السؤال:
وقع السبت 17/12/2016 تفجير... (قتل 13 جنديا، السبت، وجرح 48 آخرون منهم من المدنيين في انفجار سيارة مفخخة قرب جامعة أرجيس الواقعة في ولاية قيصرية وسط تركيا، وفقا لبيان صادر عن القوات المسلحة التركية...) (موقع سي أن أن العربية، 17/12/2016)، وكان قد وقع تفجيران ليل السبت الماضي 10/12/2016 بالقرب من استاد نادي بيشكتاش وسط مدينة اسطنبول، مما أسفرا عن مقتل 38 شخصا، بينهم 30 من أفراد الشرطة، وارتفع عدد القتلى أخيرا إلى 44 شخصا، وأعلن تنظيم يسمى "صقور حرية كردستان" مسئوليته عن التفجيرين السابقين. فهل هو كذلك وراء التفجير الحالي؟ وما خلفية هذا التنظيم؟ وما الدافع من وراء هذه التفجيرات؟ وجزاك الله خيرا.
الجواب:
1- بالنسبة لتفجيري اسطنبول 10/12/2016 فقد تبناه تنظيم صقور حرية كردستان كما جاء في إعلان التنظيم:
- (أعلنت جماعة صقور حرية كردستان المنبثقة عن حزب العمال الكردستاني يوم الأحد مسؤوليتها عن تفجيرين خارج استاد لكرة القدم في مدينة اسطنبول التركية أسفرا عن مقتل 38 شخصا وإصابة 155... وفي بيان على موقعها الإلكتروني قالت الجماعة التي أعلنت مسؤوليتها عن هجمات أخرى في تركيا في العام الحالي إنها نفذت الهجومين اللذين وقعا مساء السبت... وأحدثا صدمة في بلد ما زال يحاول التعافي من محاولة انقلاب فاشلة وتفجيرات عدة منذ بداية العام... وقعت هجمات السبت بالقرب من استاد فودافون التابع لفريق بشيكطاش لكرة القدم بعد ساعتين تقريبا من انتهاء مباراة في الاستاد وبدا أن الهجمات استهدفت رجال الشرطة...) (أنقرة-رويترز، 11 كانون الأول/ديسمبر 2016) ثم ازدادت الأعداد: (ارتفعت حصيلة ضحايا تفجيري اسطنبول اللذين وقعا مساء أول من أمس السبت إلى 44 قتيلا على الأقل، حسب حصيلة نشرتها وزارة الصحة ونقلتها وسائل الإعلام التركية. وقال وزير الصحة رجب أكداغ أمام البرلمان في أنقرة "من المؤلم جدا أن نخسر 36 من شرطيينا وثمانية من مدنيينا في هجوم دموي"...) (لندن: «الشرق الأوسط أونلاين» - الاثنين - 12 كانون الأول/ديسمبر 2016)
2- وأما تفجير 17/12/2016 فلم تتبن فعله أية جهة حتى تاريخه، ولكن المسئولين الأتراك ذكروا في تصريحاتهم أن تفجير (اليوم) يشبه تفجير السبت الماضي 10/12/2016: (وفي السياق نفسه، قال نعمان قورتولموش نائب رئيس الوزراء التركي إن المواد المستخدمة في الهجوم بسيارة ملغومة على حافلة تقل جنودا خارج نوبة عملهم في قيصرية بوسط البلاد مشابهة لتلك التي استخدمت في تفجيري اسطنبول الأسبوع الماضي. وأدلى قورتولموش بهذا التصريح خلال مقابلة مع محطة إن.تي.في التلفزيونية. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها على الفور عن الهجوم الذي قتل 13 شخصا وأصاب 55 آخرين...) (العربية.نت، السبت 17 كانون الأول/ديسمبر 2016م)، (من جهته، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن حزب العمال الكردستاني مسؤول عن الهجوم. وأوضح أردوغان في بيان أن "تنظيماً إرهابياً انفصالياً" مسؤول عن الهجوم، مشيراً إلى ارتباط مثل هذه الهجمات بالتطورات في العراق و سوريا. ويستخدم الرئيس التركي عبارة "تنظيم إرهابي انفصالي" مراراً للإشارة إلى حزب العمال الكردستاني الذي تدرجه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا في قائمة المنظمات الإرهابية...) (العربية.نت، السبت 17 كانون الأول/ديسمبر 2016)
وعليه فإن الراجح بالنسبة لمن قام بتفجير يوم 17/12/2016 وتفجيري 10/12/2016 هو الفاعل نفسه أي صقور حرية كردستان أو ما يسمى "TAK".
