ومضات قرآنية: عباد الرحمن والتذكير بالقرآن
قال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا) (الفرقان 73).
أتت هذه الآية تالية ًلسابقاتها من آياتٍ خُتمت بها سورة الفرقان واصفةً حال العبودية لله بصورتها الصافية صورة (عباد الرحمن). وفي الآية إشارةٌ إلى طرفين اثنين، أُشير إليهما ببناء الفعل ذُكّروا إلى المجهول، الأول من يقوم بالتذكير بآيات الله وبهديه بين صفوف الأمة ناصحاً لإخوانه إن أخطأوا، وممسكاً بأيديهم إن زلّوا أفراداً وجماعات وحكّاماً ومحكومين، في أمورهم السياسية بعمومها كما في أمورهم الفردية بخصوصها، ليعيدهم إلى النهج الذي ارتضاه لنا رب العزة نظاما لحياتنا. والطرف الثاني هم من يستمعون إلى التذكير بكتاب ربهم، فلا يتكبرون على الذكرى، ولا يتعالون على من يذكرهم بهدي ربهم، بل يتركون الحرام خضوعا ً لأمر الله، واستجابة لتذكرة إخوانهم، ويسارعون إلى القيام بفرض ربنا امتثالاً، ويتفاعل فكرهم وشعورهم مع كلمات ربنا عز وجل، فتكون استقامة السلوك حاضرة ً وميزان الأفعال منصوباً لقياس المواقف والأفعال وتقويمها.
نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا ممن يسارعون إلى كتاب الله فيستنبطون منه الحلول والمعالجات، ليحكّموها في واقع حياتهم، ويجعلوها دستورا لهم. ونسأله أن نكون ممن تحيا وتطمئن قلوبُهم بذكر ربهم، وتسلِّم لحكمه تسليما. نحيا من أجل تحقيق عبوديتنا لله عز وجل وتحكيم شرعه، وإقامة دولته، مع الصادقين من حملة دعوته الملتزمين بنهج رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام لتغيير واقعنا الأليم، زادنا ثقتنا بوعد ربنا في محكم تنزيله، الذي تعتبر آياته شفاء لنا، ونورا نستضيئ بها، لنرمي وراء ظهورنا فلسفات الغرب ونظرياته، وكيده وتصريحاته، وزيف وعوده الكاذبة الخادعة، التي يسعى من خلالها أن يلفتنا عن نهج ربنا، ويجعلنا نخرُّ عند سماع أوامره جل وعلا صما وعميانا. وقد فضحت ثورة الشام المباركة زيف حضارتهم وادعاءاتهم لكل ذي بصيرة، فتداعوا عليها ليطفئوا نور الله بإجرامهم وحقدهم وأفواههم وكيدهم. ولكن عباد الرحمن سيبقون واثقون من وعد الله، وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم يرددون كما ردد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأوا الآحزاب قال تعالى:
(وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَٰذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ۚ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) (الأحزاب 22).
كتبه للمكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية سوريا
حسن نور الدين