ضعف الإنسان، وعلم أن انبهار القلوب بزخارف الدنيا قد يوقع الناس في فتنة عظيمة، فيظن بعضهم أن الغلبة المادية دليل الحق، وأن الثراء والرخاء علامة الرضا، فيلتبس عليهم ميزان الحق والباطل، فيميلون بمجموعهم إلى الباطل، فمن رحمة الله أن لم يجعل الدنيا مقياساً للإيمان، ولا الغنى علامةً للهداية.

ومن العجيب المحزن، أن يُسمع اليوم من يهوِّن من شأن تحكيم شرع الله بحجة "التعب من الظلم"، أو "الإرهاق من الصراع"، أو "الحاجة إلى الرخاء الاقتصادي"، وكأن شرع الله عبء على الناس، أو كأن العدل الإلهي يتناقض مع مصالح العباد!
يقولون : دعونا نقيم دنيانا ونلتفت إليها ولا نلقي بأنفسنا في مواجهة الغرب فنهلك!
أيُعقل أن تُقدَّم دنيا فانية ـ أخبرنا رسولنا الكريم أنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة ـ على منهج رباني أُنزل لإقامة العدل، وصيانة الكرامة، وحفظ الدين والنفس والمال والعرض؟
أفيكون من الهدى أن نؤجل إعمار الأرض بشرع الله، من أجل متاع زائل، وراحة مؤقتة، وأمانٍ موهوم؟
إن هذا الدين لم يُبعث ليكون طقوساً معزولة عن واقع الحياة، بل جاء ليقود الإنسان، وينظم شؤونه، ويحرره من عبودية البشر إلى عبودية رب البشر. وتحكيم شرع الله ليس ترفاً فكرياً، ولا خياراً ثانوياً، بل هو جوهر رسالة الإسلام ومقصدها الأعلى.
وقد قرر الله سنةً لا تتبدل، أن النصر والتمكين والرزق ليست ثمرة المساومات، ولا نتيجة التنازلات، وإنما هي وعدٌ صادق لمن صدق مع الله:﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾
[غافر: 51].
فمن مقتضى الإيمان، ومن لوازم التوحيد، أن نوقن أن الله هو الرازق، وهو الناصر، وهو المدبر، وأن العزة لا تُطلب إلا في طاعته، ولا تُنال إلا بالثبات على أمره، مهما كثرت التحديات، وتعاظمت التضحيات.

إن أخطر ما يواجه الأمة اليوم ليس الفقر، ولا الضيق الاقتصادي، بل اختلال الموازين، وتقديم الدنيا على الدين، والتنكب عن الطريق الذي سار فيه الأنبياء والصالحون. ومن هنا تبدأ الهزيمة، من داخل القلوب، لا من قلة الموارد.
﴿وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰۤ أَمۡرِهِۦ وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ﴾.

كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
وائل مسعود