3- أما خلفية هذا التنظيم وواقعه، فسنبينه بعد بيان تطورات التغيير في حزب العمال الكردستاني بعد اعتقال مؤسسه أوجلان:
أ- عقب اعتقال أوجلان في العاصمة الكينية نيروبي عام 1999 تشكلت لجنة سداسية لقيادة منظومة المجتمع الكردستاني، وهذه المنظومة تتميز بتركيبة معقدة جدا مقارنة بالأحزاب الكردية في باقي أجزاء كردستان، فالمنظومة عمليا تتألف من أربعة أحزاب كبرى تضم في إطارها عشرات المنظمات الشبابية والطلابية والنسائية والاجتماعية واللجان الخدمية والأمنية... وهذه الأحزاب هي: حزب العمال الكردستاني في تركيا، و حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، و حزب الحل الديمقراطي في العراق، و حزب الحياة الحرة في إيران "بيجاك". ولكل حزب من هذه الأحزاب قيادته وتنظيمه الخاص، ولكنه في النهاية ينضوي في إطار منظومة المجتمع الكردستاني التي يرأسها منذ ذلك الوقت "1999م" مراد قره يلان.
ب- لقد غلب على حزب العمال الكردستاني خلال ولاية مراد قره يلان تليين مواقفه من تركيا، فمنذ القبض على عبد الله أوجلان في 1999م تقلصت أهداف حزب العمال الكردستاني من المطالبة بالاستقلال التام لكردستان إلى نيل الحقوق الثقافية وشكل من أشكال الحكم الذاتي يقتصر على الأكراد الأتراك وذلك بعد التفاهمات التي تمت بين الحكومة التركية وبين أوجلان بتخطيط من أمريكا، ومن ثم الهدوء الذي تم على إثر ذلك بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية...
ج- استمرت العلاقة بين حزب العمال الكردستاني وبين الحكومة التركية في عهد مراد قرة يلان بشيء من اللين والهدوء وفق ما رسمته أمريكا من خطوات لتهدئة الأوضاع بين الحكومة التركية وبين الأكراد، ومن ثم توالت وسائل التهدئة بين الطرفين، وبخاصة اعتباراً من أواخر 2012:
• 16/12/2012: قام رئيس هيئة الاستخبارات التركية "هاكان فيدان" بزيارة جزيرة إيمرالي والتقى هناك عبد الله أوجلان.
• 9/12/2012: أعلن "رجب طيب أردوغان" على قناة trt الحكومية عقد لقاءات مع أوجلان.
• 21/3/2013: تمّت قراءة رسالة عبد الله أوجلان أمام الحشود المجتمعة من أجل إحياء عيد النيروز، حيث دعا خلالها إلى التخلي عن السلاح وبدء الكفاح السياسي. وقال حينها أوجلان العبارة التالية: "حان وقت التخلي عن السلاح وانسحاب العناصر المسلحة إلى خارج الأراضي التركية. وهذا لا يعني نهاية الصراع. إنما يعني بداية كفاح من نوع آخر".
• (رحبت الولايات المتحدة بدعوة زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان أمس متمردي الحزب إلى "إلقاء السلاح"، ووصفتها بأنها "خطوة إيجابية"، كما رحبت بها الحكومة التركية، بينما أثارت استياء القوميين الأتراك... وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فكتوريا نولاند إن "إعلان أوجلان وقف إطلاق النار يمكن أن يساعد في إنهاء "العنف المأساوي المستمر منذ أكثر من ثلاثة عقود في تركيا". وأضافت نولاند إن الولايات المتحدة تحيي كذلك "الجهود الشجاعة التي بذلتها الحكومة التركية وجميع الأطراف المعنية لتحقيق الحل السلمي الذي سيعزز الديمقراطية في تركيا...) (الجزيرة نت، 22/3/2013)
• 4/4/2013: تمّ تشكيل لجنة الحكماء المؤلفة من 63 شخصاً، وبدؤوا بالتجول في أنحاء تركيا للتحاور من أجل حلّ القضية الكردية حلاً متفقاً عليه.
