صرَّح رئيس الائتلاف الوطني خالد خوجة في حديثه مع صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 215م: "إن الفيتو الذي كان مفروضاً على حصول الجيش السوري الحر على أسلحة المضادات الجوية سينتهي"، كاشفاً عن جهود أمريكية "من أجل إيجاد آلية لإقامة مناطق آمنة"، عازياً سبب التحسن الميداني والسياسي إلى أنه ناتج عن مقاربات بين السعودية وتركيا وقطر والأردن، وطبعاً مع مراقبة ومتابعة من أمريكا. مشيراً إلى أن نظام الأسد يمكن أن يسقط في لحظة غير محسوبة.
إن الانتصارات الأخيرة التي حققتها بعض الفصائل على قوات المجرم بشار لا بد من أن توضع في سياق انعقاد مؤتمر (جنيف3) الذي أعلن من قبل عن بدء انعقاده في 4/5/2015م. وهذا المؤتمر، والذي اعتَبر كلٌّ من النظام والمعارضة على اختلاف جماعاتها أن مقررات مؤتمر (جنيف1) هي أساس الحل الذي سيبحث فيه، هذا المؤتمر يهدف إلى التقدم خطوات في تحقيق هذه المقررات. وما حدث من انتصارات هو من أجل إيجاد حالة من توازن القوة بين كلٍّ من النظام والمعارضة تشكل مبرراً للائتلاف أمام الناس للجلوس على طاولة الحوار ويبين أنه يجلس للتفاوض من موقع قوة، وفي حال قبول الناس بذلك يكون قطار الحل الأمريكي قد بدأ مسيره، ولا شك أن هناك محطات كثيرة سيطلق عليها: (جنيف3) و(جنيف4) و(جنيف5)... سيقف عليها هذا القطار؛ بحيث يتم في كل محطة الوصول إلى جزء من هذا الحل، وهكذا حتى يصل إلى المحطة الأخيرة التي يكون قد تم فيها إنضاج الحل الأمريكي بإيجاد الحاكم البديل العميل عن بشار، بحيث يكون أسوأ خلف لأسوأ سلف.
وهذه الانتصارات يعزوها خوجة إلى رفع واشنطن للفيتو الذي يمنع الدول من تزويد الفصائل المقاتلة بـ "أسلحة المضادات الجوية" ويكشف أن كلاً من "السعودية وتركيا وقطر والأردن" تسير في ذلك بحسب الأوامر الأمريكية. وللأسف، فبدلاً من أن يهاجم خوجة أمريكا أنها سبب مآسي المسلمين في سوريا لأنها فرضت على المجتمع الدولي منع السلاح عنهم، وسكتت عن تزويد روسيا وإيران للسفاح بشار، وبدل أن يهاجم حكام المسلمين لانصياعهم للإرادة الأمريكية؛ نراه يفخر بهذا السماح المدروس لتزويد المقاتلين بالسلاح النوعي وهذا الرفع المؤقت للفيتو. ومسكين هذا الخوجة لأنه صدق الموقف الأمريكي واعتبره تغييراً، وذلك عندما ذهب إلى القول "إن نظام الأسد يمكن أن يسقط في لحظة غير محسوبة" إلا إذا كان يظن نفسه أنه هو البديل.
أما الحديث عن إيجاد مناطق آمنة فلكي تسمح للائتلاف الذي صنع على عين أمريكا من الدخول إلى مناطق المسلمين وإدارتها تمهيداً لاحتواء هذه الثورة المباركة، وتهيئة الأرض للاقتتال الداخلي. وما الحديث عن اقتراب عاصفة الحزم من أرض الشام، والحديث عن مباركة أمريكا لها إلا إشارة واضحة لنيتها استخدام قوات دولية فاعلة تكون من ضمنها قوات عربية لتفرض حلها على الأرض، وقد تضمهم إلى التحالف الدولي الذي تتزعمه في سوريا والعراق لمحاربة ما تسميه الإرهاب.
