الخبر:
نقلت وكالات الأنباء يوم الثلاثاء 2016/6/22 نبأ اعتداء بسيارة مفخخة على وحدة لقوات الجيش والأمن الأردني في منطقة الركبان على الحدود مع سوريا أدت إلى مقتل ستة أفراد وجرح أربعة عشر آخرين.
التعليق:
رغم أن تفاصيل العملية ما زالت طي الكتمان وأنه لم يتم الإعلان رسميا عن الجهة التي نفذتها، إلا أن الرأي العام والإعلام يميلان إلى نسبة العملية لتنظيم الدولة، خاصة وأن التنظيم يسيطر على المناطق الحدودية من الجانب السوري. وقد سارعت الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها كيري وخلال اجتماعه مع وزير الخارجية الأردني ناصر جودة إلى إعلان تأييده ودعم أمريكا للأردن في حربها ضد (الإرهاب). وكانت الأردن قد تعرضت لعملية نوعية أخرى قبل أسبوعين أودت بحياة خمسة أفراد من مرتب المخابرات العامة.
ويبدو من تسارع الأحداث أن هناك من يعمل بدون كلل على توريط الأردن بشكل مباشر بالمأزق السوري واستعمال قواتها المسلحة والأمنية للدخول في حرب برية في سوريا على النهج الأمريكي ووفق خططها وغاياتها. والظاهر أيضا أن القيادة الأردنية سواء من خلال خبرتها وما لديها من تصورات أو من خلال العلاقة التاريخية مع بريطانيا ما زالت تصر على عدم التورط في حرب سوريا حيث الرابح فيها خسران. والأردن ومن ورائها بريطانيا تعلم أن الأزمة والحرب الدائرة في سوريا هي أزمة وحرب أمريكية بامتياز، وليس فيها رابح من الناحية العسكرية إلا أمريكا، وما عداها لا ناقة له ولا بعير سواء إيران وحزبها في لبنان أو روسيا أو نظام بشار أو تنظيم الدولة، فكلها أتون حرب طاحنة. والحركات المسلحة الأخرى لا تزال بين دفتي طاحونة الحرب.
لقد نشرت الديلي تلغراف اللندنية منذ بضعة أشهر تقريرا عن زيارة الملك عبد الله لأمريكا ومقابلته مع أعضاء من مجلس الشيوخ ورد فيها أن الأردن قد أرسل قوات إلى ليبيا وكينيا لمحاربة انتشار تنظيم الدولة إلى جانب قوات بريطانية. والظاهر أن تسريب هذا الخبر كان من باب سد الذرائع، أي من باب تبرير عدم دخول الأردن في حرب مباشرة في سوريا، بالرغم من المحاولات المستمرة لزج الأردن بحرب سوريا بأي ثمن.
لا شك أن دخول الأردن في حرب سوريا ليست من مصلحة الأردن في شيء. فنظام بشار هو في عهدة أمريكا وأوكلت أمر حمايته لروسيا وإيران وحزبها في لبنان. والحركات المسلحة في سوريا أكثرها دخلت في حروب فيما بينها أو فيما بينها وبين تنظيم الدولة. أما التنظيم فوجوده كذلك مرتبط إلى حد كبير في استمرار الأزمة في سوريا. من هنا فإن دخول الأردن الحرب في سوريا تحت أي شكل ليس له أي مبرر حقيقي وليس من مصلحة الأردن؛ ولذلك فإن تسارع الأحداث في الأردن وتهديد أمنها الداخلي من خلال عمليات إرهابية ليس إلا ضغطا مستمرا عليه لإيجاد دوافع ولو اصطناعية للزج به في الحرب.
ولا يفوتنا أن ننوه أن الأردن يتعرض في الوقت نفسه إلى ضغط من نوع آخر يتمثل في قرارات صندوق النقد الدولي المجحفة التي فرضت على الأردن زيادة في الأسعار و الضرائب على كثير من المواد الضرورية للشخص العادي. وبالتالي فإن مقدرة الأردن على الممانعة تبدو أقل من ذي قبل.
إن أكثر ما تخشاه أمريكا من نتائج الحرب في سوريا هو أن تعمل على إضعاف جميع الأطراف أو القضاء عليها وإشاعة الفوضى فيما حولها وانعدام الأمن. وفي هذه الحالة من الممكن أن تصبح الظروف أكثر ملاءمة لظهور الإسلام ودولته الحقيقية، تلك التي لا يمكن أن توصم بالإرهاب. ومن هنا فإن الخيار الأمثل والأقوى للأردن بكل مقوماته أن يعمل على ترسيخ فكرة الدولة الإسلامية الحقيقية، دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي ستنشر العدل و الأمان وتتخطى مكائد أمريكا وحبائلها.
﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد ملكاوي
المصدر: http://www.hizb-ut-tahrir.info/ar/index.php/radio-broadcast/news-comment/37970.html