• 25/4/2013: أعلن مراد قارايلان أحد قادة جبل قنديل أمام مئات الصحفيين بأنّ التنظيم سيبدأ بعملية الانسحاب من الأراضي التركية اعتبارًا من 8 أيار/مايو عام 2013.
د- استمرت هذه التهدئة وهذا اللين طوال ولاية مراد قرة يلان ثم أصبحت الأمور تميل إلى الشدة بعد ذلك اعتباراً من ولاية جميل بايك بعد عقد المؤتمر التاسع لحزب العمال الكردستاني وانتخاب بايك خلفاً لمراد: (وعقد المؤتمر التاسع لحزب العمال الكردستاني، في شهري حزيران وتموز الماضيين، في قنديل بمشاركة 162 عضوا، وبموجبه حصلت تغييرات في قيادات الحزب، وحل بايك محل قرة يلان متقدما بثلاثة أصوات على الأخير...) (موقع الحزب الديمقراطي الكردستاني، 6/11/2013)
إن التغيير الذي طال رئاسة اللجنة شكل في نظر بعض الأوساط الكردية والتركية انقلابا سياسيا على المرحلة السابقة، حيث تم انتخاب لجنة قيادية جديدة بالكامل مؤلفة من ستة أشخاص (ثلاثة رجال وثلاث نساء) برئاسة القيادي البارز جميل بايك. ويمكن القول إن التغيير الذي طال قيادة الحزب خلال المؤتمر شكل منعطفا جديدا في استراتيجية الحزب، سواء على مستوى انتخاب قيادة جديدة بالكامل، أو على مستوى السياسة التي ينبغي اتباعها في المرحلة المقبلة... والأحداث اللاحقة تدل على تلك السياسة:
• 5 تموز/يوليو عام 2013: تمّ اختيار جميل "باييك" أحد القياديين العسكريين لتنظيم حزب العمال الكردستاني في جبل قنديل ومعه "بيسي هوزاط" لرئاسة اتحاد المجتمعات الكردية KCK.
• 31 تموز/يوليو عام 2013: أدلى جميل باييك بتصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية bbc، أكّد فيها بأنّ التنظيم سيوقف عملية الانسحاب في حال لم تقم الحكومة التركية بخطوات ملموسة حتّى تاريخ 1 أيلول القادم. ولم يكتف بهذا بل وجّه إنذارًا يتضمّن عودة العناصر التي انسحبت مجدّدًا إلى الأراضي التركية.
• 19 آب/أغسطس عام 2013: أفاد جميل باييك بأنه في حال تمّ إفشال مسيرة المصالحة الوطنية، فإنّ الأوضاع الأمنية داخل تركيا ستتدهور أكثر من ذي قبل.
• 9 أيلول/سبتمبر عام 2013: أعلن اتحاد المجتمعات التركية KCK أنّ انسحاب عناصر تنظيم حزب العمال الكردستاني من الأراضي التركية، قد توقف بشكل كامل.
• 3 كانون الأول/ديسمبر عام 2013: ألقى جميل باييك خطابًا حول آخر التطورات في تركيا، قال فيه: "إذا استمر الوضع على هذا المنوال، فلا بدّ من نشوب حرب في تركيا. لقد أمهلنا الحكومة التركية فرصة لتحقيق مطالبنا حتّى الربيع القادم، فإن تمّ تحقيق هذه المطالب من قِبل الحكومة التركية فإنّ المشكلة سوف يتمّ حلّها عن طريق المصالحة. وإن لم يتمّ قبول شروطنا فإننا لا يُمكننا الاستمرار بهذا الشكل مع الأتراك".
• 20 كانون الأول/ديسمبر عام 2014: قال جميل باييك: "إن التخلّي عن السلاح يُعد بمثابة الموت بالنسبة لهم".
