خرج الاجتماع الثلاثي بين روسيا وإيران وتركيا بما سُمي "بيان موسكو" والذي تضمن البنود التي اتفقت عليها البلدان الثلاثة، وكان أبرزها هو أن الأولوية في سوريا هي لمحاربة "الإرهاب" وليس لإسقاط النظام، واستبعاد الحل العسكري لما يعتبرونه أزمة في سوريا، والبدء بمفاوضات جديدة بين المعارضة والنظام، سعياً للتوصل لاتفاق بينهما.
جاء هذا الاجتماع خلال عملية إخلاء الأحياء الشرقية لمدينة حلب من أهلها وثوارها، وقد سبق عملية الإخلاء اجتماعات بين قادة فصائل معارضة وبين روسيا في أنقرة، مما يؤكد أن "تسليم" حلب بدأ تنفيذه منذ انطلاقة هذه الاجتماعات، والآن هناك تسريبات عن لقاءات بين أنقرة وفصائل معارضة تجري لترتيب ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع الثلاثي، وهذا يفسر أخبار الاندماجات التي تجري في الداخل، حيث يبدو عليها بوضوح أنها عملية فرز للفصائل إلى صفين، معتدل ومتطرف، فمن يرضى بالحل السياسي والمشروع الغربي المتمثل بالدولة المدنية فهو المعتدل وأما الرافض لهذا الحل فهو المتطرف.
لقد بات واضحاً أن الغرب يتخذ من "تسليم" حلب بداية لمرحلة جديدة فها هو النظام التركي يُسفر عن وجهه بوقوفه في صف قتلة المسلمين في الشام، وما كان مخفياً بات معلناً في هذه المرحلة، والتي يظن الغرب أنها بداية لتنفيذ الحل السياسي وفرضه على أهل الشام بعد كل الذي ذاقوه من القصف والتدمير، والقتل والتهجير، هذه المرحلة التي يعتبرها الغرب بداية لسقوط الثورة، ومنعاً للخطر المحدق بطاغية الشام ونظامه كما يزعمون ويظنون، ولكن ظنهم سيرديهم بإذن الله العزيز الحكيم.
إن الواجب عليكم أيها الأهل في الشام أن لا تجعلوا "تسليم" حلب هو نهاية للثورة بل اجعلوه بحقٍ بداية لمرحلة جديدة لكن ليس كما يريدها أعداء الله، بل كما يريدها الله سبحانه وتعالى، مرحلة نقطع بها نفوذ الغرب الكافر عن بلادنا وثورتنا، فيكون بذلك قرارنا بأيدينا، مرحلة ننهي بها مأساة الارتباط بالدول الداعمة التي كانت أول من خذلت أولئك الذين دعمتهم، مرحلة نجعلها بداية لتبنّي مشروع الإسلام العظيم، المشروع الواضح الذي به نسقط النظام المجرم ونقيم بدلاً عنه خلافة راشدة على منهاج النبوة.
أيها المسلمون في الشام عقر دار الإسلام:
إن هذه الاجتماعات التي تدار في أنقرة، وما نتج عنها من "تسليم" حلب، وما يخطط فيها من محاربة ما يسمونه "الإرهاب" وبدء المفاوضات، كل هذا يؤكد أنه قد آن الأوان لتعيدوا الثورة إلى ثورة أمة لا ثورة فصائل تُباع وتُشترى، آن الأوان لأن يأخذ المخلصون دورهم ويقولوا كلمتهم، آن الأوان لأن يدرك الأهل في الشام أن ما افتقدته الثورة خلال مسيرتها هو القيادة السياسية الواعية المخلصة، القيادة التي تمتلك مشروعاً سياسياً واضحاً منبثقاً من عقيدة "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وإن هذا لمتوفرٌ لدى حزب التحرير، والذي يقدم إليكم مشروع الخلافة الراشدة مستنبطاً من كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد أثبت خلال هذه الثورة وعيه السياسي وقدرته على القيادة، فقد كان سباقاً في التحذير مما يُحاك في دهاليز السياسة، وقد بيّن خطر المال السياسي منذ انطلاقة هذه الثورة المباركة، كما أنه لم يتوان يوما عن التحذير من خطر الدور الذي تلعبه الدول التي تدعي صداقتها لثورة الشام، وقد صدع بالحق ورفض كل الهدن التي مهدت لما يُخطط له الأعداء من هدنة شاملة، كما أنه رفض كل المفاوضات التي جرت بين المعارضة والنظام، وبيّن أن تسليم قضايانا لأعدائنا هو انتحار سياسي، فكان جديراً بعد كل هذا أن يُعطي المخلصون من الفصائل والفعاليات قيادتهم لحزب التحرير، وذلك حفظاً للدماء الزكية حتى لا تهرق إلا في سبيل الله، ووصولاً بثورة الشام إلى برّ الأمان وإنقاذاً لها من الضياع بعد الخذلان. فقد قال عز من قائل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).
الأحد 26 ربيع الاول 1438هـ
25 كانون الأول 2016م
حزب التحرير
ولاية سوريا