أيها المسلمون المرابطون في سوريا الشام، عقر دار الإسلام: لا شك أن الانتصارات الأخيرة التي حققتها ثورة الشام المباركة أظهرت مدى عجز نظام المجرم بشار عن الصمود في وجهها، وأظهرت أنه لولا الدعم الأمريكي لكان السفاح بشار الآن في خبر كان مقبوراً بجانب أخيه القذافي. وإن ما يُسمح به من انتصارات وما يجري من مؤتمرات (جنيف3 و4... ) إنما يدخل ضمن المصلحة الأمريكية فحسب. والأمر المراد تحقيقه في محطة (جنيف3) هو تهيئة الأجواء لتحويل بندقية الفصائل المقاتلة عن وجهتها التي قالت إنها خرجت من أجلها والتي هي قتال النظام إلى فتنة اقتتال الفصائل فيما بينها بحجة أن هناك فصائل معتدلة وأخرى متطرفة إرهابية؛ لذلك يتم التركيز على أخذ ولاء الفصائل في هذه الفترة. إن أمريكا تدرك تماماً أن العائق الأوحد أمام مشروعها في سوريا هو (مشروع الخلافة)، وهي تريد أن تضربه بالمسلمين أنفسهم تحت ذريعة (محاربة الإرهاب).
أيها المسلمون المرابطون في أرض الشام عقر دار الإسلام: إن الرائد لا يكذب أهله؛ وإننا إذ نتابع كل التحركات التي تقوم بها أمريكا من خلال عملائها في المنطقة نضع بين أيديكم الحقائق التالية:
- إن أمريكا تعمل على إبقاء سيطرتها على أرض الشام عن طريق فرض مشروعها المتمثل بدولة مدنية ديمقراطية تفصل الدين عن الحياة؛ وتحارب كل محاولة للتحرر من هيمنتها بإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وذلك تحت مسمى محاربة الإرهاب.
- إن فرض المشروع الأمريكي يكون على محورين؛ المحور الأول يكون بإيجاد كيان سياسي (عميل جديد) لها للتفاوض مع عميلها القديم المجرم بشار، وبذلك تكون قد أمنت انتقال السلطة منها وإليها. أما المحور الثاني فيكون عن طريق إيجاد قوة عسكرية تستطيع السيطرة على الأرض لفرض مشروع الدولة المدنية بالقوة، ومنع أي عمل جاد لإقامة الخلافة تحت مسمى محاربة الارهاب والتطرف.
- إن كل الأعمال التي قامت وستقوم بها أمريكا من حماية المجرم بشار ابتداء، ومنع السلاح النوعي عن المسلمين، واشتراط المحافظة على المؤسسات العسكرية والأمنية، ومحاولة فرض منطقة آمنة، وإعطاء الضوء الأخضر لعاصفة حزم في أرض الشام، وإنشاء جيش وطني، وإنشاء الائتلاف ومحاولة إدخاله إلى المناطق المحررة، ومحاولة إنشاء هيئة تفاوضية، ومؤتمرات جنيف... كل هذه الأعمال العسكرية والسياسية تصب في هذين المحورين.
إن حزب التحرير في سوريا يحذر الثائرين الذين خرجوا بنية صادقة بأن يصبروا ويثبتوا ويعتصموا بحبل الله المتين. فأنتم ما خرجتم لدنيا تصيبونها على غير سواء، ولكنكم خرجتم لإعلاء كلمة الله، فقد قدمتم دماءكم رخيصة في سبيل الله، وهجرتم الدنيا ومتاعها، وأعلنتم منذ البداية أن هذه الثورة هي لله، وأن قائدها هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنتم واجهتم تكبُّر الغرب وعملائه، فسيروا على بركة الله وضعوا أيديكم بأيدي المخلصين من إخوانكم فتفوزوا في الدارين الأولى والآخرة وما ذلك على الله بعزيز. قال تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)).اللهم هل بلغنا، اللهم فاشهد.
15 رجب 1436هـ
03/05/2015م
حزب التحرير
ولاية سوريا