• 12 حزيران/يونيو عام 2015: قال رئيس حزب الشعوب الديمقراطي "صلاح الدين ديميرطاش" إن تنظيم حزب العمال الكردستاني يمكنه أن يتخلّى عن سلاحه بناء على نداء زعيم التنظيم "عبد الله أوجلان". فرد عليه اتحاد المجتمعات الكردية قائلًا: "على الجميع أن يدرك الحقيقة التالية وهو أن مسألة التخلي عن الصراع المسلح ضد الدولة التركية أمر عائد إلينا تمامًا ولا يحق لأي شخص أن يبدي رأيا بهذا الشأن. وعلى الجميع أيضا أن يعلم أن حزب الشعوب الديمقراطي لا يمثّل الجناح السياسي لنا. وبالتالي لا يمكن لقيادات حزب الشعوب الديمقراطي أن تطالبنا بترك السلاح، ولا نعتقد أن زعيمنا "عبد الله أوجلان" سيطالبنا بالتخلي عن السلاح ضمن الشروط والظروف الراهنة... كما نود أن يعلم الجميع أن قرارنا بعدم التخلي عن السلاح، لا يُعد رفضًا لمطالب أوجلان ولسنا بصدد عرقلة العمل السياسي لحزب الشعوب الديمقراطي".
• 12/7/2015 أعلنت منظومة المجتمع الكردستاني (KCK، اليوم الأحد، أن وقف إطلاق النار المبرم مع تركيا منذ عام 2012 قد انتهى، مبررة ذلك «ببناء الدولة التركية للسدود والمواقع العسكرية»... جاء ذلك في بيان أصدرته الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي لمنظومة المجتمع الكردستاني KCK قالت فيه: إن الدولة التركية انتهكت شروط الهدنة... ARA NEWS 12/7/2016)
• 14/7/2015 كتب أحد رؤساء منظومة المجتمع الكردستاني "بيسي هوزارط" مقالاً نشر في صحيفة "أوزغور غوندم" تحت عنوان "المرحلة القادمة، مرحلة الحرب التي سيقوم بها الشعب الثائر في تركيا"
هـ- يتبين مما سبق أن حزب العمال الكردستاني في عهد مراد كان أقرب إلى الخط الأمريكي بتنفيذ الاتفاق الأمريكي للتهدئة بين حزب العمال والحكومة التركية وأن تلك المرحلة قد توجت بعقد اتفاقية السلام بينهما في آذار2013... وخلال تلك الفترة كان تذمر من بعض الأكراد أدى إلى انشقاقات واعتراضات... لقد أغضبت أجواء التهدئة في عهد مراد قرة يلان (1999-2013) بعض الأكراد لأنهم رأوا فيها بعض التنازلات... في هذه الأجواء كان انشقاق تنظيم صقور حرية كردستان أو ما يسمى TAK عن حزب العمال الكردستاني في 2004 حيث كان منذ تأسيسه في 1993 مرتبطاً بحزب العمال الكردستاني، ويعمل الآن بشكل مستقل كما يقول، ويشدد تنظيم "تاك"، على أن تنظيمهم مستقل ولا علاقة لهم بأي أحد، وهم يعرّفون عن أنفسهم بأنهم "قوات فدائية"، من الناحية الهيكلية، وهدفهم الأساسي هو ضرب البنية العسكرية للجيش التركي وتخريب قطاع السياحة... وقد كانت أولى عمليات الصقور في 2005، استهداف حافلة للسياح ما أدى إلى مقتل 5 أشخاص وإصابة 20 آخرين. وعلى غرار تركيا، فإنه اعتباراً من عام 2008، تم اعتبار تنظيم الـ "تاك"، تنظيماً إرهابياً من قبل خارجية الولايات المتحدة، ودخل قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، ويعتبره الاتحاد الاوروبي كذلك حزباً إرهابياً...
