بعد طول صبر خرج المسلمون في بلدة حمورية وغيرها من مدن الغوطة الشرقية في دمشق عن صمتهم ضد الانتهاكات التي تمارسها بعض الفصائل المقاتلة بحق الأهالي؛ تحت مسمى القيادة الموحدة. فبدل أن تعمل هذه الفصائل على التخفيف من معاناة المسلمين وكسر الحصار عنهم؛ فها هي تزيد من معاناتهم جراء الاعتقالات التعسفية بحق الأهالي بتهمة شق الصف تارة، والولاء لتنظيم الدولة تارة أخرى، وضد المتاجرة بلقمة عيشهم عن طريق السيطرة على الأنفاق التي تعتبر شريان الحياة لأهل الغوطة؛ وجعلها أسلوباً آخر من أساليب الضغط على أهل الغوطة... ونتيجة لهذه التصرفات غير المسؤولة ثار الناس ضد هذه الفصائل وقالوا كلمتهم ضد الظلم الذي صبروا عليه كثيراً على أمل أن يستقيم الحال، فما كان من هذه الفصائل إلا أن واجهت التظاهرات بالرصاص الحي؛ على طريقة نظام المجرم بشار في القمع والتسلط ، ونسيت أو تناست أنها ما حملت السلاح إلا بدعوى الدفاع عن المتظاهرين السلميين الذين خرجوا ضد ظلم نظام القمع والإجرام، وغاب عن أذهانهم أنَّ من ثار ضد الظلم مرة سيثور ضده مرة أخرى، وأن أهل الشام لا يسكتون على ظلم مهما طال الزمن؛ فسكوت الأمة ليس دليلاً على ضعفها؛ فالسلطان لها وهي صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في تقرير مصيرها الذي أعلنت عنه بوضوح عندما صدحت حناجرها (لن نركع إلا لله) و (الشعب يريد خلافة من جديد).
أيها المسلمون في شام العزة: إنكم رأيتم كيف أنكم زلزلتم بثورتكم طاغية الشام وزبانيته، رغم بطشه واستخدامه كافة أساليب القمع ووسائل الإجرام لقمع ثورتكم؛ ولكن ثباتكم كان أعظم وصوت الحق الذي رفعتموه في وجه الظلم والبطش كان أعلى، وإصراركم على إسقاط نظامه وإقامة شرع الله مكانه كان أقوى؛ فلا تترددوا في الصدع بكلمة الحق في وجه كل ظالم آخر، متوكلين على الله وحده لا تخشون في الحق لومة لائم. ولنتذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل كلمة الحق من أفضل الجهاد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الجهاد كلمة حق عند ذي سلطان جائر". وجعل من مات وهو يصدح بكلمة الحق سيد الشهداء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ، فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ فَقَتَلَهُ".
أيتها الفصائل المقاتلة: لقد حملتم السلاح ضد طاغية الشام دفاعاً عن أهلكم فلا تخذلوهم، ولا تكونوا عوناً لأعداء الإسلام عليهم؛ فاقطعوا كل علاقة لكم مع الدول التي تسمي نفسها داعمة للثورة وأجهزة مخابراتها، فهي في حقيقتها داعمة لمصالحها ومصالح أسيادها؛ فهذه الدول لو كانت صادقة في ادِّعائها دعم ثورتكم؛ لحركت جيوشها لإنقاذكم من القتل والتشريد الذي تتعرضون له أنتم وأهاليكم ليل نهار من قبل السفاح بشار، ولما بقي هذا المجرم خمس سنوات يمارس علينا شتى أنواع القصف والتدمير، واعلموا أن المال السياسي الذي تقدمه هذه الدول قد جرَّ علينا الويلات؛ فأوقف الجبهات وصادر القرارات؛ وشغلكم في اقتتالٍ استنزف طاقاتكم، وبعث الأمل في عدوكم، وإن عدوكم الغرب، وعلى رأسه أمريكا، ومعه أذنابه من حكام المسلمين الخونة لدينكم، يخططون الآن لاقتتال بينكم في دمشق ما بعده اقتتال بعد انسحاب بشار منها مذؤوماً مدحوراً لتكملوا مشواره في القتل؛ فلا تجعلوا لهذه الدول عليكم سبيلاً بمالها السياسي القذر، واعلموا أنه لولا وقوف الأمة معكم وتشكيلها حاضنة لكم لقُضي عليكم منذ زمن؛ ولطاردكم النظام في الجبال، فاعتبروا مما يحصل في ليبيا والعراق واحذروا أن تنفصلوا عن حاضنتكم وأهاليكم، وانبذوا كل فرقة معتصمين بحبل الله المتين؛ متبنِّين مشروعاً سياسياً واضحاً هو مشروع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة كي تصبحوا أنتم وأمتكم سداً منيعاً في وجه كل المؤامرات التي يحوكها الغرب وأذنابه لوأد الثورة وحرفها عن مسارها، وقتها فقط لن تستطيع قوة في الأرض أن تمنع أمة أرادت رسم مستقبلها بنفسها مستقبلاً حدد معالمه الإسلام؛ ووضع أنظمته خالق الكون والإنسان والحياة، فقد آن أوان الخلافة؛ وأوشك الركب على الوصول؛ فلا تفوِّتوا الفرصة، فالله ناصر دينه لا محالة، بكم أو بغيركم.
قال تعالى: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ).
التاريخ الهجري 10 رمضان 1436هـ
التاريخ الميلادي 27 حزيران 2015م
رقم الإصدار: 23536
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير\ولاية سوريا
الأستاذ أحمد عبدالوهاب