و- وبعد التغيير الذي حدث في انتخابات المؤتمر التاسع ومجيء ولاية بايك في تموز 2013 أصبح حزب العمال يميل إلى الخط الإنجليزي مستهدفاً أردوغان وحكومته بأعمال مادية من تفجيرات وأعمال قتل... وانعكس ذلك بقوة على أعمال الصقور وبخاصة خلال السنة الحالية، فقد كانت الأجواء مساعدة لتنظيم صقور حرية كردستان لمضاعفة أعمالهم ضد قوات الأمن التركية، وعليه فقد تصاعدت أعمال الصقور في هذه الفترة، ولإلقاء الضوء على تلك العمليات منذ أواخر السنة الماضية ثم السنة الحالية حيث ازدادت سخونة حتى كانت العملية الأخيرة 17/12/2016 يمكننا ملاحظة هذا الأمر بوضوح:
• كانون الأول/ديسمبر 2015 - استهداف مطار صبيحة كوكجن بإسطنبول بالصوايخ أدى الهجوم إلى مقتل موظفة.
• شباط/فبراير 2016 - تفجير سيارة مفخخة بأنقرة أدى الهجوم إلى مقتل 28 شخصا معظمهم جنود.
• آذار/مارس 2016 - تفجير سيارة مفخخة في أنقرة أدت إلى مقتل وإصابة العشرات.
• حزيران/يونيو 2016 - تفجير سيارة مفخخة في حي فزنجيلار بإسطنبول، 11 قتيلا وإصابة 35 معظمهم شرطة.
• تشرين الأول/أكتوبر 2016 - تفجير دراجة نارية في حي يني بوسنا بإسطنبول، إصابة 10.
• تشرين الثاني/نوفمبر 2016 - تفجير سيارة مفخخة عند بوابة مبنى ولاية أضنة جنوب تركيا، مقتل مدنيين وإصابة العشرات.
• 10 كانون الأول/ديسمبر 2016 - تفجير مزدوج في حي بشكتاش أسفر عن مقتل 44 شخصا معظمهم من الشرطة وإصابة نحو 200.
• 17 كانون الأول/ديسمبر 2016 - تفجير (قتل 13 جنديا، السبت، وجرح 48 آخرون منهم من المدنيين في انفجار سيارة مفخخة قرب جامعة أرجيس الواقعة في ولاية قيصرية وسط تركيا، وفقا لبيان صادر عن القوات المسلحة التركية... ونقلا عن مصادر أمنية أن "السيارة المفخخة انفجرت قرب مدخل جامعة أرجيس، بجانب حافلة تُقل عسكريين خرجوا لقضاء إجازة نهاية الأسبوع"، في الوقت الذي "هرعت فرق الشرطة والإسعاف إلى مكان الحادث، الذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى نُقلوا إلى المستشفيات في الولاية وسط تدابير أمنية مكثفة...) (موقع سي أن أن العربية، 17/12/2016)
ز- وبدراسة كل ما سبق يتبين لنا الخلفية السياسية لصقور حرية كردستان وهي على النحو التالي:
بعد أن أعلن جميل بايك في 20/12/2014 ("إن التخلّي عن السلاح يُعد بمثابة الموت بالنسبة لهم"، فقد شرع حزب العمال الكردستاني بزعامة بايك بالتشدد إلى أن بلغت الذروة في 12/7/2015 حيث أعلنت منظومة المجتمع الكردستاني KCK بقيادة بايك انتهاء وقف إطلاق النار مع حكومة أردوغان... وفي خط مواز نشط تنظيم الصقور TAK في الأعمال المادية ضد المصالح الحيوية للحكومة التركية وخاصة الأمنية حتى كانت العمليتان في 10/12/2016 و17/12/2016.
وهذا يعني أن الراجح في خلفية الصقور أنهم يتناغمون مع خط بايك القريب حالياً من خط أوروبا وبخاصة بريطانيا ضد حكم أردوغان الموالي لأمريكا.
ح- ويؤكد ذلك أن جميل بايك أحد مؤسسي حزب العمال الكردستاني قال في 15 آذار/مارس 2016م في تصريحات لصحيفة التايمز البريطانية: "نريد إسقاط أردوغان وحزب العدالة والتنمية، لأنه طالما لم يسقط أردوغان وحزبه فلن يكون هناك ديموقراطية في هذا البلد"... (بي بي سي، 15/03/2016م)...
وأيضاً فإن رئيس حزب الشعب الجمهوري عميل إنجلترا كليجدار أوغلو قال أمام المؤتمر الـ 72 للجمعية العامة لاتحاد الغرف والبورصات التركية، (TOBB) في العاصمة أنقرة "ما هو هذا النظام الرئاسي؟ سيتكلّم شخص واحد وتصمت تركيا... هذا النظام الرئاسي لا يمكن تطبيقه في هذ البلد دون إراقة الدماء" (www.tna24.com 13/5/2016)...
ط- من كل ذلك يتبين أن الذين وراء التفجيرات الأخيرة في اسطنبول هم الإنجليز. وأما عن الدافع وراء ذلك فلا يخرج عن الأمور التالية:
• إيجاد حالة من عدم الاستقرار للنظام الموالي لأمريكا في تركيا استمراراً لذيول محاولة الانقلاب الأخير الذي قام به عملاء الإنجليز، فهم ولا شك يدركون أنه ليس من السهل تغيير هذا النظام في تركيا لأن أردوغان أوجد ركائز قوية لأمريكا في تركيا، ولكن يمكن أن يؤثروا في الاضطراب وعدم الاستقرار الذي إذا تكرر فقد يوهن ركائز النظام...
• هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن النظام البرلماني في تركيا أسسته إنجلترا بيد عميلها مصطفى كمال بعد أن هدمت الخلافة في 1924م مما يعني أن بريطانيا هي الأب الروحي للنظام البرلماني في تركيا، ولذلك يريد أردوغان ومن ورائه أمريكا إغلاق هذا الباب إلى الأبد بتغيير النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي وإعطاء رئيس الجمهورية أكثر صلاحيات، وأما بريطانيا فلا تريد هذا النظام الرئاسي... وقد سبق أن صرح رئيس حزب الشعب الجمهوري عميل إنجلترا كليجدار أوغلو بأن هذا النظام الرئاسي لا يمكن تطبيقه في هذا البلد دون إراقة الدماء (كتبت صحيفة "صباح" التركية في عنوان لها "إنه يهين المجلس والشعب والسياسة" وذلك في إشارة إلى تصريحات رئيس حزب الشعب الجمهوري، "كليجدار أوغلو"، الذي قال فيه: "لا يمكنكم تطبيق النظام الرئاسي دون إراقة الدماء"...) (تركيا بوست، 13/5/2016).
والخلاصة هي أن بريطانيا تريد بأعمال القتل والتفجيرات التي يقوم بها الموالون لها ومنهم صقور حرية كردستان، تريد أن تصطاد عصفورين بحجر: إيجاد عدم الاستقرار في النظام التركي الموالي لأمريكا، وفي الوقت نفسه الوقوف بقوة في وجه محاولة أردوغان لإعلان النظام الرئاسي مكان النظام البرلماني. وأما ما يُظن منه أن هذه الأعمال ستقود إلى منطقة حكم ذاتي، فهذا الأمر مستبعد على الأقل في المدى المنظور.
• وفي الختام فإنه من المؤلم حقاً أن تسيل دماء المسلمين ليس من أجل الإسلام وأمة الإسلام بل لتحقيق مصالح الكفار المستعمرين... ومع ذلك فإن هذه الأمة أمة خير ستنهض بإذن الله بعد رقود وتقوم بعد قعود، وأحداث تاريخ هذه الأمة تنطق بذلك، فمن كان يتوقع لأمة الإسلام بعد أن غزاها الصليبيون ثم التتار ودمروا عاصمة الخلافة بغداد وأحالوا مياه دجلة من اللون الرقراق الصافي إلى اللون الأحمر المختلط بالسواد من كثرة الدماء التي اختلطت بحبر المخطوطات التي أهريقت فيه، من كان يتوقع أن تلك الأمة بعد ذلك الحال تنهض من جديد وتفتح القسطنطينية؟ من كان يتوقع؟ ولكن لله رجالاً لن يناموا على ضيم ولن يسكتوا على ظلم حتى يضعوا الأمور بحق في مواضعها ويعيدوا الخلافة الراشدة إلى مقاعدها، ولسان حالهم: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾، وحقاً وصدقا: ﴿إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾.
الحادي والعشرون من ربيع الأول 1438هـ
20/12/2016م
حزب التحرير
المصدر: صفحة أمير حزب التحرير عطاء بن خليل أبو الرشتة على الفيسبوك